المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد 110 & 111 /من الفوائد لأبن القيم


adnan
04-26-2014, 09:32 PM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفوائد 110 & 111
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14598b4867d6e354&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

[110] من أنواع معرفة الله تعالى
من الناس من يعرف الله بالجود و الأفضال و الإحسان , ومنهم من يعرفه
بالعفو والحلم والتجاوز, ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام, ومنهم من
يعرفه بالعلم والحكمة , ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء, ومنهم من
يعرفه بالرحمة والبر واللطف, ومنهم من يعرفه بالقهر والملك, ومنهم
من يعرفه بإجابة دعوته و إغاثة لهفته وقضاء حاجته.واعلم هؤلاء
معرفة من عرف من كلامه, فانه يعرف ربا قد اجتمعت له صفات الكمال
ونعوت الجلال, منزّه عن المثال, بريء من النقائص والعيوب, له كل اسم
حسن وكل وصف كمال, فعّال لما يريد , فوق كل شيء ومع كل شيء,
وقادر على كل شيء, ومقيم لكل شيء , آمر ناه متكلم بكلماته الدينية
والكونية, أكبر من كل شيء, وأجمل من كل شيء, أرحم الراحمين, وأقدر
القادرين, وأحكم الحاكمين . فالقرآن أنزل لتعريف عباده به, وبصراطه
الموصل إليه , و بحال السالكين بعد الوصول إليه .
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14598b4867d6e354&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
[111] حول قوله تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ }

من الآفات الخفية العامة أن يكون العبد في نعمة أنعم الله بها عليه
واختارها له, فيملها العبد و يطلب الانتقال منها إلى ما يزعم لجهله أنه
خير له منها , و ربه برحمته لا يخرجه من تلك النعمة , و يعذره بجهله
و سوء اختياره لنفسه , حتى إذا ضاق ذرعا بتلك النعمة و سخطها و
تبرّم بها و استحكم ملله لها سلبه الله إياها . فإذا انتقل إلى ما طلبه و رأى
التفاوت بين ما كان فيه و صار إليه , اشتد قلقه و ندمه و طلب العودة إلى
ما كان فيه , فإذا أراد الله بعبده خيرا و رشدا أشهده أن ما هو فيه نعمة
من نعمه عليه و رضاه به , و أوزعه شكره عليه , فإذا حدثته نفسه
بالانتقال عنه , استخار ربه استخارة جاهل بمصلحته عاجز عنها ,
مفوض إلى الله طالب منه حسن اختياره له .

و ليس على العبد أضر من ملله لنعم الله ,
فانه لا يراها نعمة , و لا يشكره عليها , و لا يفرح بها , بل يسخطها ,
و يشكو و يعدّها مصيبة . هذا و هي من أعظم نعم الله عليه , فأكثر الناس
أعداء نعم الله عليهم , و لا يشعرون بفتح الله عليهم نعمه , و هم
مجتهدون في دفعها و ردها جهلا و ظلما . فكم سعت إلى أحدهم من نعمة
, و هو ساع في ردها بجهده , و كم وصلت إليه و هو ساع في دفعها
و زوالها بظلمه وجهله ,
قال تعالى :

{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ }
الأنفال 53,

و قال تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ }
الرعد11.

فليس للنعم أعدى من نفس العبد , فهو مع عدوه ظهير على نفسه ,
فعدوه يطرح النار في نعمه وهو ينفخ فيها , فهو الذي مكّنه من طرح
النار ثم أعانه بالنفخ , فإذا اشتدّ ضرامها استغاث من الحريق و كان
غايته معاتبة الأقدار :

و عاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدر