المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد 114 & 115 / من الفوائد لابن القيم


adnan
04-28-2014, 09:15 PM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفائدتان 114 & 115
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=145a3747f3787b5c&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

[114] نظرات في الجمال
و قابلهم الفريق الثاني فقالوا : قد ذم الله سبحانه و تعالى جمال الصور ,
و تمام القامة و الخلقة ,
فقال عن المنافقين :

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ }
المنافقون4 ,

و قال :

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً }
مريم74,

أي أموالا و مناظر .

قال الحسن:
هو الصور تفسير ابن كثير 3\134.

و في صحيح مسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم :

( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم
وإنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم )
كتاب البر و الصلة 4\1986.

قالوا : و معلوم أنه لم ينف نظر الإدراك , و إنما نفى نظر المحبة قالوا :
و قد حرّم علينا لباس الحرير و الذهب و آنية الذهب و الفضة , و ذلك من
أعظم جمال الدنيا , و قال :

{ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ }
طه 131,

و في الحديث

( البذاذة من الإيمان )
النهاية في غريب الحديث 1\110 .

و قد ذم الله المسرفين . و السرف كما يكون في الطعام
والشراب يكون في اللباس .

و فصل النزاع أن يال :
الجمال في الصورة و اللباس و الهيئة ثلاثة أنواع : منه ما يحمد , و منه
ما يذم , و منه ما لا يتعلق به مدح و لا ذم . فالمحمود منه ما كان لله ,
و أعان على طاعة الله, و تنفيذ أوامره , و الاستجابة له, كما كان النبي
صلى الله عليه و سلم يتجمّل للوفود . وهو نظير آلة الحرب للقتال و لباس
الحرير في الحرب و الخيلاء فيه . فان ذلك محمود إذا تضمّن إعلاء كلمة
الله, و نصر دينه , وغيظ عدوّه . و المذموم منه ما كان للدنيا والرئاسة
و الفخر والخيلاء و التوسل إلى الشهوات , و أن يكون هو غاية العبد
و أقصى مطلبه . فان كثيرا من النفوس ليس لها همّة في سوى ذلك
و أما ما لا يحمد و لا يذم فهو ما خلا عن هذين القصدين ,
و تجرّد عن الوصفين ..والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على
أصلين عظيمين: فأوله معرفة , و آخره سلوك . فيعرف الله سبحانه
بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء , و يعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال
و الأعمال و الأخلاق . فيحب من عبده أن يحمل لسانه بالصدق , وقلبه
بالإخلاص و المحبة و الإنابة و التوكل , و جوارحه بالطاعة , و بدنه
بإظهار نعمه عليه في لباسه , و تطهيره له من الأنجاس والأحداث
و الأوساخ والشعور المكروهة و الختان وتقليم الأظافر, فيعرفه
بصفات الجمال الذي هو وصفه, و يعبده بالجمال الذي هو شرعه
ودينه, فجمع الحديث قاعدتين : المعرفة و السلوك .
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=145a3747f3787b5c&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
[115] صدق العبد مع ربه
ليس للعبد شيء أنفع من صدقه ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة ,
فيصدقه في عزمه و في فعله ,
قال تعالى :

{ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ }
محمد 21,

فسعادته في صدق العزيمة و صدق الفعل , فصدق العزيمة جمعها
وجزمها وعدم التردد فيها بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد و لا تلوّم .
فإذا صدقت عزيمته بقي عليه صدق الفعل , و هو استفراغ الوسع
و بذل الجهد فيه , و أن لا يتخلّف عنه بشيء من ظاهره و باطنه ,
فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الإرادة و الهمّة , و صدق الفعل يمنعه
من الكسل و الفتور . و من صدق الله في جميع أموره صنع الله له
فوق ما يصنع لغيره . و هذا الصدق معنى يلتئم من صحّة الإخلاص
و صدق التوكّل , فأصدق الناس من صحّ إخلاصه و توكّله .