المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق الرفق في حياة النبي ( 03 - 03 )


adnan
04-28-2014, 08:39 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله


خلق الرفق في حياة النبي ( 03 - 03 )
صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1459e647a438b860&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
11- الرفق مع النفس في التطوع :
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

( كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم )

وكان عمله ديمة ولو قلَّ. وقال :

( خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا )

ونهى عبد الله بن عمرو عن المبالغة في العبادة خشية تضييع
الحقوق والواجبات.

ومع كون الرفق غالبًا على تصرفات النبي في كثير من أحواله إلا أنه
استعمل الشدة في أحوال خاصة كانت الشدة هي اللائقة بها والمناسبة
لها وتتحقق فيها المصلحة أكثر من الرفق وسلوكها مقتضى العدل
وكمال العقل الذي دلَّ عليه الشرع:

(1) في إقامة الحدود :
عن أبي هريرة وزيد الجهني أن النبي قال:

( والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم
رَدٌّ عليك وعلى ابنك جلدُ مائة وتغريب عام واغْدُ يا أنيس
إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها )

وكان لا تأخذه رأفة ورحمة في إقامة الحدود وتنفيذها.

(2) في مقام التعزير :
كما في قصة هجر كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلف الثلاثة عن غزوة
تبوك فهجرهم النبي والصحابة خمسين يومًا حتى ضاقت عليهم الأرض
بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم ولم يكن أحد يجالسهم أو يكلمهم
أو يحيهم حتى أنزل الله في كتابه توبته عليهم والقصة ثابتة في الصحيحين.

(3) في تأديب الزوجة :
فقد هجر نساءه شهرًا وامتنع عن وطئهن واعتزل بيوتهن في مشربة له
لما ألحفن عليه في النفقة كما في الصحيحين من حديث ابن عباس:

( أَن النبي آلَى من نسائه شهرًا
فلما مضت تسع وعشرون نزل إليهن ).

(4) في قتال الكفار وجهادهم :
قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ
وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
[التوبة: 73].

(5) في زجر العاصي المعاند:
عن سلمة بن الأكوع قال:

( أن رجلاً أكل عند رسول الله بشماله فقال: "كُلْ بيمينك".
قال: لا أستطيع.قال: "لا استطعت". ما منعه إلا الكبر.
قال: فما رفعهما إلى فِيه )

(6) في النهي عن البدع والمحدثات :
لما رأى عمر بيده التوراة غضب وأنكر عليه بقوله:

( لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا
وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما إن تكذبوا بحق وإنه والله
لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني )

ومع ذلك فلم يكن في شدته ظلم لأحدٍ أو مجاوزة لحدود الله في حقوق
الخلق وحرمتهم.فالفقه في هذا الباب أن المشروع للمسلم استعمال الرفق
في سائر الأمور إلا إذا دعت الحاجة واقتضت المصلحة في استعمال الشدة
فيكون ترك الرفق في هذا المقام مشروعًا.وبهذا يتبين أن سلوك الرفق
في كل شيء حتى إذا انتهكت محارم الله وضيِّعت الحقوق وأميتت السُّنَّة
مسلكٌ خاطئ مخالف للشرع وقد ثبت في الصحيح أن النبي يغضب إذا
انتهكت محارم الله.وكذلك سلوك الشدة في سائر الأحوال والأمور مسلك
خاطئ يفضي إلى تنفير الناس وصرفهم عن الحق ووقوع العداوة
والبغضاء وقد أمر النبي بالتيسير وعدم التعسير وكان يرشد
أصحابه بذلك إذا بعثهم إلى الأمصار.

والحاصل أن
الفقه والبصيرة في الدين هي أن الأصل في الأمور كلها الرفق إلا
في أحوال قليلة تستعمل الشدة.

قال النووي في شرح حديث الرفق:
وفيه حث على الرفق والصبر والحلم وملاطفة الناس ما لم تدع حاجة إلى المخاشنة

وهذا المسلك الحق من توفيق الله للعبد وتيسيره. فهنيئًا بمن اقتدى
بالرسول الكريم وكان رفيقًا لطيفًا متسامحًا تاركًا للعنف والشدة
هينًا قريبًا يألف ويؤلف.

الفقير إلى الله عبد العزيز