المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإتقان: الفضيلة الغائبة ..


vip_vip
10-25-2010, 12:32 AM
الإتقان: الفضيلة الغائبة ..
بقلم الأخت الأستاذة / إيمان القدوسي

http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f135055%5fAOUNw0MAAM7UTLzE%2bwo4vU ZrWMM&pid=7&fid=111&inline=1

لدينا أطباء على أعلى مستوى من الكفاءة والذكاء ولكن لا يحققون نفس النتائج المرجوة والتي يحققونها هم أنفسهم إذا توفرت لهم فرص العمل بالخارج ، والفارق في مدى الاهتمام والمتابعة مع المريض ، يعملون بشئ من الروتينية واللامبالاة وعدم اهتمام بإنسانية المريض فهو في نظرهم (شغل) كما ينظر العامل للآلة مثلا ، ويتناسون أهمية الحالة النفسية والتواصل بين المريض وطبيبه ، وهنا لا أتحدث مطلقا عن أطباء المستشفيات الحكومية ، بل عن مشاهير الأطباء وأعلاهم سعرا والمستشفيات الخاصة التي تصل فاتورة يوما واحدا بها لعدة آلاف من الجنيهات ، ومهما حاولت إدارة المستشفي توجيه وضبط الأطباء فالنتيجة كما هي ، والسبب غياب الدافع الذاتي للإتقان ، مهما دفعت لن تحصل على الجودة والاهتمام المطلوب ، وإذا لم تحدث مضاعفات جسيمة بسبب الإهمال الفادح فأنت محظوظ ، وهذه الروح هي السائدة بين جميع العاملين من ممرضات وأطباء صغار أو كبار ، وأيا كانت الحالة التي بين أيديهم ، حتى إنني أعتقد أنهم يعتبرون الاهتمام والإتقان شيئا مشينا لا يليق بمن هو في مكانتهم ، وأن خمسة دقائق لكل مريض كافية لمن تحلى مثلهم بالعبقرية ، اخترت مجال الطب تحديدا لتعاملي المباشر حاليا مع مستشفي شهير في الفترة الأخيرة ، ولأنه من المذهل أن يتعامل الطبيب مع المريض على أنه معادلة كيميائية يمكن ضبطها بروشتة يرص فيها قائمة الأدوية دون أن يسمع أو يسأل ، ولأن ملاك الرحمة ورفيق الإنسانية والمكلف بتخفيف آلام وأوجاع الناس يتعامل معهم كما يتعامل الميكانيكي مع السيارة وربما أسوأ.
نفس الكلام ينطبق على المهندس والمعلم والموظف والسياسي والإعلامي ، الكل يعمل (من علي الوش) كما يقولون ، أو يتظاهر أنه يعمل ، أو يبدو كأنه مكره علي العمل فيقوم بالحد الأدنى الذي لا يوقعه تحت طائلة العقاب ، أو يدخر جهده لعمل آخر سعيا وراء المال (دروس خصوصية للمدرس مثلا) أو يعمل بنفسية المكتئب الذي يقول (خسرانة خسرانة) ، المهم أن أغلب العاملين الذين صادفتهم متدينين ويحرصون على الصلاة في أوقاتها ولكن هذه نقرة وتلك نقرة أخرى.
من مبادئ الإسلام الأساسية (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) فلماذا يغيب هذا المبدأ عن الممارسة الفعلية ؟
يعكس ذلك خللا في المنظومة الاجتماعية بدءا من تربية وتعليم الصغار ، الناس تشجع أولادها علي أخذ ما يريدون بأية طريقة ودون وجه حق ، ويشكو القائمون علي العملية التعليمية مر الشكوى من عرقلة أولياء الأمور لجهودهم وذلك لأنهم يطالبون بنجاحهم وحصولهم علي أعلي الشهادات والدرجات بأية طريقة ، بالغش ، بالمال ، بالرشوة ، بالدروس ، بتبديل أوراق الإجابة ، أو حتى بالبلطجة ، وبالتالي من تربى وتعلم بتلك الطريقة ما هو المنتظر منه ؟
ربما يكون كل ما سبق معروفا لنا جميعا إلا أن ما أذهلني حقا هو ما وصلت إليه صفحة بريد الأهرام يوم الجمعة الماضية (8 أكتوبر) تلك الصفحة التي كانت منارة الأهرام وفاكهة القراء أيام الراحل الكبير عبد الوهاب مطاوع رحمه الله ، لقد كان يقدم فيها عصارة فكره وثقافته وقطرات حكمته مما كان يمس شغاف القلوب وينير العقول.
اطلعت عليها الجمعة الماضية فأصابني الذهول (مشكلة يتحدث صاحبها عن مأساة إصابته بالعقم هو وزوجته وأن الأطباء صارحوهم باستحالة الإنجاب في حالتهم ، وفي الفقرة التالية يقول وزادت ابتلاءاتي بمرض أولادي الثلاثة !!!
ومشكلة أخري تتحدث فيها سيدة بمنطق فلسفي عالي عن مأساتها ثم تفاجأنا أنها تعمل شغالة في البيوت !! وتزداد اللخبطة بقولها أنها مريضة بالسرطان وفي مرحلة متأخرة جدا !! هل تقوي مثلها علي هذا العمل الشاق ؟)
يبدو أن مشرف الصفحة يعهد لمحرر مبتدئ بملئها أي كلام لانشغاله هو بأعماله الأخرى ، والآخر يقوم بعمل قص ولزق مقتطفات من مشكلات قديمة فتأتي بهذا التناقض والركاكة.
الإتقان فعلا صار هو الفضيلة الغائبة.
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f135055%5fAOUNw0MAAM7UTLzE%2bwo4vU ZrWMM&pid=8&fid=111&inline=1