تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الإستسقاء من المسجد الحرام بعنوان : بركة نزول الأمطار


adnan
11-21-2014, 10:00 PM
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب - يحفظه الله



خطبة الاستسقاء من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :



بركة نزول الأمطار

والتي تحدَّث فيها عن البركة التي مُحِقَت في كل شيء، مُبيِّنًا أسبابَ ذلك،

وهو: البُعد عن الله تعالى وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،

واقتِراف المعاصِي وانتِشارها، كما حثَّ المسلمين على التوبة والإقبال على الطاعات.



<img height="102" width="350">



الحمدُ لله، الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، يملأُ الأرضَ والسماء،

الحمدُ لله وهو المحمودُ في العَلياء، له الأيامُ يُداوِلُها، وبيدِه الأحوالُ يُقلِّبُها،

آياتُه في الكونِ ظاهِرات، وسُننُه في الخلقِ باهِرات، وفي أحوال الأُمم عِبَرٌ وعِظات،

فتعالى الله، وجلَّ الله، وتباركَ الله



{ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }

[ الجاثية: 37 ].



الحمدُ لله المحمود بكل حال، الحمد لله المُؤمَّل لكل عطاءٍ ونوال،

الحمد لله حمد الشاكر في النعماء، والحمدُ لله حمد الصابر في البلاء،

أحمدُ ربي تعالى وأشكره، وأُثني عليه وأستغفره،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عزَّ جارُه، وجلَّ ثناؤه، وتقدَّست أسماؤه،

لا يُخلَف وعدُه، ولا يُهزَمُ جندُه، سبحانه وبحمدِه.



اللهم لك الحمد كلُّه، ولك الشكر كلُّه، وبيدك الخير كلُّه، وإليك يرجِع الأمر كلُّه،

لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا مُعطِي لما منعتَ، ولا هاديَ لمن أضلَلتَ، ولا مُضِلَّ لمن هديتَ،

ولا قابضَ لما بسطتَ، ولا باسِط لما قبضتَ،

اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك.



وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، وصفيُّه من خلقِه وخليلُه،

صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابتِه والتابعين،

ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.



<img height="62" width="135">



فاتقوا الله تعالى - أيها المسلمون -، فتقواه مفتاح الأغلاق، وباب الأرزاق



{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }

[ الطلاق: 2، 3 ].

الإيمانُ بابُ العطايا، والتقوى خيرُ السَّجايا



{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }

[ الأعراف: 96 ].

التقوى هي الخوفُ من الله الجليل، والعملُ بالتنزيل، والاستِعدادُ ليوم الرَّحيل.

ولأجلِ ذلك اليوم والعملِ له؛ فإن الله تعالى يُذكِّرُ عبادَه إذا غفَلُوا، ويُنذِرُهم إذا عصَوا،

وقد أخبرَ - سبحانه - أن ما يحِلُّ بالبشرِ إنما هو من أنفُسِهم



{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }

[ الشورى: 30 ]



{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ

لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

[ الروم: 41 ].



ومن رحمةِ الله: أن يُذكِّر الناسَ بحاجتِهم إليه؛ ليعُودُوا ويُنيبُوا إليه



{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ

وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ }

[ الشورى: 27 ].



عباد الله :



إنكم قد خرجتُم تشكُون إلى الله جدْبَ ديارِكم، واستِئخار المطرِ عن إبَّان زمانِه عنكم

خرجتُم افتِقارًا لرب العالمين .. ولمغفرتِه طالبِين .. ولرزقِه مُؤمِّلين.

فأرُوا اللهَ من أنفُسِكم ما يستجلِبُ خيرَه، ويرفعُ ضُرَّه، فالله هو السامِعُ لكل نجوَى،

والكاشِفُ لكل بلوَى



{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }

[ الشورى: 28 ].



أيها المسلمون:



إن الموقف موقف وعظٍ ومُعاتبة، ودعاءٍ واستغفارٍ ومراجعةٍ،

علَّ اللهم أن يرحمنا ويغفر لنا، ويُغيثنا ويرزقنا.

ولقد فُتِحَ على الناس من أسبابِ الرَّخاء ما لم يُفتَح على أحدٍ قبلَهم،

وتفجَّرَت كنوزُ الأرض، وتوافَرَت الأموالُ والتِّجارات، وتعدَّدت طرقُ الكسب،

تُذكِيها المُخترَعَاتُ والمُكتَشَفَاتُ والصِّناعاتُ.

فهل ازدادَ الناسُ إلا فقرًا؟! وهل كسبُوا إلا شِقوةً وقهرًا؟!

غلبَ على العالَمِ الشكوَى من الفقرِ والقِلَّة وضيقِ العيش، وشُحِّ الوقت،

والخوف من المُستقبَل، مع توافُر كل أسبابِ الرَّخاء.



تزايَدَت القوة، وكثُرَت الأنظمةُ والقوانين، والمُنظَّماتُ والهيئات،

ولا زال العالمُ يشكُو تزايُدَ الحروب والظُّلم وسفكَ الدماء وكثرةَ النِّزاعات والخُصومات.

وما ذاك إلا لقِلَّة البركة، والبُعد عن هديِ الله العظيم وصراطِه المُستقيم.

بل قد تأتي الأمطارُ وتأتي معها الفيَضَانات والأعاصِير، والخرابُ والتدمير.



عن أبي هريرة - رضي الله عنه :

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:



( ليست السَّنَةُ بألا تُمطَروا،

ولكنَّ السَّنَةَ أن تُمطَروا وتُمطَروا ثم لا يُبارَك لكم فيه )

رواه مسلم.



وفي كتابِ ربِّنا:



{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }

[ الأعراف: 96 ].



إن الذي يُدبِّرُ العالَم حقًّا هو الله - جل في عُلاه -، ولا تسيرُ الأمورُ إلا وفقَ سُنَنه،

ولا يحصُلُ الرَّخاءُ والسعدُ إلا وفقَ توجيهاته، وهو - سبحانه - القائلُ:



{ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ }

[ البقرة: 276 ]

وهو - سبحانه - القائلُ:



{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }

[ الأنعام: 82 ]

وهو - سبحانه - القائلُ:



{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ

فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

[ النحل: 97 ].



الإيمانُ والتقوى والعملُ الصالحُ سببُ البركة والسعادة والرِّضا،

والذنوبُ والمعاصِي تمحَقُ البركة، وتُنغِّصُ العيشَ، وتُضيِّقُ الأرزاق



{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ

فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }

[ النحل: 112 ].



وما أسوأَ اجتماع الخوف والجُوع !

وإن من المُخيف المُحزِن: أن تغفل القلوب عن هذه الآيات والعِبر،

وألا يزداد الناسُ إلا بُعدًا عن الله، وإمعانًا في العصيان والقنوط. تجِد مظاهره

في ترك فرائض الله وانتهاك حدوده، والمجاهرة بالمعاصي، والجُرأة على الله،

ونسيان الله والحساب والجزاء، والرُّكون الشديد إلى الدنيا،

وتقديمِ مصالحها على مصالح الآخرة.

إنه ما ابتعَدَ الناسُ عن التقوى والإيمان إلا فقَدُوا الاستِقرارَ والأمان،

وابتُلوا بالمصائِب والنَّكَبات، ومُنِعوا القطرَ والبركات.

نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ ونتوب إليه.



أيها المسلمون:



الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المُنكَر شعيرةٌ من شعائِر الدين، وحِفظٌ للعامَّة

من الهلاك بذنبِ الأقلِّين،



{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

[ الأنفال: 25 ].



قال أبو بكر الصدِّيقُ - رضي الله عنه -:

سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:



( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه أوشكَ الله أن يعُمَّهم بعقابِه )

أخرجه أهلُ السُّنن بسندٍ صحيحٍ.



وقد سخِطَ الله على قومٍ قبلَنا فقال:



{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ

ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ

كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }

[ المائدة: 78، 79 ].



فلا بُدَّ من الأخذ على أيدِي السُّفهاء، وأطرِهم على الحقِّ، ومنعِهم من الجهر بالسُّوء،

وإلا وقعَ في الأرض فسادٌ كبيرٌ، وشرٌّ مُستطير.

إن الرِّبا سببٌ لمحقِ البركة والحِرمان من الأمطار،

ومنعُ الزكاة سببٌ عن الخير المِدرار، وانتِشارُ الفواحِش يُودِي إلى الفساد

والأمراضِ والافتِقار، فإذا ما رُمتُم مطرًا مِدرارًا، وقوَّةً وانتِصارًا، فاستغفِرُوا الله العظيم،



{ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا

وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ }

[ هود: 52 ].



نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ ونتوب إليه.



أيها المسلمون:



إن الله تعالى أعطى فأجزَل، وأنعمَ فتفضَّل



{ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا }

[ إبراهيم: 34 ]

وقد وعدَ - سبحانه - وأوعَد، فقال - وهو القادر القاهر -:



{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }

[ إبراهيم: 7 ].



وإن رحمةَ الله قريبٌ من المُحسِنين



{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }

[ الشورى: 28 ].



ولما شكَا الناسُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - القحطَ والجَدْبَ،

واعَدَهم يومًا وخرجَ بهم إلى المُصلَّى،

قال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -:



[ خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للاستِسقاء مُتذلِّلاً مُتواضِعًا مُتخشِّعًا مُتضرِّعًا ]

أخرجه أبو داود وغيرُه.



وعن أنسٍ بن مالكٍ - رضي الله عنه :



( أن رجُلاَ دخلَ المسجدَ يوم الجُمعة، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم يخطبُ،

فقال: يا رسول الله! هلكَت الأموالُ وانقطَعت السُّبُل، فادعُ اللهَ أن يُغيثَنا.

فرفعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم قال:

اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا

قال: فطلَعَت سحابةٌ مثلُ التُّرس، فلما توسَّطَت السماءَ انتشَرَت،

ثم أمطرَت، فلا والله ما رأينَا الشمسَ ستًّا )

الحديث؛ رواه البخاري ومسلم.



ألا فتوبوا إلى الله واستغفروه، وحاذِروا المعاصي وكل مكروه،

حافِظوا على الصلاة والزكاة، طيِّبوا مكاسبَكم، ورُدُّوا المظالِم إلى أهلها،

تجنَّبوا الفواحش والآثام، وحاذِروا الرِّبا وأكلَ الحرام،

مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر



{ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا

إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }

[ الأعراف: 55، 56 ].



ادعُوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة.

الحمدُ لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملِك يوم الدين، لا إله إلا الله الوليُّ الحميد،

لا إله إلا الله يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ ما يُريد.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ،

كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ،

وبارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ،

كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيدٌ.



{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

[ الأعراف: 23 ]



{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }

[ آل عمران: 147 ].



اللهم لا تُؤاخِذنا بذنوبِنا، ولا بما فعلَ السُّفهاءُ منَّا.

نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله، نستغفِرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ ونتوبُ إليه.



اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء،

أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين،

اللهم أغِثنا،

اللهم أغِثنا،

اللهم أغِثنا غيثًا هنيئًا مريئًا سحًّا غدَقًا طبقًا عامًّا نافعًا غير ضار، عاجِلاً غير آجِل،

اللهم تُحيِي به البلاد، وتسقِي به العباد، وتجعلُه بلاغًا للحاضر والباد.

اللهم سُقيا رحمة،

اللهم سُقيا رحمة،

اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق.



اللهم اسقِ عبادَك وبهائِمَك، وأحيِي بلدَك الميِّت،

اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوهُ إلا إليك،

اللهم أنبِت لنا الزرعَ، وأدِرَّ لنا الضرعَ، وأنزِل علينا من بركاتك،

اللهم ارفع عنا الجهدَ والجوعَ والعُرْي، واكشِف عنَّا من البلاءِ ما لا يكشِفُه غيرُك.



اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا،

اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنا ذنوبنا فضلَكَ.

اللهم أنزِل علينا الغيث واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.



اللهم اسقِنا الغيثَ، وآمِنَّا من الخوفِ، ولا تجعلنا آيسِين، ولا تُهلِكنا بالسنين،

واغفِر لنا أجمعين، واكشِف ما بالمسلمين من بلاءٍ يا رب العالمين.



اللهم اسقِنا سُقيا واسِعة، هانِئةً وادِعة، عامَّةً نافعةً غيرَ ضارَّة،

تعُمُّ بها حاضِرَنا وبادِيَنا، وتزيدُ بها في رِزقِنا وشُكرِنا،

اللهم اجعلهُ رِزقَ إيمانٍ وعطاءَ إيمان، إن عطاءَك لم يكُن محظورًا.



اللهم أنزِل علينا في أرضِنا سكَنَها، وأنبِت فيها زينتَها ومرعاها،

يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.



{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[ البقرة: 201 ].



اللهم لك الحمدُ على ما أنعمتَ به علينا من الغيثِ والأمطار في مكَّة وما حولَها،

اللهم فبارِك لنا فيما رزقتَنا، وزِدنا من فضلِك يا كريم،

اللهم عُمَّ بالغيثِ والخير أرجاءَ بلادِنا وبلاد المُسلمين.



اللهم إنك أمرتَنا بدُعائِك، ووعَدتَّنا إجابتَك. فقد دعونَاك كما أمرتَنا، فأجِبنا كما وعدتَّنا،

اللهم إن كنتَ أوجبتَ إجابتَكَ لأهل طاعتِك،

وكُنَّا قد قارَفنَا ما خالَفنا فيه الذين محَضُوا طاعتَك، فامنُن علينا بمغفرةِ ما قارَفنا،

وإجابتِنا في سُقيانا، وسَعَة رِزقِنا، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.



عباد الله:



ثم اعلَموا - رحِمَكم الله - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم –

قلَبَ رِداءَه حين استسقَى، تفاؤُلاً بقلبِ حالِ الشدَّة إلى الرَّخاء، والجَدْبِ إلى الغيثِ،

وإظهارًا للتذلُّل والتواضُع لله رب العالمين.

فاقتَدوا بسُنَّة نبيِّكم، وادعُوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة.



ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

سبحان ربك رب العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.