المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذو القعدة شهر الله الحرام ( 02 – 02 )


adnan
09-01-2014, 08:37 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام


ذو القعدة شهر الله الحرام
الجزء الثانى - 02


الأشهر الحرم في الإسلام

أوجب الله تعالى على النَّاس احترام هذه الشُّهور،
ونهى عن القتال فيها وقد أجمع العلماء على أنَّ المراد بها ذو القعدة
وذو الحجة والمحرم ورجب،
وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
قال ابن كثير:

[ وإنَّما كانت الأشهر المحرمة أربعة: ثلاث سرد، وواحد فرد؛
لأجل أداء مناسك الحجّ والعمرة فحرم قبل الحج شهرًا
وهو ذو القعدة يقعدون فيه عن القتال
وحرم شهر ذي الحجة؛ لأنَّهم يوقعون فيه الحجّ، ويشتغلون بأداء المناسك،
وحرم بعده شهرًا آخر هو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين،
وحرم رجب في وسط الحول؛ لأجل زيارة البيت والاعتمار به
لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثمَّ يعود إلى وطنه آمنًا ]

{ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ }
[ التَّوبة: 26 ]
وقد نهى الله تعالى أن يظلم الإنسان نفسه في الأشهر الحرم
وذلك باستحلال الحرام،
فإنَّ الله عظمها وعظم حرمتها وقد يطرأ على الذِّهن سؤال هل يكون مباحًا
لنا ظلم أنفسنا في غيرهن من سائر شهور السَّنة ؟
قطعًا لا؛ لأنَّ ذلك حرامٌ في كلِّ وقتٍ ولكن الله عظم حرمة هذه الأشهر
وشرفها على سائر شهور السَّنة:
فخصَّ الذَّنب فيها بالتَّعظيم كما خصَّها بالتَّشريف.

من فضائل شهر ذي القعدة

أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أدَّى فيه غالب عمره
روى الإمام البخاري بسنده عن قتادة أنَّ أنسًا - رضي الله عنه- أخبره قال:

[ اعتمر رسول الله عمرة من الحديبية في ذي القعدة،
وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة
حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجّته ]

الفتح المبين

خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من المدينة غرة ذي القعدة
من السَّنة السَّادسة للهجرة قاصدًا البيت لأداء العمرة
ومعه ألف وخمسمائة من المهاجرين والأنصار
لا يحملون معهم إلا السُّيوف في القراب - وهي سلاح المسافر
في الصَّحراء- ولبسوا لباس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنَّهم يريدون العمرة
ولا يقصدون الحرب.

ولمَّا علمت قريش بقدوم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وصحبه
رفضت السَّماح لهم بدخول مكة وأرسلت رجالًا يفاوضون
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويخوفونه حرب قريش
وأرسب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عثمان ابن عفان - رضي الله عنه-؛
ليفاوض قريشًا وكان عندهم ذا شأنٍ وتأخرت عودته وأشيع أنَّه قتل،
واستجاب المسلون لما عزم عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم
وبايعوه بيعه الرّضوان.

شروط الصُّلح:

1- يرجع المسلون عامهم هذا وإذا كان العام القادم دخلوها فأقاموا بها
ثلاثًا ليس معهم إلا السُّيوف في القراب ولا يعترض لهم.

2- وقف الحرب بين الطَّرفين عشر سنين سأمن فيها النَّاس.

3- من أحب أن يدخل في عقد محمد صلَّى الله عليه وسلمَّ وعهده دخل،
ومن أراد أن يدخل في عقد قريش وعهدها دخل وتعتبر القبيلة
الَّتي تنضم إلى الفريقين جزءًا من الفريق.

4- من أتى محمَّدًا صلى الله عليه وسلم هاربًا من وليه ردَّه عليهم،
ومن جاء قريشًا هاربًا من محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يرد عليه،
عن ابن مسعود رضي الله عنه- وغيره أنَّه قال:

[ إنَّكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية ]

من الدُّروس المستفادة من صلح الحديبية

حسن ظنِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والصَّحابة - رضوان الله عليهم- بربِّهم:
وذلك أنَّه صلَّى الله عليه سلَّم كان يعجبه الفأل الحسن
ولمَّا رأس سهيل بن عمرو وهو رسول قريش قال:

[ لقد سهل لكم من أمركم ]

وفاء المسلم بعهده: سلم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المؤمنين
إلى الكفار وهو يعلم أنَّ مصيرهم هو التَّعذيب، وما فعل ذلك إلا وفاء بالعهد،
فالوفاء صفةٌ أصيلةٌ في المؤمن، وقد امتدح الله المؤمنين يذلك في قوله:

{ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ‌ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ }
[ الرَّعد: 19-20 ].
كما ذمَّ الكفار بنقض ذلك فقال:

{ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ‌ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْ‌ضِ ۙ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ‌ }
[ الرَّعد: 25 ]
وكانت عاقبة الوفاء بالعهد أن طلب المشركون
من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلغاء البند الرَّابع من بنود اتفاقية الصُّلح،
وفي ذلك درس للمسلم لكي يفي بكلِّ التزامٍ يقطعه على نفسه مهما
كانت نتائجه وعواقبه فيما يبدو للنَّاس.