تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سـراريه عليه الصلاة و السلام


adnan
06-22-2014, 09:30 PM
الأخ / مصطفى آل حمد


فصل في ذكر سراريه عليه السلام
البداية والنهاية لابن كثير
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=146be27f97bf3c91&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
كانت له عليه السلام سريتان‏:‏
إحداهما‏:‏ مارية بنت شمعون القبطية، أهداها له صاحب إسكندرية واسمه‏:‏
جريج بن مينا، وأهدى معها أختها شيرين، وذكر أبو نعيم أنه أهداها في
أربع جواري، والله أعلم‏.‏

وغلاماً خصياً اسمه‏:‏ مابور، وبغلة يقال لها‏:‏ الدلدل، فقبل هديته واختار
لنفسه مارية، وكانت من قرية ببلاد مصر يقال لها‏:‏ حفن من كورة أنصنا،
وقد وضع عن أهل هذه البلدة معاوية ابن أبي سفيان في أيام إمارته
الخراج إكراماً لها من أجل أنها حملت من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
بولد ذكر، وهو‏:‏ إبراهيم عليه السلام‏.‏

قالوا‏:‏ وكانت مارية جميلة بيضاء، أعجب بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
وأحبها وحضيت عنده، ولا سيما بعد ما وضعت إبراهيم ولده‏.‏وأما أختها
شيرين فوهبها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لحسان بن ثابت فولدت له
ابنه‏:‏ عبد الرحمن بن حسان‏.‏

وأما الغلام الخصي‏:‏ وهو‏:‏ مابور فقد كان يدخل على مارية وسيرين
بلا إذن كما جرت به عادته بمصر، فتكلَّم بعض النَّاس فيها بسبب ذلك،
ولم يشعروا أنه خصي حتَّى انكشف الحال على ما سنبينه
قريباً إن شاء الله‏.‏

وأما البغلة‏:‏ فكان عليه السلام يركبها‏.‏

والظاهر‏:‏ والله أعلم أنها التي كان راكبها يوم حنين، وقد تأخرَّت هذه
البغلة وطالت مدتها حتَّى كانت عند علي بن أبي طالب في أيام إمارته
ومات فصارت إلى عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب، وكبرت حتَّى كان
يجش لها الشعير لتأكله‏.‏

قال أبو بكر بن خزيمة‏:‏
حدثنا محمد بن زياد بن عبد الله، أنبأنا سفيان بن عيينة عن بشير
بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة بن الخصيب، عن أبيه قال‏:‏ أهدى
أمير القبط إلى رسول الله جاريتين أختين، وبغلة فكان يركب البغلة
بالمدينة، واتخذ إحدى الجاريتين فولدت له إبراهيم ابنه، ووهب الأخرى‏.‏

وقال الواقدي‏:
‏ حدثنا يعقوب بن محمد ابن أبي صعصعة عن عبد الله بن عبد الرحمن
ابن أبي صعصعة قال‏:‏ كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعجب بمارية
القبطية، وكانت بيضاء جعدة جميلة فأنزلها وأختها على أم سليم بنت
ملحان، فدخل عليهما رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فعرض عليهما
الإسلام فأسلمتا هناك، فوطئ مارية بالملك، وحولها إلى مالٍ له بالعالية
كان من أموال بني النضير، فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل،
فكان يأتيها هناك وكانت حسنة الدين، ووهب أختها شيرين لحسان
بن ثابت فولدت له عبد الرحمن، وولدت مارية لرسول الله غلاماً سماه
إبراهيم، وعقَّ عنه بشاة يوم سابعه، وحلق رأسه وتصدَّق بزنة شعره
فضة على المساكين، وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه إبراهيم،
وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فخرجت إلى
زوجها أبي رافع فأخبرته بأنها قد ولدت غلاماً، فجاء أبو رافع
إلى رسول اللهفبشَّره فوهب له عقداً، وغار نساء رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم واشتد عليهن حين رزق منها الولد‏.‏

وروى الحافظ أبو الحسن الدارقطني عن أبي عبيد القاسم بن إسماعيل،
عن زياد بن أيوب، عن سعيد بن زكريا المدائني، عن ابن أبي سارة،
عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لما ولدت مارية
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏

‏( ‏أعتقها ولدها‏ ‏‏)‏‏.‏

ثم قال الدارقطني‏:
‏ تفرَّد به زياد بن أيوب وهو ثقة‏.‏

وقد رواه ابن ماجه من حديث حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبَّاس
عن عكرمة، عن ابن عبَّاس بمثله‏.‏

ورويناه من وجه آخر، وقد أفردنا لهذه المسألة وهي بيع أمهات الأولاد
مصنفاً مفرداً على حدته، وحكينا فيه أقوال العلماء بما حاصله يرجع إلى
ثمانية أقوال، وذكرنا مستند كل قول ولله الحمد والمنة‏.‏

وقال يونس بن بكير
عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن علي ابن أبي طالب
عن أبيه، عن جده علي ابن أبي طالب قال‏:‏ أكثروا على مارية أم إبراهيم
في قبطي ابن عم لها يزورها ويختلف إليها‏.‏
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏

‏(‏‏ ‏خذ هذا السيف فانطلق، فإن وجدته عندها فاقتله‏ ‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة
لا يثنيني شيء حتَّى أمضي لما أمرتني به، أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب‏.‏
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏

‏(‏‏ ‏بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ‏‏)‏‏.‏

فأقبلت متوشحاً السيف، فوجدته عندها، فاخترطت السيف، فلما رآني
عرف أني أريده، فأتى نخلة فرقي فيها، ثم رمى بنفسه على قفاه، ثم شال
رجليه، فإذا به أجب أمسح ماله مما للرجال لا قليل ولا كثير،
فأتيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبرته

وقال الإمام أحمد‏:‏
حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا سفيان، حدثني محمد بن عمر بن علي ابن
أبي طالب عن علي قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله إذا بعثتني أكون كالسكة
المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب‏؟‏
قال‏:‏

‏(‏‏ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب‏ ‏‏)‏‏.‏

هكذا رواه مختصراً وهو أصل الحديث الذي أوردناه، وإسناده رجال ثقات‏.‏
وقال الطبراني‏:‏ حدثني محمد بن عمرو بن خالد الحراني، حدثنا أبي،
حدثنا ابن لهيعة عن يزيد ابن أبي حبيب وعقيل عن الزُّهري، عن أنس
قال‏:‏ لما ولدت مارية إبراهيم كاد أن يقع في النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
منه شيء حتَّى نزل جبريل عليه السلام فقال‏:‏

‏(‏‏ ‏السلام عليك يا أبا إبراهيم ‏‏)‏‏.‏

وقال أبو نعيم‏:‏
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو بكر ابن أبي عاصم، حدثنا محمد بن
يحيى الباهلي، حدثنا يعقوب بن محمد عن رجل سماه، عن الليث بن سعد،
عن الزُّهري، عن عروة، عن عائشة قالت‏:‏ أهدى ملك من بطارقة الرُّوم
يقال له‏:‏ المقوقس جارية قبطية من بنات الملوك يقال لها‏:‏ مارية، وأهدى
معها ابن عم لها شاباً فدخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منها ذات يوم
خلوته فأصابها حملت بإبراهيم‏.‏

قالت عائشة‏:‏ فلما استبان حملها جزعت من ذلك، فسكت رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يكن لها لبن فاشترى لها ضأنة لبوناً تغذِّي منها
الصبي، فصلح إليه جسمه وحسن لونه، وصفا لونه، فجاءته ذات يوم
تحمله على عاتقها فقال‏:‏

( يا عائشة كيف ترين الشبه‏ ‏‏)‏‏.‏

فقلت‏:‏ أنا وغيري ما أرى شبهاً‏.‏

فقال‏:‏

‏(‏‏ ‏ولا اللحم‏؟‏‏ )‏‏.‏

فقلت‏:‏ لعمري من تغذى بألبان الضأن ليحسن لحمه‏.‏

قال الواقدي‏:
‏ ماتت مارية في المحرم سنة خمس عشرة، فصلى عليها عمر
ودفنها في البقيع‏.‏

وكذا قال المفضل بن غسان الغلابي، وقال خليفة وأبو عبيدة،
ويعقوب بن سفيان‏:‏ ماتت سنة ست عشرة رحمها الله‏.‏
ومنهن‏:‏ ريحانة بنت زيد من بني النضير ويقال‏:‏ من بني قريظة‏.‏

قال الواقدي‏:‏
كانت ريحانة بنت زيد من بني النضير، ويقال‏:‏ من بني قريظة‏.‏

قال الواقدي‏:‏
كانت ريحانة بنت زيد من بني النضير، وكانت مزوَّجة فيهم، وكان رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم قد أخذها لنفسه صفياً، وكانت جميلة فعرض عليها
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن تسلم فأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم ووجد في نفسه، فأرسل إلى ابن شعبة فذكر له ذلك‏.‏

فقال ابن شعبة‏:‏
فداك أبي وأمي هي تسلم، فخرج حتَّى جاءها فجعل يقول لها‏:‏ لا تتبعي
قومك فقد رأيت ما أدخل عليهم حُيي بن أخطب، فأسلمي يصطفيك رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم لنفسه، فبينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
في أصحابه إذ سمع وقع نعلين فقال‏:‏

‏(‏‏ ‏إن هاتين لنعلاً ابن شعبة يبشرني بإسلام ريحانة ‏‏)‏‏.‏

فجاء يقول‏:‏ يا رسول الله قد أسلمت ريحانة‏.‏ فسُرَّ بذلك‏.‏

وقال محمد بن إسحاق‏:‏
لما فتح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قريظة اصطفى لنفسه ريحانة
بنت عمرو بن خنافة، فكانت عنده حتَّى توفي عنها وهي في ملكه، وكان
عرض عليها الإسلام ويتزوجها فأبت إلا اليهودية، ثم ذكر من
إسلامها ما تقدم‏.‏

وقال الواقدي‏:
‏ ثنا عاصم بن عبد الله بن الحكم عن عمر بن الحكم قال‏:‏ أعتق رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة، وكانت عند
زوج لها وكان محباً لها مكرماً فقالت‏:‏ لا أستخلف بعده أحداً أبداً، وكانت
ذات جمال، فلما سبيت بنو قريظة عرض السبي على رسول الله
صلى الله عليه وسلم‏.‏قالت‏:‏ فكنت فيمن عرض عليه فأمر بي فعزلت،
وكان يكون له صفي في كل غنيمة، فلما عزلت خار الله لي فأرسل بي إلى
منزل أم المنذر بنت قيس أياماً حتَّى قتل الأسرى وفرق السبي، فدخل علي
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فتجنبت منه حياء، فدعاني فأجلسني
بين يديه فقال‏:

‏ ‏(‏‏ ‏إن اخترت الله ورسوله اختارك رسول الله لنفسه‏ )‏‏.‏

فقلت‏:‏ إني أختار الله ورسوله، فلما أسلمت أعتقني رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم وتزوَّجني وأصدقني اثنتي عشرة أوقية ونشّا، كما
كان يصدق نساءه وأعرس بي في بيت أم المنذر، وكان يقسم لي كما
يقسم لنسائه، وضرب عليَّ الحجاب‏.‏

قال‏:‏ وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم معجباً بها،
وكانت لا تسأله شيئاً إلا أعطاها‏.‏

فقيل لها‏:‏ لو كنت سألت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بني قريظة
لأعتقهم، فكانت تقول‏:‏ لم يخل بي حتَّى فرق السبي، ولقد كان يخلو بها
ويستكثر منها، فلم تزل عنده حتَّى ماتت مرجعه من حجة الوداع فدفنها
بالبقيع، وكان تزويجه إياها في المحرم سنة ست من الهجرة‏.‏

وقال ابن وهب عن يونس بن يزيد، عن الزُّهري قال‏:‏
استسر رسول الله ريحانة من بني قريظة ثم أعتقها فلحقت بأهلها‏.‏

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى‏:‏
كانت ريحانة بنت زيد بن شمعون من بني النضير،

وقال بعضهم‏:‏
من بني قريظة، وكانت تكون في نخل من نخل الصدقة، فكان رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم يقيل عندها أحياناً، وكان سباها في شوال سنة أربع‏.‏

وقال أبو بكر ابن أبي خيثمة‏:‏
ثنا أحمد بن المقدام، ثنا زهير عن سعيد، عن قتادة قال‏:‏ كانت لرسول الله
وليدتان‏:‏ مارية القبطية، وريحه أو ريحانة بنت شمعون بن زيد بن خنافة
من بني عمرو بن قريظة، كانت عند ابن عم لها يقال له‏:‏ عبد الحكم فيما
بلغني، وماتت قبل وفاة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى‏:‏
كانت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أربع ولائد‏:‏ مارية القبطية،
وريحانة القرظية، وكانت له جارية أخرى جميلة فكادها نساؤه وخفن
أن تغلبهن عليه، وكانت له جارية نفيسة وهبتها له زينب، وكان هجرها
في شأن صفية بنت حيي ذا الحجة والمحرم وصفر، فلما كان شهر ربيع
الأول الذي قبض فيه رضي عن زينب ودخل عليها فقالت‏:‏ ما أدري ما
أجزيك فوهبتها له صلَّى الله عليه وسلَّم

وقد روى سيف بن عمر عن سعيد بن عبد الله، عن ابن أبي مليكة، عن
عائشة أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقسم لمارية
وريحانة مرة، ويتركهما مرة‏.‏

وقال أبو نعيم‏:‏
قال أبو محمد بن عمر الواقدي‏:‏ توفيت ريحانة سنة عشرة،
وصلى عليها عمر بن الخطاب ودفنها بالبقيع، ولله الحمد‏.‏