المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكائد شيطانية (01-02)


adnan
02-17-2015, 08:42 PM
مكائد شيطانية ( 01-02 )

إن للشيطان وساوس وهمزات ونزغات ونفثات وله خداع وتضليل
وتزيين للباطل وتلبيس كما أن له مداخل كثيرة وخطوات عديدة فيوسوس
على كل صنف من الناس بما يلائم حاله وطبعه من شدة أو لين

قال مخلد بن الحسين:
"ما ندب الله العباد إلى شيء إلا اعترض فيه إبليس بأمرين.
ما يبالي بأيهما ظفر: إما غلوّاً فيه وإما تقصيراً عنه".

إن وساوس الشيطان أصل كل شرّ ومبدأ كل ضلال فالوسواس بداية
الكفر والفسوق والعصيان .

قال ابن القيم:
"قد جعل الله للشيطان دخولاً في جوف العبد ونفوذاً إلى قلبه وصدره
فهو يجري منه مجرى الدم وقد وكل بالعبد فلا يفارقه إلى الممات.

إلى أن قال:
فأصل كل معصية وبلاء إنما هو الوسوسة فلهذا وصفه بها لتكون
الاستعاذة من شرّها أهم من كل مستعاذ منه ولا يمكن حصر أجناس شرّه
فضلاً عن آحادها إذ كل شرّ في العالم فهو السبب فيه".

وإذا كانت النفوس جُبلت على حبّ الشهوات والركون إلى الملذات
واستملاح الأمنيات فإن الشيطان يزيّن ذلك ويحرّك الأهواء ويؤزها
إلى ارتكاب المحرمات.
قال تعالى:

{ إنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ }
[البقرة:169]

وقال عز وجل:

{ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلَّا غُرُورًا }
[النساء:120]

فمكايد الشيطان تتفق مع حظوظ النفوس وطبائعها

كما أشار إلى ذلك ابن الجوزي بقوله:
"فتن الشيطان ومكايده كثيرة ولكثرة فتنه وتشبثها بالقلوب عزت السلامة
فإن من يدع إلى ما يحث عليه الطبع كمداد سفينة منحدرة
فيا سرعة انحدارها".

ويمكن القول إن الدراية بنزغات الشيطان ومدافعتها بالمجاهدات
والتعوذات إن ذلك يعدّ معلماً جليلاً من معالم التزكية عند السلف الصالح

كما في مقالة الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه إذ يقول:
"وإن فقه الرجل أن يعمل نزغات الشيطان أنّى تأتيه"

. ولذا قال ابن تيمية:
"البلاء العظيم من الشيطان لا من مجرد النفس فإن الشيطان يزيّن
لها السيئات ويأمرها بها ويذكر لها ما فيها من المحاسن".

ولما شرع ابن القيم في الحديث عن مصايد الشيطان قال:
"إن المتأخرين من أرباب السلوك لم يعتنوا به اعتناءهم بذكر النفس
وعيوبها وآفاتها فإنهم توسعوا في ذلك وقصّروا في هذا الباب ومن تأمّل
القرآن والسنة وجد اعتناءهما بذكر الشيطان ومحاربته أكثر من ذكر
النفس وتحذير الربّ لعباده منه جاء أكثر من تحذيره من النفس وهذا
الذي لا ينبغي غيره فإن شر النفس وفسادها ينشأ من وسوسته فهي
مركبه وموضع شرّه ومحل طاعته".

ولعل ما حرره ابن القيم ها هنا يبيّنه كثرة تلاعب الشيطان بمالمتأخرين وتنوّع تلبيسه وتعدد خداعه لهم كما نجده مبسوطاً في كتاب
(تلبيس إبليس) لابن الجوزي فغالب الكتاب في الحديث عن تلبيس
الشيطان على المتصوفة والمتعبّدة.

ولذا قال ابن الجوزي:
"اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل فهو
يدخل منه على الجهال بأمان وقد لبّس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة
علمهم لأن جمهورهم يشتغل بالتعبّد ولم يحكّم العلم".

وللشيطان مداخل خفية وحيل نفسية تحتاج مدافعتها إلى فقه في دين الله
ودراية بأحكام الشريعة.وإذا كان أدنى مكايد الشيطان أن يشغل الشخص
بالمفضول من الأعمال ويصرفه عن الفاضل منها فما ظنك بمتعبّد قد جهل
الفاضل والمفضول وأقبل على البدعة والمحظور؟!

إن حفظ الخطرات وحراسة الأفكار آكدُ ترياق لنزغات الشيطان بل هو
الوقاية والدافع لما يوسوس به الشيطان من لمة أو نفثة إذ إن خواطره
تفسد العلم والعمل.

كما قال ابن القيم:
"إيّاك أن تمكّن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك فإنه يفسدها عليك
فساداً يصعب تداركه.وجماع إصلاح ذلك أن تشغل فكرك في باب العلوم
والتصورات بمعرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوقه. وفي باب الإرادات أن
تشغل نفسك بإرادة ما ينفعك إرادته".

ومن ذلك ما جاء عن الصحابي الجليل
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله:
"إن للملَك لمّة وللشيطان لمّة فلمّة الملك إيعاد بالخير وتصديق
بالحق ولمّة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق".

جاء في (النهاية): "اللَمّة:
"الخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به والقُرب منه
فما كان من خطرات الخير فهو من الملك وما كان من خطرات الشرّ
فهو من الشيطان".

فالشياطين توسوس في نفوس بني آدم بالعقائد الفاسدة والأمر باتباع
الهوى والملائكة بالعكس إنما تقذف في القلوب الصدق والعدل
فالاعتقادات والإرادات الفاسدة تحصل بسبب شياطين الإنس والجن
والاعتقادات الصحيحة والإرادات المحمودة تحصل بسبب
الملائكة وصالحي الإنس