المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد من 130 إلى 132 / الفوائد لابن القيم


adnan
05-04-2014, 07:51 PM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفوائد من 130 إلى 132
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=145bd17731777cc4&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
[130] من كلام أحد الصالحين
قيل لي في نوم كاليقظة أو يقظة كالنوم .

لا تبد فاقة الى غيري فأضاعفها عليك مكافأة لخروجك
عن حدك في عبوديتك .

ابتليتك بالقر لتصير ذهبا خالصا فلا تزيفن بعد السبك .

حكمت لك بالفقر ولنفسي الغنى, فان وصلتها بي وصلتك بالغنى,
وان وصلتها بغيري حسمت عنك مواد معونتي طردا لك عن بابي .

لا تركنن الى شيء دوننا فانه وبال عليك, وقاتل لك. وان ركنت الى العمل
ردنناه عليك, وان ركنت الى المعرفة نكرناها عليك, وان ركنت الى الوجد
استدرجناك فيه, وان ركنت الى العمل أوقفناك معه, وان ركنت الى
المخلوقين وكلناك اليهم, ارضنا لك ربا نرضاك لنا عبدا .
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=145bd17731777cc4&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
[131] (فائدة) الشهقة التي تعرض عند سماع القرآن أو غيره
لها أسباب :

أحدها: أن يلوح له عند السماع درجة ليست له, فيرتاح اليها,
فتحدث الشهقة, فهذه شهقة شوق .

وثانيها: أنيلوح له ذنب ارتكبه, فيشهق خوفا وحزنا على نفسه,
وهذه شهقة خشية .

وثالثها: أن يلوح له نقص فيه لا يقدر على دفعه عنه, فيحدث له ذلك
حزنا. فيشهق شهقة حزن .

ورابعها: أن يلوح له كمال محبوبه, ويرى الطريق اليه مسدودة عنه,
فيحدث ذلك شهقة أسف وحزن .

وخامسها: أن يكون قد توارى عنه محبوبه, واشتغل بغيره , فذكره
السماع محبوبه, فلاح له جماله , و رأى الباب مفتوحا والطريق ظاهرة ,
فشهق فرحا وسرورا بما لاح له .

وبكل حال فسبب الشهقة قوة الوارد, وضعف المحل عند الاحتمال. والقوة
أن يعمل ذلك الوارد عمله داخلا ولا يظهر عليه, وذلك أقوى له وأدوم,
فانه اذا أظهره ضعف أثره وأوشك انقطاعه. هذا حكم الشهقة من
الصادق, فان الشاهق اما صادق واما سارق واما منافق .
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=145bd17731777cc4&attid=0.6&disp=emb&zw&atsh=1
[132] (قاعدة نافعة) الفكر مبدأ الإرادة وهو أصل الخير والشر
أصل الخير والشر من قبل التفكّر, فن الفكر مبدأ الارادة والطلب في الزهد
والترك والحب والبغض. وأنفع الناس الفكر الفكر في مصالح المعاد وفي
طرق اجتلابها وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها, فهذه أربعة
أفكار من أجل الأفكار. ويليها أربعة: فكّر في مصالح الدنيا وطرق
تحصيلها, وفكّر في مفاسد الدنيا وطرق الاحتراز منها, فعلى هذه
الأقسام الثمانية دارت أفكار العقلاء. ورأس القسم الأول الفكر في آلاء الله
ونعمه, وأمره ونهيه, وطرق العلم به وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم وما والاهما, وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة
والمعرفة. فاذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها, وفي الدنيا خستها
وفنائها, أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة, والزهد في الدنيا, وكلما فكّر
في قصر الأمل, وضيق الوقت, أورثه ذلك الجد والاجتهاد, وبذل الوسع
في اغتنام الوقت ..

وهذه الأفكار تعلي همّته, وتحييها بعد موتها, وسفولها, وتجعله في واد
والناس في واد. وبازاء هذه الأفكار الرديئة التي تجول في قلوب أكثر هذا
الخلق, كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه, ولا أعطى الاحاطة به من فضول
العلم الذي لا ينفع, كالفكرفي كيفية ذات الرب وصفاته, مما لا سبيل
للعقول الى ادراكه, ومنها الفكر في الصناعات الدقيقة التي لا تنفع بل
تضر, كالفكر في الشطرنج والموسيقى وأنواع الأشكال والتصاوير ..
ومنها الفكر في العلوم التي لو كانت صحيحة لم يعط الفكر فيها النفس
كمالا ولا شرفا, كالفكر في دقائق المنطق والعلم الرياضي والطبيعي,
وأكثر علوم الفلاسفة التي لو بلغ الانسان غاياتها لم يكمل بذل ولم يزك بنفسه .
ومنها الفكر في الشهوات واللذات وطرق تحصيلها, وهذا وان كان للنفس
فيه لذة لكن لا عاقبة له, ومضرّته في عاقبة الدنيا قبل الآخرة أضعاف
مسرّته. ومنها الفكر فيما لم يكن لو كان كيف كان يكون, كالفكر فيما اذا
صار ملكا, أو وجد كنزا, أو ملك ضيعة, ماذا يصنع؟ وكيف يتصرّف,
ويأخذ, ويعطي, وينتقم؟ نحو ذلك من أفكار السفل . ومنها الفكر في
جزئيات أحوال الناس ومداخلهم ومخارجهم وتوابع ذلك من فكر النفوس
المبطلة الفارغة من الله ورسوله والدار الآخرة. ومنها الفكر في أنواع
الشعر وصروفه وأفانينه في المدح والهجاء والغزل والمراثي ونحوها,
فانه يشغل الانسان عن الفكر فيما فيه سعادته وحياته الدائمة. ومنها الفكر
في المقدرات الذهنية التي لا وجود لها في الخارج ولا بالناس حاجة اليها
البتة, وذلك موجود في كل علم حتى في علم الفقه والأصول والطب, فكل
هذه الأفكار مضرّتها أرجح من منفعتها ويكفي في مضرّتها شغلها عن
الفكر فيما هو أولى به وأعود عليه بالنفع عاجلا وآجلا .