المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب الحوار


adnan
08-11-2014, 09:12 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله


آداب الحوار

ينتقل الدكتور حسن خليل الى الحديث عن آداب الحوار فيقول:
هذه آداب الحوار وهي ليست أصولاً تقدم بمعنى قواعد، لكنها آداب اذا لم
يتسلح بها المتحاورون فغالباً يطول نقاشهم وتسوء صدورهم
وتضيق قلوبهم.

الأول:
التزام القول الحسن وتجنب منهج التحدي والاقحام ان من أهم ما يتوجه
اليه المحاور في حواره هو التزام الحسنى في القول والمجادلة
ففي محكم التنزيل:

{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }
(الاسراء:53)

وقوله سبحانه وتعالى:

{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }
(النحل:125)

وقوله:

{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنا ً}
(البقرة:83).

فحق العاقل اللبيب الطالب للحق ان
ينأى بنفسه عن أسلوب الطعن والتجريح والتهزئة والسخرية وألوان
الاحتقار والاثارة والاستفزاز.

ومن لطائف التوجيهات الالهية لنبينا
محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الباب:
الانصراف عن التعنيف في الرد على أهل الباطل حيث قال الله لنبيه:

{ وَاِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ *
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
(الحج:68-69)

الثاني:
توضيح عبارات المحاور من غاية الأدب واللباقة بالقول وعبارة الحوار:
ألاَّ يفترض في صاحبه الذكاء المفرط فيكلمه بعبارات مختزلة أو اشارات
بعيدة ومِنْ ثمَّ فلا يفهم كما لا يظن فيه الغباء والسذاجة أو الجهل المطبق
فيبالغ في شرح ما لا يحتاج الى شرح وتبسيط ما لا يحتاج الى تبسيط
ولا شك ان الناس بين ذلك درجات في عقولهم وفهمهم فهذا عقله متسعٌ
بنفسٍ رحبة وهذا ضيِّق العقل وآخر يميل الى الأحوط في جانب التضييق
وآخر يميل الى التوسع وهذه العقليات والمدارك تُؤثر في فهم ما يُقال فذو
العقل اللماح يستوعب ويفهم حرفية النص وفحواه ومراد المتكلم وما بين
السطور وآخر دون ذلك بمسافات

ولقد قال أبو جعفر المنصور للامام مالك لما أراد تصنيف الموطأ:
تجنب شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ
ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.

الثالث:
الالتزام بموقف محدد في الكلام ومن الآداب: الالتزام بموقف محدد في
الكلام فينبغي ان يستقر في ذهن المحاور ألا يستأثر بالكلام ويستطيل في
الحديث ويسترسل بما يخرج عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع ومن
المفيد ان تعلم ان أغلب أسباب الاطالة في الكلام،ومقاطعة أحاديث الرجال
يرجع الى ما يلي:

أولاً: اعجاب المرء بنفسه.
الثاني: حب الشهرة والثناء.
الثالث: ظن المتحدث ان ما يأتي به جديدٌ على الناس.
رابعاً: قلة اللامبالاة بالناس في علمهم ووقتهم وظرفهم.

والذي يبدو ان واحداً من هذه الأربعة اذا استقر في نفوس السامعين كافٍ
في صرفهم وصدودهم ومللهم واستثقالهم لمحدثيهم.

الرابع:
الاخلاص هذه الخصلة من الأدب متممة لما ذُكِرَ من أصل التجرد في طلب
الحق الى آخره ومن أجلى المظاهر في ذلك ان يُدافع المناظر
والمتحاورعن نفسه حب الظهور والتميز على الأقران واظهار البراعة
وعمق الثقافة والتعالي عن النظراء والانداد.ان قصد انتزاع الاعجاب
والثناء واستجلاب المديح مفسدٌ للأمر صارف عن الغاية