المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقعة الولجة‏


adnan
08-28-2014, 09:21 PM
الأخ / مصطفى آل حمد



وقعة الولجة‏
من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله

ثمَّ كان أمر الولجة في صفر أيضاً من هذه السَّنة فيما ذكره ابن جرير،
وذلك لأنَّه لمَّا انتهى الخبر بما كان بالمذار من قبل قارن وأصحابه إلى
أردشير وهو ملك الفرس يومئذ، بعث أميراً شجاعاً يقال له‏:‏ الأندر زغر
وكان من أبناء السَّواد ولد بالمدائن، ونشأ بها، وأمدَّه بجيش آخر مع أمير
يقال له‏:‏ بهمن جاذويه، فساروا حتى بلغوا مكاناً يقال له‏:‏ الولجة، فسمع
بهم خالد فسار بمن معه من الجنود ووصَّى من استخلفه هناك بالحذر
وقلَّة الغفلة، فنازل أنذر زغر ومن ناشب معه، واجتمع عنده بالولجة،
فاقتتلوا قتالاً شديداً هو أشدّ ممَّا قبله حتى ظنَّ الفريقان أنَّ الصَّبر قد فرغ
واستبطأ كمينه الذي كان قد أرصدهم وراءه في موضعين فما كان إلا
يسيراً حتى خرج الكمينان من هاهنا ومن هاهنا، فقرَّت صفوف الأعاجم
فأخذهم خالد من أمامهم، والكمينان من ورائهم، فلم يعرف رجل منهم
مقتل صاحبه، وهرب الأندر زغر من الوقعة فمات عطشاً‏.‏

وقام خالد في النَّاس خطيباً فرغَّبهم في بلاد الأعاجم، وزهَّدهم في بلاد
العرب وقال‏:‏ ألا ترون ما هاهنا من الأطعمات، وبالله لو لم يلزمنا الجهاد
في سبيل الله والدُّعاء إلى الإسلام، ولم يكن إلا المعاش لكان الرَّأي أن
نقاتل على هذا الرِّيف حتى نكون أولى به، ونولي الجوع والإقلال من
تولاه ممَّن إثَّاقل عمَّا أنتم عليه، ثمَّ خمَّس الغنيمة وقسَّم أربعة أخماسها
بين الغانمين، وبعث الخمس إلى الصِّديق وأسر من أسر من ذراري
المقاتلة، وأقرَّ الفلاحين بالجزية‏.‏

وقال سيف بن عمر‏:‏
عن عمرو، عن الشِّعبيّ قال‏:‏ بارز خالد يوم الولجة رجلاً من الأعاجم
يعدل بألف رجل فقتله، ثمَّ إتَّكأ عليه وأتى بغدائه فأكله
وهو متكئ عليه بين الصَّفَّين‏.‏