المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهداية نوعان


adnan
09-27-2014, 11:56 PM
الأخت الزميلة / جِنان الورد



الهداية نوعان

ولأن الهداية نوعان:
هداية البيان, وهداية التوفيق.
فالمتقون حصلت لهم الهدايتان وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق.
وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها, ليست هداية حقيقية [تامة].
ثم وصف المتقين بالعقائد والأعمال الباطنة, والأعمال الظاهرة,
لتضمن التقوى لذلك،فقال:

{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }

حقيقة الإيمان :
هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل, المتضمن لانقياد الجوارح،
وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس, فإنه لا يتميز بها
المسلم من الكافر.إنما الشأن في الإيمان بالغيب, الذي لم نره ولم نشاهده,
وإنما نؤمن به, لخبر الله وخبر رسوله.فهذا الإيمان الذي يُميَّز به المسلم
من الكافر, لأنه تصديق مجرد لله ورسله.فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله
به, أو أخبر به رسوله,سواء شاهده, أو لم يشاهده،وسواء فهمه وعقله,
أو لم يهتد إليه عقله وفهمه.بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية,
لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها،فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه،
ففسدت عقولهم, ومَرَجت أحلامهم.وزكت عقول المؤمنين المصدقين
المهتدين بهدى الله.ويدخل في الإيمان بالغيب, [الإيمان بـ] بجميع ما أخبر
الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة,وأحوال الآخرة,
وحقائق أوصاف الله وكيفيتها, [وما أخبرت به الرسل من ذلك]
فيؤمنون بصفات الله ووجودها, ويتيقنونها, ًوإن لم يفهموا كيفيتها.
ثم قال:

{ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ }

لم يقل:
يفعلون الصلاة, أو يأتون بالصلاة, لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان
بصورتها الظاهرة.فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها,
وواجباتها, وشروطها.وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور
القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها،
فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها:

{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }

وهي التي يترتب عليها الثواب.
فلا ثواب للإنسان من صلاته, إلا ما عقل منها،ويدخل في الصلاة
فرائضها ونوافلها.
ثم قال:

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }

يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة, والنفقة على الزوجات والأقارب,
والمماليك ونحو ذلك.والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير.
ولم يذكر المنفق عليهم, لكثرة أسبابه وتنوع أهله, ولأن النفقة
من حيث هي, قربة إلى الله،وأتى بـ "من" الدالة على التبعيض,
لينبههم أنه لم يُرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم, غير ضار لهم
ولا مثقل,بل ينتفعون هم بإنفاقه, وينتفع به إخوانهم.