المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : و من يعمل من الصالحات (01-02)


adnan
01-02-2015, 08:39 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله



و من يعمل من الصالحات ( 01-02 )

اعتمد القرآن الكريم في خطابه أسلوب المقابلات وذلك بأن يقابل
بين الأشخاص ويقابل بين الأعمال ويقابل بين النتائج فإذا تحدث عن
المؤمنين أتبعه بالحديث عن الكافرين وإذا تحدث عن العاملين المخلصين
أردفه بالحديث عن القاعدين المهملين وإذا تحدث عن عاقبة المتقين
قرنه بالحديث عن عاقبة المكذبين وعلى هذا السَّنَن يجري الخطاب
في القرآن الكريم.

وعلى هذا النسق جاء ذكر الظالمين
ووعيدهم في قوله سبحانه:

{ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا *
خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا *
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا }
(طه:100-102)

ثم ثنى سبحانه بالحديث عن المتقين وحكمهم فقال:

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً }
(طه:112)

والحديث هنا يتناول المراد من الآية الأخيرة.

قوله تعالى:

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ }

قيل: إن المراد بـ {الصالحات} أداء فرائض الله التي فرضها على عباده.
والأصوب أن يقال: هي الأعمال التي تعود بالخير على الإنسان أو على
غيره فيدخل في هذا أداء الفرائض وغيره من الأعمال الصالحة.
وأضعف الإيمان أن يحافظ العبدُ في ذاته على صلاحه فلا يفسده كمن
يجد بئراً يشرب منه الناس فلا يردمه بالتراب أو يلوثه بالأوساخ فإن رقي
بالعمل فيحسنه ويجوده ليزيد في صلاحه فيبني حوله جداراً يحميه
أو يجعل له غطاء أو نحو ذلك من أنواع الأعمال فالباب مفتوح والثواب
موصول ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً.

قال ابن عطية:
وفي قوله:{من الصالحات} تيسير من الشرع لأن{من} تفيد التبعيض فمن
رحمة الله بنا أنه سبحانه حينما حثنا على العمل الصالح قال:
{من الصالحات} فيكفي أن نفعل بعض{الصالحات} لأن طاقة الإنسان
لا تسع كل {الصالحات}ولا تقوى عليها

يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في هذا الصدد:
"فحسبك أن تأخذ منها طرفاً وآخر يأخذ منها طرفاً فإذا ما تجمعت هذه
الأطراف من العمل الصالح من الخلق كوَّنت لنا الصلاح الكامل.ففي كل
فرد من أفراد الأمة خصلة من خصال الخير بحيث إذا تجمعت خصال
الكمال في الخلق أعطتنا الكمال".

فكل عمل صالح يكمل غيره من الأعمال فتستقيم أمور الدنيا
ويسعد الإنسان بالآخرة.

قوله سبحانه: { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } أي:
وهو مصدق بالله لأن الإيمان شرط في قبول العمل الصالح فإن جاء العمل
الصالح من غير المؤمن أخذ أجره في الدنيا ذكراً وشهرة وتخليداً لذكراه
فقد عمل ليقال وقد قيل وقضي الأمر.

وقد روي عن قتادة قوله:

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ }

وإنما يقبل الله من العمل ما كان في إيمان.

وليس بخاف أن اقتران (العمل الصالح) بـ(الإيمان) متواتر في القرآن
الكريم فهما متلازمان ومتكاملان فلا (إيمان) بغير (عمل) ولا (عمل)
بغير (إيمان) بل (إيمان) و(عمل).
قوله عز وجل:

{ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً }

أصل (الهضم):
النقص يقال: هضمني فلان حقي.ومنه امرأة هضيم أي: ضامرة البطن.
وقولهم: قد هضم الطعام: إذا ذهب. وهضمت لك من حقك أي: حططتك.
وهضمت ذلك من حقي أي: حططته وتركته.ورجل هضيم ومهتضم أي:
مظلوم. وتهضمه أي: ظلمه واهتضمه: إذا ظلمه وكسر عليه حقه.