المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 01.07.1435


adnan
05-01-2014, 11:33 AM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

[ أمور نهى عنها الشارع مخالفة للكفار ]

كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره مشابهة أهل الكتابين في ...
الآصار والأغلال، وزجر أصحابه عن التبتل،
وقال:

( لا رهبانية في الإسلام )

وأمر بالسحور ، ونهى عن المواصلة ، وقال فيما يعيب أهل الكتابين
ويحذر موافقتهم:

( فتلك بقاياهم في الصوامع )

وهذا باب واسع جداً.
ومما جاء في مخالفتهم الأمر بصبغ الشيب لأن اليهود والنصارى
لا يصبغون، والفعل المأمور به إذا عبر عنه بلفظ مشتق من معنى
أعم فلابد أن يكون المشتق أمراً مطلوباً.

ولما دل عليه معنى الكتاب:
جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين
التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم.

ففي (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم )

أمر بمخالفتهم، وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمراً مقصوداً
للشارع، لأنه: إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود، وإن كان
الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط - فهو لأجل ما فيه من المخالفة.
فالمخالفة: إما علة مفردة، أو علة أخرى، أو بعض علة
ومما جاء أيضاً كما في (الصحيحين)
عن ابن عمر رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( خالفوا المشركين: أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى )
رواه البخاري و مسلم وهذا لفظه،

فأمر بمخالفة المشركين مطلقاً، ثم قال:

( أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى )

وهذه الجملة الثانية بدل من الأولى، فإن الإبدال يقع في الجمل،
كما يقع في المفردات
كقوله تعالى:

{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ
يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }
[البقرة:49].

فهذا الذبح والاستحياء:
هو سوء العذاب، كذلك هنا: هذا هو المخالفة للمشركين المأمور بها هنا،
لكن الأمر بها أولاً بلفظ مخالفة المشركين دليل على أن جنس المخالفة
أمر مقصود للشارع، وإن عينت هنا في هذا الفعل، فإن تقديم المخالفة
علة تقديم العام على الخاص، كما يقال: أكرم ضيفك أطعمه وحادثه،
فأمرك بالإكرام أولاً دليل على أن إكرام الضيف مقصود، ثم عينت الفعل
الذي يكون إكراماً في ذلك الوقت، والتقرير من هذا الحديث شبيه بالتقرير
من قوله:

( لا يصبغون فخالفوهم )

وقد روى مسلم في (صحيحه)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس ) .

مخالفة المجوس أمر مقصود للشارع:
فعقب الأمر بالوصف المشتق المناسب، وذلك دليل على أن مخالفة
المجوس أمر مقصود للشارع، وهو العلة في هذا الحكم، أو علة أخرى،
أو بعض علة، وإن كان الأظهر عند الإطلاق: أنه عامة تامة، لهذا لما
فهم السلف كراهة التشبه بالمجوس، في هذا وغيره - كرهوا أشياء غير
منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدي المجوس.

النهي عن حلق القفا مخالفة للمجوس:

قال المروذي:
سألت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - عن حلق القفا، فقال:
هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

وقال - أيضاً - قيل لـ أبي عبد الله:
يكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهه؟ فقال: أما أنا فلا أحلق قفاي

وقد روي فيه حديث مرسل عن قتادة: كراهيته، وقال: إن حلق القفا
من فعل المجوس.قال: وكان أبو عبد الله يحلق قفاه وقت الحجامة.

وقال أحمد - أيضاً -:
لا بأس أن يحلق قفاه وقت الحجامة.

وقد روى عنه ابن منصور، قال:
سألت أحمد عن حلق القفا، فقال: لا أعلم فيه حديثاً، إلا ما يروى
عن إبراهيم أنه كره قرداً يرقوس ذكر الخلال هذا، وغيره.

وذكر - أيضاً - بإسناده، عن الهيثم بن حميد، قال:
حف القفا من شكل المجوس.

وعن المعتمر بن سليمان التيمي قال:
كان أبي إذا جز شعره لم يحلق قفاه، قيل له لم؟ قال: كان يكره
أن يتشبه بالعجم.

والسلف تارة يعللون الكراهة بالتشبه بأهل الكتاب، وتارة بالتشبه
بالأعاجم، وكلا العلتين منصوصة في السنة، مع أن الصادق –
صلى الله عليه وسلم، قد أخبر بوقوع المشابهة لهؤلاء وهؤلاء،

ومن ذلك أيضاً الأمر بالسحور، مخالفة لأهل الكتاب:
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكلة السحر )
رواه مسلم في (صحيحه)

وما رواه أبو داود من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( لا تزال أمتي بخير - أو على الفطرة - ما لم يؤخروا المغرب
إلى أن تشتبك النجوم )
ورواه ابن ماجه من حديث العباس،
ورواه الإمام أحمد من حديث السائب بن يزيد.

وقد جاء مفسراً، تعليله:
لا يزالون بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى طلوع النجم، مضاهاة لليهودية
ويؤخروا الفجر إلى محاق النجوم: مضاهاة للنصرانية.

قال سعيد بن منصور:
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الصلت بن بهرام، عن الحارث بن وهب، عن
أبي عبد الرحمن الصنابحي، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( لا تزال أمتي على مسكة ما لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النجوم
، مضاهاة لليهودية، ولم ينتظروا بالفجر محاق النجوم،
مضاهاة للنصرانية، ولم يكلوا الجنائز إلى أهلها ) .

ومن مخالفة أهل الكتاب أيضاً
الأمر بتعجيل الفطور ... وهذا يدل على أن الفصل بين العبادتين: أمر
مقصود للشارع، وقد صرح بذلك - فيما رواه - أبو داود،
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم:

( لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر،
لأن اليهود والنصارى يؤخرون ) ،

وهذا نص في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر لأجل مخالفة اليهود
والنصارى.وإذا كان مخالفتهم سبباً لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال
الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله، فيكون نفس مخالفتهم من أكبر
مقاصد البعثة.ومن ذلك ما جاء في النهي عن الوصال قال سعيد بن منصور:
حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط، عن أبيه
عن ليلى - امرأة بشير بن الخصاصية - قالت:

( أردت أن أصوم يومين مواصلة، فنهاني عنه بشير، وقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني عن ذلك، وقال: إنما
يفعل ذلك النصارى، صوموا كما أمركم الله، وأتموا الصوم
كما أمركم الله، وأتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا )
وقد رواه أحمد في (المسند).

فعلل النهي عن الوصال:
بأنه صوم النصارى، وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشبه
أن يكون من رهبانيتهم التي ابتدعوهاومن ذلك ما جاء من النهي
عن مشابهة اليهود في ترك مؤاكلة المرأة حال حيضها
عن أنس رضي الله عنه:

( أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها،
ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل:

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ }
[البقرة: 222]