المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكائد شيطانية ( 02-02 )


adnan
02-17-2015, 09:01 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله



مكائد شيطانية ( 02-02 )

وقال ابن تيمية:
"فمبدأ العلم الحق والإرادة الصالحة من لمة الملك ومبدأ الاعتقاد الباطل
والإرادة الفاسدة من لمة الشيطان".

فالنفس البشرية لها قوتان:
(علمية وعملية) وصلاحهما بالتصديق بالحق وعبادة الرب سبحانه
وفسادهما بالتكذيب بالحق وعبادة غير الله عز وجل.والحاصل أنه لا بد
من تحقيق العلم والمعرفة بالحق مع محبته والعمل بطاعته فهو الذي يدفع
لمة الشيطان ووسوسته كما يتعين دفع المعارضات الشيطانية ومجاهدة
شياطين الإنس والجن ومدافعة نزغاتهم وهمزاتهم والاستعانة بالله وحده
على تلك المجاهدة والاستعاذة بالله وحده في دفع ورفع الوساوس
الشيطانية.

وساوس الشيطان لا تنقضي وشكوكه لا تنتهي وشبهاته يتعذر حصرها
ويمتنع استقصاؤها ومن ثم فإن ملاحقة كل ما يخطر بالبال من شبهات
الشياطين لا مقدور ولا مأمور والمتعيّن هو تأصيل العقيدة الصحيحة
وغرس الإيمان وتحقيق برد اليقين بالحجج والبراهين ويأتي الردّ بالتبع
على آكد الشبهات وفي ثنايا التقرير والتقعيد.

ومع ضرورة الذبّ عن دين الله وشرف مقام مجاهدة الشبهات وبذل
الأسباب في مدافعة الشكوك ومجادلة أهل الباطل بالبيان واللسان لكن
لا يغيب عنا الاستعانة بالله وحده في هذه المدافعات وتحقيق الاستعاذة
بالله وحده من تلك الوساوس والنزغات فطالما استغرق الكثيرون في الردّ
والنقاش وقصّروا في شأن الإقبال على الله والاستعانة به واللجوء إليه
في تلك المجاهدات.

فهما أمران لا بد منهما:
الحرص على ما ينفع من بيان الحق والرحمة بالخلق والجواب عن
الشبهات والاعتراضات بعلم وعدل وتحقيق المجاهدات والاستعانة بالله
وحده والاستعاذة بالله والاعتصام به عند ورود الشبهات
وحلول الشهوات.

واستهل ابن القيم كتابه (إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان) بقوله:
"لا نجاة من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله والتعرّض لأسباب
مرضاته والتجاء القلب إليه في حركاته وسكناته والتحقق بذلّ العبودية
الذي هو أولى ما تلبّس به الإنسان ليحصل الدخول في ضمان:

{ إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }
[الإسراء من الآية:65]" .

وما أجمل ما سطّره ابن تيمية في هذا الشأن حيث قال:
"الشيطان وسواس خنّاس إذا ذكر العبدُ ربه خنس فإذا غفل عن ذكره
وسوس فلهذا كان ترك ذكر الله سبباً ومبدأً لنزول الاعتقاد الباطل
والإرادة الفاسدة في القلب".

ولئن كان معنى الاستعاذة بالله هو الالتجاء إليه والاعتصام به سبحانه
لكن حقيقة ذلك تقصر عنه الكلمات فليس الخبر كالمعاينة وليس حال من
عرف علم اليقين كحال من ذاق حق اليقين فلا يستوي شخص ذاق طعم
الاعتصام بالله ووجد حلاوة الافتقار إلى ربّه كمن لم يتجاوز مجرد
المعرفة والعلم.

كما قال ابن القيم:
"معنى الاستعاذة القائم بقلبه وراء هذه العبارات فما يقوم بالقلب حينئذ
من الالتجاء والاعتصام والانطراح بين يدي الربّ والافتقار إليه والتذلل
بين يديه أمرٌ لا تحيط به العبارة".

ولما كانت سورة الفلق وسورة الناس أفضل ما تعوّذ به المتعوّذون كما
ثبت في الحديث الصحيح فإن فيهما مضادة لما جاء به الشياطين من كل
وجه وهما من أعظم أعلام النبوة وبراهين صدق رسالة محمد
صلى الله عليه وسلم.

إن الوساوس في العلوم الضرورية لا تزول بالبرهان وإنما تزول
بالاستعاذة بالله وحده فإن الله هو الذي يعيذ العبد ويجيره من الشبهات
المضلة والشهوات المغوية .