المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر في القرآن


adnan
12-13-2014, 10:52 PM
الأخ / محمدالخواص



الصبر في القرآن


الصبر في القرآن
محمد بن عبدالعزيز الخضيري
كلية المعلمين قسم الدراسات القرآنية

الإيمان نصفان :
صبر وشكر،ولما كان كذلك كان حريا بالمؤمن أن يعرفهما ويتمسك بهما،
و أن لا يعدل عنهما، وأن يجعل سيره إلى ربه بينهما ومن هنا كان حديثنا
عن الصبر في القرآن الكريم فقد جعله الله جوادا لا يكبو وصارما لا ينبو
وجندا لا يهزم،وحصنا لا يهدم. فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب،
والعسر مع اليسر، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد
ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد، والحديث عن مكانته وفضيلته
آتية بإذن الله الإشارة إليه. فلا تستعجلها قبل أوانها وقبل الشروع
في المقصود نبين المسائل التي سيدور عليها حديثنا وهي:

- مقدمات في تعريفه وضرورته وحكمه ودرجاته.
- فضله.
- مجالاته.
- الوسائل المعينة عليه.
- نماذج من الصابرين.

1- المقدمات :
أ – تعريفه :
الصبر لغة: الحبس والكف،
قال تعالى:

{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ...}
الآية،

أي احبس نفسك معهم.
واصطلاحاً: حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله
قال تعالى:

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ }

وقد أشرنا في التعريف إلى أنواع الصبر الثلاثة والباعث عليه.

أما أنواعه فهي :
صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله
المؤلمة. ففي قولنا (على فعل شيء) دخل فيه الأول، وفي قولنا
(أو تركه) دخل فيه النوعان الثاني والثالث: أما دخول الثاني فظاهر
لأنه حبس للنفس على ترك معصية الله، وأما دخول الثالث فلأنه حبس
للنفس عن الجزع والتسخط عند ورود الأقدار المؤلمة.

أما الباعث عليه :
فهو في قولنا

{ ابْتِغَاءُ وَجْهِ اللهِ }

قال تعالى

{ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ }

فالصبر الذي لا يكون باعثه وجه الله لا أجر فيه وليس بمحمود،
وقد أثنى الله في كتابه على أولي الألباب الذين من أوصافهم ماذكره
بقوله:

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ
وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً }

وهذا النص يشير إلى حقيقة هامة جداً وهي أن صبغة الأخلاق ربانية فيه
ليست أخلاقاً وضعية أو مادية وإنما ربانية سواء من جهة مصدر الإلزام
بها أو من جهة الباعث على فعلها، فالعبد لا يفعلها تحت رقابة بشرية
حين تغيب ينفلت منها، بل يفعلها كل حين وعلى كل حال لأن الرقابة
ربانية، والباعث إرادة وجه الله تعالى.