adnan
10-30-2014, 10:34 PM
الأخ / مصطفى آل حمد
خطبة علي رضي الله تعالى عنه
بعد إنصرافه من النهروان
من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=fimg&th=14960c4c39fa2ca1&attid=0.4&disp=emb&attbid=ANGjdJ_VNCCy5PJyiv9zzT9qO9bg34xcIaiECq7Dxet acuO1a5KIfoTDmnJWoxDYWckQeuXoS1vZd0kR7pduGvNCsA5tk ZKUl44KvFyy5HDR0ZjSYX7eLaka0Vn48Jc&sz=w1600-h1000&ats=1414697619636&rm=14960c4c39fa2ca1&zw&atsh=1
قال الهيثم بن عدي في كتابه الذي جمعه في الخوارج
وهو من أحسن ما صنف في ذلك قال:
وذكر عيسى بن دآب قال: لما انصرف علي رضي الله عنه من النهروان
قام في الناس خطيباً، فقال: بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد
فإن الله قد أعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.
فقاموا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا، وكلت سيوفنا، ونصلت
أسنتنا، فانصرف بنا إلى مصرنا حتى نستعد بأحسن عدتنا، ولعل أمير
المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من فارقنا وهلك منا، فإنه أقوى لنا على
عدونا - وكان الذي تكلم بهذا الأشعث بن قيس الكندي - فبايعهم وأقبل
بالناس حتى نزل بالنخيلة، وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم
على جهاد عدوهم، ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم، فأقاموا معه أياماً
متمسكين برأيه وقوله، ثم تسللوا حتى لم يبق منهم أحد
إلا رؤوس أصحابه.
فقام علي فيهم خطيباً فقال:
الحمد لله فاطر الخلق وفالق الأصباح وناشر الموتى، وباعث من
في القبور، وأشهد أن لا إله الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأوصيكم بتقوى الله، فإن أفضل ما توسل به العبد الإيمان، والجهاد في
سبيله، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة، فإنها الملة، وإيتاء
الزكاة فإنها من فريضته، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذابه، وحج
البيت فإنه منفاة للفقر مدحضة للذنب.
وصلة الرحم فإنها مثراة في المال، منسأة في الأجل، محبة في الأهل،
وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنع المعروف
فإنه يدفع ميتة السوء ويقي مصارع الهول
أفيضوا في ذكر الله فإنه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقون فإن
وعد الله أصدق الوعد، واقتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه
أفضل الهدى، واستسنوا بسنته فإنها أفضل السنن.وتعلموا كتاب الله فإنه
أفضل الحديث، وتفقهوا في الدين فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه
شفاء لما في الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أحسن القصص.
وإذا قرىء عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون، وإذا هديتم لعلمه
فاعملوا بما علمتم به لعلكم تهتدون، فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل
الجائر الذي لا يستقيم عن جهله.بل قد رأيت أن الحجة أعظم، والحسرة
أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه على هذا الجاهل المتحير في
جهله، وكلاهما مضلل مثبور.لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا،
ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا، ولا تذهلوا في الحق فتخسروا.ألا وإن
من الحزم أن تثقوا، ومن الثقة أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم
لربه وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع الله يأمن ويستبشر، ومن
يعص الله يخف ويندم.
ثم سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية، وخير ما دام في القلب
اليقين، إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها، وكل محدث
بدعة، وكل محدث مبتدع، ومن ابتدع فقد ضيع.وما أحدث محدث بدعة
إلا ترك بها سنة المغبون من غبن دينه، والمغبون من خسر نفسه.
وإن الريا من الشرك، وإن الإخلاص من العمل والإيمان، ومجالس اللهو
تنسي القرآن ويحضرها الشيطان، وتدعو إلى كل غي، ومجالسة النساء
تزيغ القلوب وتطمح إليه الأبصار، وهي مصائد الشيطان.
فأصدقوا الله فأن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب
للإيمان، ألا إن الصدق على شرف منجاة وكرامة، وإن الكذب
على شرف رديء وهلكه.
ألا وقولوا الحق تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الأمانة
إلى من ائتمنكم، وصلوا أرحام من قطعكم، وعودوا بالفضل على من
حرمكم.وإذا عاهدتم فأوفوا، وإذا حكمتم فاعدلوا، ولا تفاخروا بالآباء،
ولا تنابزوا بالألقاب، ولا تمازحوا، ولا يغضب بعضكم بعضاً.
وأعينوا الضعيف، والمظلوم، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل،
والسائلين، وفي الرقاب، وارحموا الأرملة واليتيم، وأفشوا السلام،
وردوا التحية على أهلها بمثلها أو بأحسن منها.
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
[المائدة: 2]
وأكرموا الضيف، وأحسنوا إلى الجار، وعودوا المرضى، وشيعوا
الجنائز، وكونوا عباد الله إخواناً.أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت
بوداع، وإن الآخرة قد أظلت وأشرفت بإطلاع، وإن المضمار اليوم
وغداً السباق، وإن السبقة الجنة والغاية النار.ألا وإنكم في أيام مهل
من ورائها أجل يحثه عجل، فمن أخلص لله عمله في أيام مهله قبل
حضور أجله فقد أحسن عمله ونال أمله، ومن قصر عن ذلك فقد خسر
عمله وخاب أمله، وضره أمله، فاعملوا في الرغبة والرهبة، فإن نزلت
بكم رغبة فاشكروا الله واجمعوا معها رهبة.وإن نزلت بكم رهبة فاذكروا
الله واجمعوا معها رغبة، فإن الله قد تأذن المسلمين بالحسنى، ولمن شكر
بالزيادة.وإني لم أر مثل الجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، ولا أكثر
مكتسباً من شيء كسبه ليوم تدخر فيه الدخائر، وتبلى فيه السرائر،
وتجتمع في الكبائر، وإنه من لا ينفعه الحق يضره الباطل، ومن لا يستقيم
به الهدى يجر به الضلال، ومن لا ينفعه اليقين يضره الشك، ومن لا ينفعه
حاضره فعازبه عنه أعور، وغائبه عنه أعجز، وإنكم قد أمرتم بالظعن
ودللتم على الزاد.ألا وإن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: طول الأمل، واتباع
الهوى.فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيبعد عن الحق،
ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولهما بنون
فكونوا من أبناء الآخرة إن استطعتم، ولا تكونوا من بني الدنيا، فإن اليوم
عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
وهذه خطبة بليغة نافعة جامعة للخير، ناهية عن الشر.
وقد روي لها شواهد من وجوه أخر متصلة، ولله الحمد والمنة.
وقد ذكر ابن جرير:
أن علياً رضي الله عنه لما نكل أهل العراق عن الذهاب إلى الشام خطبهم
فوبخهم وأنبهم وتوعدهم وهددهم وتلا عليهم آيات في الجهاد من سور
متفرقة، وحث على المسير إلى عدوهم فأبوا من ذلك وخالفوا ولم
يوافقوه، واستمروا في بلادهم، وتفرقوا عنه هاهنا وهاهنا، فدخل
على الكوفة.
فصل ما جرى من أحداث في قصة التحكيم.
وقد ذكر الهيثم بن عدي:
أنه خرج على علي بعد النهروان يقال له الحارث بن راشد الناجي،
قدم مع أهل البصرة.فقال لعلي: إنك قد قاتلت أهل النهروان في كونهم
أنكروا عليك قصة التحكيم، وتزعم أنك قد أعطيت أهل الشام عهودك
ومواثيقك، وأنك لست بناقضها، وهذان الحكمان قد اتفقا على خلعك
ثم اختلفا في ولاية معاوية فولاه عمر وامتنع أبو موسى من ذلك، فأنت
مخلوع باتفاقهما وأنا قد خلعتك وخلعت معاوية معك.
وتبع الحارث هذا بشر كثير من قومه - بني ناجية وغيرهم - وتحيزوا
ناحية، فبعث إليهم على معقل بن قيس الرماحي في جيش كثيف فقتلهم
معقل قتلاً ذريعاً.
وسبى من بني ناجية خمسمائة أهل بيت فقدم بهم ليقدم بهم على علي
فتلقاه رجل يقال له: مصقلة بن هبيرة أبو المغلس - وكان عاملاً لعلي
على بعض الأقاليم - فتضرروا إليه وشكوا ما هم فيه من السبي.
فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف درهم وأعتقهم، فطالبه بالثمن
فهرب منه إلى ابن عباس بالبصرة.
فكتب معقل إلى ابن عباس فقال له مصقلة: إني إنما جئت لأدفع ثمنهم
إليك، ثم هرب منه إلى علي، فكتب ابن عباس ومعقل إلى علي فطالبه علي
فدفع من الثمن مائتي ألف ثم انشمر هارباً فلحق بمعاوية بن أبي سفيان
بالشام.فأمضى علي عتقهم وقال: ما بقي من المال في ذمة مصقلة؟ وأمر
بداره في الكوفة فهدمت.
وقد روى الهيثم، عن سفيان الثوري وإسرائيل، عن عمار الدهني،
عن أبي الطفيل:
أن بني ناجية ارتدوا فبعث إليهم: معقل بن قيس فسباهم، فاشتراهم
مصقله من علي بثلاثمائة ألف فأعتقهم ثم هرب إلى معاوية.
قال الهيثم:
وهذا قول الشيعة، ولم يسمع بحي من العرب ارتدوا بعد الردة التي
كانت في أيام الصديق.
وقال الهيثم:
حدثني عبد الله بن تميم بن طرفة الطائي، حدثني أبي: أن عدي بن حاتم
قال مرة لعلي بن أبي طالب وهو يخطب: قتلت أهل النهروان على إنكار
الحكومة، وقتلت الحريث بن راشد على مسألتهم إياك أيضاً الحكومة،
والله ما بينهما موضع قدم.
فقال له علي: اسكت إنما كنت أعرابياً تأكل الضبع بجبل طيء بالأمس.
فقال له عدي: وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة.
قال الهيثم:
ثم خرج على علي رجل من أهل البصرة فقتل، فأمر أصحابه عليهم
الأشرس بن عوف الشيباني، فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي الأشهب بن بشر البجلي، ثم اخذ عرينة
من أهل الكوفة فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي سعيد بن نغد التميمي، ثم من بني ثعلبة من أهل
الكوفة فقتل بقنطرة درربجان فوق المدائن.
قال الهيثم:
أخبرني بذلك عبد الله بن عياش عن مشيخته.
فصل قتاله للخوارج كان سنة سبع وثلاثين.
ذكر ابن جرير، عن أبي مخنف لوط بن يحيى - وهو أحد أئمة هذا الشأن
أن قتال علي للخوارج يوم النهروان، كان في هذه السنة - أعني: سنة
سبع وثلاثين -.
قال ابن جرير:
وأكثر أهل السير على أن ذلك كان في سنة ثمان وثلاثين،
وصححه ابن جرير.
قلت:
وهو الأشبه كما سننبه عليه في السنة الآتية إن شاء الله تعالى.
قال ابن جرير:
وحج بالناس في هذه السنة - يعني: سنة سبع وثلاثين –
عبيد الله بن عباس نائب علي على اليمن ومخالفيها.
وكان نائب مكة قثم بن العباس، وعلى المدينة تمام بن عباس، وقيل:
سهل بن حنيف، وعلى البصرة عبد الله بن عباس، وعلى قضائها
أبو الأسود الدؤلي، وعلى مصر محمد بن أبي بكر، وعلي بن أبي طالب
أمير المؤمنين مقيم بالكوفة، ومعاوية بن أبي سفيان مستحوذ على الشام.
قلت: ومن نيته أن يأخذ مصر من محمد بن أبي بكر.
ذكر من توفي فيها من الأعيان:
خباب بن الأرت
بن جندلة بن سعد بن خزيمة، كان قد أصابه سبي
في الجاهلية فاشترته أنمار الخزاعية التي كانت تختن النساء، وهي أم
سباع بن عبد العزى الذي قتله حمزة يوم أحد وحالف بني زهرة.
أسلم خباب قديماً قبل دار الأرقم، وكان ممن يؤدي في الله فيصبر
ويحتسب، وهاجر وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد.قال الشعبي: دخل
يوماً على عمر فأكرم مجلسه وقال: ما أحد أحق بهذا المجلس منك
إلا بلال.
فقال: يا أمير المؤمنين إن بلالاً كان يؤذى وكان له من يمنعه، وإني كنت
لا ناصر لي والله لقد سلقوني يوماً في نار أججوها ووضع رجل على
صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري، ثم كشف عن ظهره فإذا هو برص
رضي الله عنه.ولما مرض دخل عليه أناس من الصحابة يعودونه فقالوا:
أبشر غداً تلقى الأحبة محمداً وحزبه.فقال: والله إن إخواني مضوا ولم
يأكلوا من دنياهم شيئاً، وإنا قد أينعت لنا ثمرتها فنحن نهدبها، فهذا الذي
يهمني.قال: وتوفي بالكوفة في هذه السنة عن ثلاث وستين سنة
وهو أول من دفن بظاهر الكوفة.
خزيمة بن ثابت
ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري ذو الشهادتين وكانت راية
بني حطمة معه يوم الفتح، وشهد صفين مع علي، وقتل يومئذٍ
رضي الله عنه.
سفينة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدمنا ترجمته في الموالي
المنسوبين إليه صلوات الله وسلامه عليه.
عبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم
أسلم عام الفتح وكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم
مع كتاب الوحي.
عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي
، قتل يوم صفين وكان أمير الميمنة لعلي فصارت إمرتها للأشتر النخعي.
عبد الله بن خباب بن الأرت.
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان موصوفاً بالخير، قتله
الخوارج كما قدمنا بالنهروان في هذه السنة، فلما جاء علي قال لهم:
أعطونا قتلته ثم أنتم آمنون.فقالوا: كلنا قتله، فقاتلهم.
عبد الله بن سعد بن أبي سرح:
أحد كتّاب الوحي أيضاً، أسلم قديماً وكتب الوحي ثم ارتد ثم عاد إلى
الإسلام عام الفتح واستأمن له عثمان - وكان أخاه لأمه - وحسن إسلامه
وقد ولاه عثمان نيابة مصر بعد موت عمرو بن العاص، فغزا إفريقية
وبلاد النوبة، وفتح الأندلس وغزا ذات الصواري مع الروم في البحر
فقتل منهم ما صبغ وجه الماء من الدماء.ثم لما حصر عثمان تغلب عليه
محمد بن أبي حذيفة وأخرجه من مصر فمات في هذه السنة وهو معتزل
علياً ومعاوية، في صلاة الفجر بين التسليمتين رضي الله عنه.
عمار بن ياسر أبو اليقظان العبسي
من عبس اليمن، وهو حليف بني مخزوم، أسلم قديماً وكان ممن يعذب
في الله هو وأبوه وأمه سمية.ويقال: إنه أول من اتخذ مسجداً في بيته
يتعبد فيه، وقد شهد بدراً وما بعدها وقد قدمنا كيفية مقتله يوم صفين
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( تقتلك الفئة الباغية ).
وروى الترمذي من حديث الحسن عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة، علي وعمار وسلمان ).
وله أحاديث كثيرة في فضائله رضي الله عنه قتل بصفين عن إحدى،
وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وتسعين سنة طعنه أبو الغادية فسقط ثم أكب
عليه رجل فاحتز رأسه، ثم اختصما إلى معاوية أيهما قتله فقال لهما
عمرو بن العاص: اندرا فوالله إنكما لتختصمان في النار، فسمعها منه
معاوية فلامه على تسميعه إياهما ذلك.فقال له عمرو: والله إنك لتعلم ذلك،
ولوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
قال الواقدي:
حدثني الحسن بن الحسين بن عمارة عن أبي إسحاق، عن عاصم:
أن علياً صلى عليه ولم يغسله وصلى مع علي هاشم بن عتبة، فكان
عمار مما يلي علياً، وهاشم إلى نحو القبلة.قالوا: وقبر هنالك، وكان آدم
اللون، طويلاً بعيداً ما بين المنكبين: أشهل العينين، رجلاً لا يغير شيبه
رضي الله عنه.
الربيع بن معوذ بن عفراء
أسلمت قديماً وكانت تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
الغزوات فتداوي الجرحى، وتسقي الماء للكلمى، وروت أحاديث كثيرة.
وقد قتل في هذه السنة في أيام صفين خلق كثير وجم غفير، فقيل: قتل
من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً
وقيل: قتل من أهل العراق أربعون ألفاً - من مائة وعشرين ألفاً
وقيل من أهل الشام عشرون ألفاً من ستين ألفاً وبالجملة فقد كان فيهم
أعيان ومشاهير يطول استقصاؤهم وفيما ذكرنا كفاية والله تعالى أعلم
خطبة علي رضي الله تعالى عنه
بعد إنصرافه من النهروان
من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=fimg&th=14960c4c39fa2ca1&attid=0.4&disp=emb&attbid=ANGjdJ_VNCCy5PJyiv9zzT9qO9bg34xcIaiECq7Dxet acuO1a5KIfoTDmnJWoxDYWckQeuXoS1vZd0kR7pduGvNCsA5tk ZKUl44KvFyy5HDR0ZjSYX7eLaka0Vn48Jc&sz=w1600-h1000&ats=1414697619636&rm=14960c4c39fa2ca1&zw&atsh=1
قال الهيثم بن عدي في كتابه الذي جمعه في الخوارج
وهو من أحسن ما صنف في ذلك قال:
وذكر عيسى بن دآب قال: لما انصرف علي رضي الله عنه من النهروان
قام في الناس خطيباً، فقال: بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد
فإن الله قد أعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.
فقاموا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا، وكلت سيوفنا، ونصلت
أسنتنا، فانصرف بنا إلى مصرنا حتى نستعد بأحسن عدتنا، ولعل أمير
المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من فارقنا وهلك منا، فإنه أقوى لنا على
عدونا - وكان الذي تكلم بهذا الأشعث بن قيس الكندي - فبايعهم وأقبل
بالناس حتى نزل بالنخيلة، وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم
على جهاد عدوهم، ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم، فأقاموا معه أياماً
متمسكين برأيه وقوله، ثم تسللوا حتى لم يبق منهم أحد
إلا رؤوس أصحابه.
فقام علي فيهم خطيباً فقال:
الحمد لله فاطر الخلق وفالق الأصباح وناشر الموتى، وباعث من
في القبور، وأشهد أن لا إله الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأوصيكم بتقوى الله، فإن أفضل ما توسل به العبد الإيمان، والجهاد في
سبيله، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة، فإنها الملة، وإيتاء
الزكاة فإنها من فريضته، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذابه، وحج
البيت فإنه منفاة للفقر مدحضة للذنب.
وصلة الرحم فإنها مثراة في المال، منسأة في الأجل، محبة في الأهل،
وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنع المعروف
فإنه يدفع ميتة السوء ويقي مصارع الهول
أفيضوا في ذكر الله فإنه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقون فإن
وعد الله أصدق الوعد، واقتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه
أفضل الهدى، واستسنوا بسنته فإنها أفضل السنن.وتعلموا كتاب الله فإنه
أفضل الحديث، وتفقهوا في الدين فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه
شفاء لما في الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أحسن القصص.
وإذا قرىء عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون، وإذا هديتم لعلمه
فاعملوا بما علمتم به لعلكم تهتدون، فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل
الجائر الذي لا يستقيم عن جهله.بل قد رأيت أن الحجة أعظم، والحسرة
أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه على هذا الجاهل المتحير في
جهله، وكلاهما مضلل مثبور.لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا،
ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا، ولا تذهلوا في الحق فتخسروا.ألا وإن
من الحزم أن تثقوا، ومن الثقة أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم
لربه وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع الله يأمن ويستبشر، ومن
يعص الله يخف ويندم.
ثم سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية، وخير ما دام في القلب
اليقين، إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها، وكل محدث
بدعة، وكل محدث مبتدع، ومن ابتدع فقد ضيع.وما أحدث محدث بدعة
إلا ترك بها سنة المغبون من غبن دينه، والمغبون من خسر نفسه.
وإن الريا من الشرك، وإن الإخلاص من العمل والإيمان، ومجالس اللهو
تنسي القرآن ويحضرها الشيطان، وتدعو إلى كل غي، ومجالسة النساء
تزيغ القلوب وتطمح إليه الأبصار، وهي مصائد الشيطان.
فأصدقوا الله فأن الله مع من صدق، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب
للإيمان، ألا إن الصدق على شرف منجاة وكرامة، وإن الكذب
على شرف رديء وهلكه.
ألا وقولوا الحق تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الأمانة
إلى من ائتمنكم، وصلوا أرحام من قطعكم، وعودوا بالفضل على من
حرمكم.وإذا عاهدتم فأوفوا، وإذا حكمتم فاعدلوا، ولا تفاخروا بالآباء،
ولا تنابزوا بالألقاب، ولا تمازحوا، ولا يغضب بعضكم بعضاً.
وأعينوا الضعيف، والمظلوم، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل،
والسائلين، وفي الرقاب، وارحموا الأرملة واليتيم، وأفشوا السلام،
وردوا التحية على أهلها بمثلها أو بأحسن منها.
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }
[المائدة: 2]
وأكرموا الضيف، وأحسنوا إلى الجار، وعودوا المرضى، وشيعوا
الجنائز، وكونوا عباد الله إخواناً.أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت
بوداع، وإن الآخرة قد أظلت وأشرفت بإطلاع، وإن المضمار اليوم
وغداً السباق، وإن السبقة الجنة والغاية النار.ألا وإنكم في أيام مهل
من ورائها أجل يحثه عجل، فمن أخلص لله عمله في أيام مهله قبل
حضور أجله فقد أحسن عمله ونال أمله، ومن قصر عن ذلك فقد خسر
عمله وخاب أمله، وضره أمله، فاعملوا في الرغبة والرهبة، فإن نزلت
بكم رغبة فاشكروا الله واجمعوا معها رهبة.وإن نزلت بكم رهبة فاذكروا
الله واجمعوا معها رغبة، فإن الله قد تأذن المسلمين بالحسنى، ولمن شكر
بالزيادة.وإني لم أر مثل الجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، ولا أكثر
مكتسباً من شيء كسبه ليوم تدخر فيه الدخائر، وتبلى فيه السرائر،
وتجتمع في الكبائر، وإنه من لا ينفعه الحق يضره الباطل، ومن لا يستقيم
به الهدى يجر به الضلال، ومن لا ينفعه اليقين يضره الشك، ومن لا ينفعه
حاضره فعازبه عنه أعور، وغائبه عنه أعجز، وإنكم قد أمرتم بالظعن
ودللتم على الزاد.ألا وإن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: طول الأمل، واتباع
الهوى.فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيبعد عن الحق،
ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولهما بنون
فكونوا من أبناء الآخرة إن استطعتم، ولا تكونوا من بني الدنيا، فإن اليوم
عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
وهذه خطبة بليغة نافعة جامعة للخير، ناهية عن الشر.
وقد روي لها شواهد من وجوه أخر متصلة، ولله الحمد والمنة.
وقد ذكر ابن جرير:
أن علياً رضي الله عنه لما نكل أهل العراق عن الذهاب إلى الشام خطبهم
فوبخهم وأنبهم وتوعدهم وهددهم وتلا عليهم آيات في الجهاد من سور
متفرقة، وحث على المسير إلى عدوهم فأبوا من ذلك وخالفوا ولم
يوافقوه، واستمروا في بلادهم، وتفرقوا عنه هاهنا وهاهنا، فدخل
على الكوفة.
فصل ما جرى من أحداث في قصة التحكيم.
وقد ذكر الهيثم بن عدي:
أنه خرج على علي بعد النهروان يقال له الحارث بن راشد الناجي،
قدم مع أهل البصرة.فقال لعلي: إنك قد قاتلت أهل النهروان في كونهم
أنكروا عليك قصة التحكيم، وتزعم أنك قد أعطيت أهل الشام عهودك
ومواثيقك، وأنك لست بناقضها، وهذان الحكمان قد اتفقا على خلعك
ثم اختلفا في ولاية معاوية فولاه عمر وامتنع أبو موسى من ذلك، فأنت
مخلوع باتفاقهما وأنا قد خلعتك وخلعت معاوية معك.
وتبع الحارث هذا بشر كثير من قومه - بني ناجية وغيرهم - وتحيزوا
ناحية، فبعث إليهم على معقل بن قيس الرماحي في جيش كثيف فقتلهم
معقل قتلاً ذريعاً.
وسبى من بني ناجية خمسمائة أهل بيت فقدم بهم ليقدم بهم على علي
فتلقاه رجل يقال له: مصقلة بن هبيرة أبو المغلس - وكان عاملاً لعلي
على بعض الأقاليم - فتضرروا إليه وشكوا ما هم فيه من السبي.
فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف درهم وأعتقهم، فطالبه بالثمن
فهرب منه إلى ابن عباس بالبصرة.
فكتب معقل إلى ابن عباس فقال له مصقلة: إني إنما جئت لأدفع ثمنهم
إليك، ثم هرب منه إلى علي، فكتب ابن عباس ومعقل إلى علي فطالبه علي
فدفع من الثمن مائتي ألف ثم انشمر هارباً فلحق بمعاوية بن أبي سفيان
بالشام.فأمضى علي عتقهم وقال: ما بقي من المال في ذمة مصقلة؟ وأمر
بداره في الكوفة فهدمت.
وقد روى الهيثم، عن سفيان الثوري وإسرائيل، عن عمار الدهني،
عن أبي الطفيل:
أن بني ناجية ارتدوا فبعث إليهم: معقل بن قيس فسباهم، فاشتراهم
مصقله من علي بثلاثمائة ألف فأعتقهم ثم هرب إلى معاوية.
قال الهيثم:
وهذا قول الشيعة، ولم يسمع بحي من العرب ارتدوا بعد الردة التي
كانت في أيام الصديق.
وقال الهيثم:
حدثني عبد الله بن تميم بن طرفة الطائي، حدثني أبي: أن عدي بن حاتم
قال مرة لعلي بن أبي طالب وهو يخطب: قتلت أهل النهروان على إنكار
الحكومة، وقتلت الحريث بن راشد على مسألتهم إياك أيضاً الحكومة،
والله ما بينهما موضع قدم.
فقال له علي: اسكت إنما كنت أعرابياً تأكل الضبع بجبل طيء بالأمس.
فقال له عدي: وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة.
قال الهيثم:
ثم خرج على علي رجل من أهل البصرة فقتل، فأمر أصحابه عليهم
الأشرس بن عوف الشيباني، فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي الأشهب بن بشر البجلي، ثم اخذ عرينة
من أهل الكوفة فقتل هو وأصحابه.
قال: ثم خرج على علي سعيد بن نغد التميمي، ثم من بني ثعلبة من أهل
الكوفة فقتل بقنطرة درربجان فوق المدائن.
قال الهيثم:
أخبرني بذلك عبد الله بن عياش عن مشيخته.
فصل قتاله للخوارج كان سنة سبع وثلاثين.
ذكر ابن جرير، عن أبي مخنف لوط بن يحيى - وهو أحد أئمة هذا الشأن
أن قتال علي للخوارج يوم النهروان، كان في هذه السنة - أعني: سنة
سبع وثلاثين -.
قال ابن جرير:
وأكثر أهل السير على أن ذلك كان في سنة ثمان وثلاثين،
وصححه ابن جرير.
قلت:
وهو الأشبه كما سننبه عليه في السنة الآتية إن شاء الله تعالى.
قال ابن جرير:
وحج بالناس في هذه السنة - يعني: سنة سبع وثلاثين –
عبيد الله بن عباس نائب علي على اليمن ومخالفيها.
وكان نائب مكة قثم بن العباس، وعلى المدينة تمام بن عباس، وقيل:
سهل بن حنيف، وعلى البصرة عبد الله بن عباس، وعلى قضائها
أبو الأسود الدؤلي، وعلى مصر محمد بن أبي بكر، وعلي بن أبي طالب
أمير المؤمنين مقيم بالكوفة، ومعاوية بن أبي سفيان مستحوذ على الشام.
قلت: ومن نيته أن يأخذ مصر من محمد بن أبي بكر.
ذكر من توفي فيها من الأعيان:
خباب بن الأرت
بن جندلة بن سعد بن خزيمة، كان قد أصابه سبي
في الجاهلية فاشترته أنمار الخزاعية التي كانت تختن النساء، وهي أم
سباع بن عبد العزى الذي قتله حمزة يوم أحد وحالف بني زهرة.
أسلم خباب قديماً قبل دار الأرقم، وكان ممن يؤدي في الله فيصبر
ويحتسب، وهاجر وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد.قال الشعبي: دخل
يوماً على عمر فأكرم مجلسه وقال: ما أحد أحق بهذا المجلس منك
إلا بلال.
فقال: يا أمير المؤمنين إن بلالاً كان يؤذى وكان له من يمنعه، وإني كنت
لا ناصر لي والله لقد سلقوني يوماً في نار أججوها ووضع رجل على
صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري، ثم كشف عن ظهره فإذا هو برص
رضي الله عنه.ولما مرض دخل عليه أناس من الصحابة يعودونه فقالوا:
أبشر غداً تلقى الأحبة محمداً وحزبه.فقال: والله إن إخواني مضوا ولم
يأكلوا من دنياهم شيئاً، وإنا قد أينعت لنا ثمرتها فنحن نهدبها، فهذا الذي
يهمني.قال: وتوفي بالكوفة في هذه السنة عن ثلاث وستين سنة
وهو أول من دفن بظاهر الكوفة.
خزيمة بن ثابت
ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري ذو الشهادتين وكانت راية
بني حطمة معه يوم الفتح، وشهد صفين مع علي، وقتل يومئذٍ
رضي الله عنه.
سفينة
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدمنا ترجمته في الموالي
المنسوبين إليه صلوات الله وسلامه عليه.
عبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم
أسلم عام الفتح وكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم
مع كتاب الوحي.
عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي
، قتل يوم صفين وكان أمير الميمنة لعلي فصارت إمرتها للأشتر النخعي.
عبد الله بن خباب بن الأرت.
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان موصوفاً بالخير، قتله
الخوارج كما قدمنا بالنهروان في هذه السنة، فلما جاء علي قال لهم:
أعطونا قتلته ثم أنتم آمنون.فقالوا: كلنا قتله، فقاتلهم.
عبد الله بن سعد بن أبي سرح:
أحد كتّاب الوحي أيضاً، أسلم قديماً وكتب الوحي ثم ارتد ثم عاد إلى
الإسلام عام الفتح واستأمن له عثمان - وكان أخاه لأمه - وحسن إسلامه
وقد ولاه عثمان نيابة مصر بعد موت عمرو بن العاص، فغزا إفريقية
وبلاد النوبة، وفتح الأندلس وغزا ذات الصواري مع الروم في البحر
فقتل منهم ما صبغ وجه الماء من الدماء.ثم لما حصر عثمان تغلب عليه
محمد بن أبي حذيفة وأخرجه من مصر فمات في هذه السنة وهو معتزل
علياً ومعاوية، في صلاة الفجر بين التسليمتين رضي الله عنه.
عمار بن ياسر أبو اليقظان العبسي
من عبس اليمن، وهو حليف بني مخزوم، أسلم قديماً وكان ممن يعذب
في الله هو وأبوه وأمه سمية.ويقال: إنه أول من اتخذ مسجداً في بيته
يتعبد فيه، وقد شهد بدراً وما بعدها وقد قدمنا كيفية مقتله يوم صفين
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( تقتلك الفئة الباغية ).
وروى الترمذي من حديث الحسن عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة، علي وعمار وسلمان ).
وله أحاديث كثيرة في فضائله رضي الله عنه قتل بصفين عن إحدى،
وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وتسعين سنة طعنه أبو الغادية فسقط ثم أكب
عليه رجل فاحتز رأسه، ثم اختصما إلى معاوية أيهما قتله فقال لهما
عمرو بن العاص: اندرا فوالله إنكما لتختصمان في النار، فسمعها منه
معاوية فلامه على تسميعه إياهما ذلك.فقال له عمرو: والله إنك لتعلم ذلك،
ولوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
قال الواقدي:
حدثني الحسن بن الحسين بن عمارة عن أبي إسحاق، عن عاصم:
أن علياً صلى عليه ولم يغسله وصلى مع علي هاشم بن عتبة، فكان
عمار مما يلي علياً، وهاشم إلى نحو القبلة.قالوا: وقبر هنالك، وكان آدم
اللون، طويلاً بعيداً ما بين المنكبين: أشهل العينين، رجلاً لا يغير شيبه
رضي الله عنه.
الربيع بن معوذ بن عفراء
أسلمت قديماً وكانت تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
الغزوات فتداوي الجرحى، وتسقي الماء للكلمى، وروت أحاديث كثيرة.
وقد قتل في هذه السنة في أيام صفين خلق كثير وجم غفير، فقيل: قتل
من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً
وقيل: قتل من أهل العراق أربعون ألفاً - من مائة وعشرين ألفاً
وقيل من أهل الشام عشرون ألفاً من ستين ألفاً وبالجملة فقد كان فيهم
أعيان ومشاهير يطول استقصاؤهم وفيما ذكرنا كفاية والله تعالى أعلم