المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبر دومة الجندل


adnan
09-03-2014, 08:26 PM
الأخ / مصطفى آل حمد





خبر دومة الجندل‏
من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله


لمَّا فرغ خالد من عين التَّمر قصد إلى دومة الجندل، واستخلف على عين
التَّمر عويمر بن الكاهن الأسلميّ، فلمَّا سمع أهل دومة الجندل بمسيره
إليهم بعثوا إلى أحزابهم من بهراء، وتنوخ، وكلب، وغسَّان، والضجاعم،
فأقبلوا إليهم وعلى غسَّان وتنوخ ابن الأيهم، وعلى الضجاعم
ابن الحدرجان، وجماع النَّاس بدومة إلى رجلين أكيدر بن عبد الملك،
والجودي بن ربيعة فاختلفا‏.‏فقال أكيدر‏:‏ أنا أعلم النَّاس بخالد، لا أحد أيمن
طائر منه في حرب ولا أحدَّ منه، ولا يرى وجه خالد قوم أبداً قلُّوا أم كثروا
إلا انهزموا عنه، فأطيعوني وصالحوا القوم‏.‏

فأبوا عليه، فقال‏:‏ لن أمالئكم على حرب خالد وفارقهم، فبعث إليه خالد
عاصم بن عمرو فعارضه فأخذه، فلمَّا أتى به خالداً أمر فضربت عنقه،
وأخذ ما كان معه، ثمَّ تواجه خالد وأهل دومة الجندل وعليهم الجودي
بن ربيعة، وكل قبيلة مع أميرها من الأعراب، وجعل خالد دومة بينه وبين
جيش عياض بن غنم، وافترق جيش الأعراب فرقتين، فرقة نحو خالد،
وفرقة نحو عياض، وحمل خالد على من قبله، وحمل عياض على أولئك،
فأسر خالد الجودي، وأسر الأقرع بن حابس وديعة، وفرَّت الأعراب إلى
الحصن فملأوه، وبقي منهم خلق ضاق عليهم، فعطفت بنو تميم على من
هو خارج الحصن فأعطوهم ميرة فنجا بعضهم، وجاء خالد فضرب أعناق
من وجده خارج الحصن، وأمر بضرب عنق الجودي، ومن كان معه من
الأسارى إلا أسارى بني كلب، فإنَّ عاصم بن عمرو والأقرع بن حابس
وبني تميم أجاروهم‏.‏

فقال لهم خالد‏:‏
مالي ومالكم أتحفظون أمر الجاهلية وتضيعون أمر الإسلام‏.‏

فقال له عاصم بن عمرو‏:‏ أتحسدونهم العافية، وتحوذونهم الشَّيطان‏.‏

ثمَّ أطاف خالد بالباب فلم يزل عنه حتى اقتلعه واقتحموا الحصن، فقتلوا
من فيه من المقاتلة، وسبوا الذَّراري، فبايعوهم بينهم فيمن يزيد، واشترى
خالد يومئذ ابنة الجودي، وكانت موصوفة بالجمال، وأقام بدومة الجندل
وردَّ الأقرع إلى الأنبار‏.‏

ثمَّ رجع خالد إلى الحيرة فتلقَّاه أهلها من أهل الأرض بالتقليس، فسمع
رجلاً منهم يقول لصاحبه‏:‏ مر بنا فهذا يوم فرح الشرِّ‏.‏