المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما ضيّعنا إلاّ كن ذئب


حور العين
05-25-2015, 06:33 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام
ما ضيّعنا إلاّ كن ذئب مع زوجتك ولا تصير خروف
الزواج عقد شراكه ومودة ورحمه بين طرفين وليس حرباً وانتصاراً للذات
تعود تفاصيل ثقافة "خلك ذيب مع زوجتك ولا تصير خروف"
إلى نصائح الأصدقاء فيما بينهم، فما إن يجتمع النساء أو الرجال
في مجلس إلاّ وتصبح علاقة الرجل بالمرأة القضية الأساسية للحوار،
ويبدأ كل واحد في تفسيرها، وتحليلها، ومطابقتها مع نظريته التي اكتسبها
من تجربته في الحياة، وأحياناً قد تكون مخيبة لآماله التي كان يتوقعها،
أو أنّها هي التجربة الناجحة الرائدة للحكم على تجارب الآخرين،
أو ضرورة أن تكون هي النظرة الصحيحة التي يجب أن تدرس
وتكون القدوة لكل المقبلين على الزواج.

وعادة ما تزداد وتيرة حده النصائح في مناسبات الأفراح،
فيجد العريس نفسه محاطاً بمجموعة من الأصدقاء كل واحد ينصحه
بأن يكون "ذئباً"، أو أن "يحمّر عينيه"؛ حتى تتضح الخطوط العريضة
للزوجة، وفي غرفة العروس التي ستزف لعريسها بعد دقائق تبدأ
نصائح الصديقات المقربات لها بأن لا تنسى أن تروض فارس الأحلام،
وتجعله "خروفاً"، وأن تقمع كل محاولة لأن يستأسد برأيه.

إرضاء ذاتي
ورأت "س" أنّ خير الأمور الوسط، فلا أسد بقوته يستطيع ترويضها،
ولا خروف مطأطئ الرأس قد يغريها،
معتبرةً أنّ قوة الرجل عندما تمتزج مع اللين تصنع منه شخصية مميزة
ونادرة تتمناها أي أنث»، مشيرةً إلى أنّ ذلك أكثر ما يشدها بشخصية الرجل،
فالمرأة تحتاج لقوة الرجل الرحيمة، وإحساسها بوجوده، ومتابعته،
واحتوائه الشامل لها، إلى جانب التساهل والتغاضي عن بعض الأمور
التي لا تشكل ضرراً لأي منهما، مضيفةً:
قد يستأسد الزوج بداية حياته لإثبات وجوده وهيمنته الفعلية
لكل شاردة وواردة، ولكني أراه غالباً لا يستمر مع مرور الوقت،
لتعود المياه الى مجاريها، وأعتقد أنّ ما يبحث عنه هذا الزوج
الطاعة المطلقة، وإعطائه القدر والأهمية لإرضاءات ذاتية تختفي
بمجرد الإشباع .

رجل مسيطر
وأوضحت "ا " أنّ الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على شخصية الزوجة؛
فعندما تكون شخصيتها قوية لا يناسبها زوج قوي مسيطر،
وإلاّ تصادما عند أول نقاش أو مشكلة يمران بها،
وكذلك الزوج المتنازل والمساير لكل الأوضاع،
قد يسير مع زوجة تتميز بسمات شخصيته، كاشفةً أنّ شخصيتها قوية،
وهي صارمة في اتخاذ القرارات، ولا تتنازل عما تريده نهائياً،
وفي المقابل كان طليقها يتجاهل تصرفاتها، ولا يحتد معها في النقاش،
حيث إنّ شخصيته هادئة مسايرة لأبعد الحدود؛ مما جعلها تطلب الطلاق منه،
إلاّ أنّها ندمت كثيراً بعد أن تزوجت من رجل مسيطر مستأسد،
يريد أن يأمرها وتنفذ من دون نقاش، وإلاّ سيقلب الدنيا فوق رأسها،
وأصبحت خلافاتهم لا تنتهي، وهمومهم لا حدود.

نظرة المجتمع
وكشفت "هـ" أنّها تريد زوجاً يحمل مواصفات الخروف مع نهاية كل شهر؛
ليضع يديه في جيبه ويفرغه كاملاً بين يديها، ثم يرسل لها الرقم السري
لبطاقة البنك، ويتحول بعدها لأسد أو ذئب برجولته وليس بتسلطه وقسوته،
مشيرةً إلى أنّ المرأة بحاجة إلى رجل قوي يحميها في الحياة،
شرط أن يكون كريما ومتسامحا، ولديه استعداد لأن يحقق لها كل ما تتمنى،
مؤكّدةً على أنّه ليس من العيب في ذلك أن يكون الزوج مستسلما لزوجته،
ولكن للأسف نظرة المجتمع لدينا تصفه وقتها بالخروف.

احتواء الزوج لشريكه حياته اساس نجاح العشرة الزوجيه .
العناد لا يصل إلى حل للمشاكل الزوجية.
المرأة تدفع غالباً ثمن عنف الزوج وانانيته.


دمية صامتة
ورفضت "أم علاء" أن يكون ابنها تابعاً لزوجته لدرجة وصفه بالخروف،
مؤكّدةً على أنّها ستضطر وقتها لأن تدفعه لطلاقها،
حتى وإن كان بينهما أطفال!، متسائلةً: ما قيمته إن لم يكن رجلاً له
وجوده الكامل داخل كيان أسرته وزوجته؟، مشيرةً إلى أنّ الرجل السلبي
لن يحظى لا بمحبة زوجته ولا باحترامها، وسيصبح أضحوكة العائلة؛
مما يعني أن تنتهي الحياة، ولتذهب الزوجة المتسلطة إلى الجحيم،
أو لتبحث عن رجل عبارة عن دمية صامتة تفعل بها ما يروق لها.

مسلوب الإرادة
وشددت "آلاء حلمي" على أنّها تريد زوجاً مطيعاً ينفذ طلبات
التي تسعدها لا يرفض طلباً، ولا يحاور، ولا يناقش،
حتى تكون له الزوجة الحنون التي تقدر تنازلاته،
منوهةً بأنّ المهم أن يكون مستأسدا مع أهله إذا حاولوا التدخل في حياتهم،
متسائلة: لماذا يصف المجتمع الزوج المطيع بأنّه خروف في الوقت
الذي يشجعونه على أن يكون ذئباً وكأن العلاقة الزوجية مبنية
على قانون الغاب؟.

فيما رفضت كل من "ش" و"ن" التقسيم الذي لا يمت للإنسانية بصلة
على حد قولهم-، معللين ذلك بأنّ المرأة تحتاج العيش في كنف رجل
يحمل مواصفات الرجولة التي أوصى بها الدين الإسلامي،
مستشهدين بقوله -صلى الله عليه وسلم-:

( خيركم خيركم لأهله )
( واستوصوا بالنساء خيرا )
موضحين أنّهم لا يستطعيون تكوين حياة مع رجل يتحرك بالريموت كنترول،
فالمرأة بطبعها ضعيفة، وبحاجة الى مصدر قوة مغلفة بالرحمة؛
لتشعر بأنوثتها، حيث تحلم من صغرها بزوج معتز بشخصيته يمسك
زمام أمور حياتها، ويلبي احتياجاتها بحدود إمكاناته
وليست بحدود تسلطها ورغبتها، مجددين رفضهم لفكرة الزواج
بشخص مسلوب الإرادة.

قارب الحياة
ولفت "هـ" إلى أنّ معادلة النجاح في الحياة الزوجية لا يمكن أن يكون
لها قانون محدد، حيث يمكن أن تستند عليه فلكل حياة ظروفها الخاصة بها،
مضيفةً: "أحياناً الزوج يدفع بزوجتها؛ لأنّ تكون هي المسيطرة،
وتجعل منه زوجا متحركا بالريموت، وطالما أنّه يجد سعادته وراحته
في ذلك فما المشكلة إذا كان الزوجان متفاهمين؟"،
منوهةً بأنّ هذا يعود لطبيعة الشخصية، فأحياناً يسعد الزوج
بزوجة قوية ومتسلطة من دون ضرر،
فنجدها تلعب أكثر من دور بإتقان ومهارة،
وتحقق نتائج مبهرة في مستقبل الأبناء، وذلك عائد لوعي الزوجة ومقدرتها،
متسائلة: ما الذي يزعجنا في ذلك طالما أن قارب الحياة يسير بأمان؟.

"سي السيد"!
وأكّد "د.أبو بكر باقادر" -باحث اجتماعي- على أنّ هذه الخطابات
التي تحمل في طياتها النصائح معلنة أو مستترة تثار في المجتمعات
النسائية أكثر من غيرها، والمتعارف عليه أنّ الزوج لديه رغبة
في أن يكون البطل الوحيد في حياة زوجته؛ لذلك يحرص على رفع
سقف إمكاناته وصورته، ولكن البعض يسيء فهم الصورة أو التعبير عنها
بأن يصبح الرجل "سي السيد"، لافتاً إلى أنّ الرجل يجب أن يكون نموذجا
جميلا حتى تحبه وتوده زوجته؛ لأنّه الرجل الوحيد المقدر في حياة المرأة،
فهو يختلف عن والدها وإخوانها وزملائها في العمل،
وحتى أيضا الرجال الذين تلتقي بهم في الحياة العامة.

وأضاف أنّه يجب أن تكون له مكانة محترمة ولكن لا يعني أن يستخدم
العنف وأساليب تدمر شخصية زوجته،
منوهاً بأنّ أحد مصادر قوة المرأة أن تعطي الرجل إيحاء
بأنه القائد في حياتها، مؤكدا على أن المرأة عندما تشجع بنت جنسها
على ان يكون زوجها "خروفا" بالمعنى السلبي وليس الإيجابي
فهي غير صائبة مطلقاً، وتجعل الزوج يشعر بأنه الطرف الأضعف
في حياتها؛ لأن هذه الصورة سيتعرف عليها باقي أفراد الأسرة
وأصدقاء العائلة.

وأشار إلى أنّ بعض التصورات الخاطئة يجب أن تتغير مع فكرة الأسرة
الجديدة، حيث إنّ الزوجة شريك كامل الشراكة،
وليس بالصورة أنّها في خطر دائماً، وان الزوج ممكن أن يرتبط
بزوجة أخرى أو إنّها هي الضلع الاضعف،
فهذا الانطباع هو الذي يؤدي لإضعاف الزوج، فتصبح هناك معادلة
أن تكون الأحسن، وليس أن يكون "خروفاً"، فالشراكة تعني
أن يكون الزوج في قوته داخل المجتمع رمز الأبوة داخل الأسرة،
حنون، طيب، ومتفهم للزوجة، وبذلك يجمع بين الحسنيين،
مؤكّداً على أنّ الزوج الضعيف خطر يهدد المرأة، فأي قوة خارجية
تريد أن تضغط عليه يمكن أن توجهه، مثل والدته وأخواته
أو لا قدر الله أن أعجب بامرأة أخرى.

تعامل راقٍ
وقال "د.عبدالله السلمان" -مدير مركز للإستشارات الأسرية- :
الزوجة تحتاج لمن يتعامل معها بحب ورفق، وكل وسيلة جميلة،
وقدوتنا في ذلك الرسول عليه السلام، فقد كان في غاية الحب
والتعامل الراقي مع زوجاته، وكان يذكرهن بالخير حتى بعد وفاتهن،
وهذا الأصل في التعامل والزوجة"، منوهاً بأنّه يجب أن تكون
أمهات المؤمنين قدوات في قدرتهن على التعامل والحب لأزواجهن،
وعلى الرغم من تعامل "فرعون" المتجبر، إلاّ أنّ زوجته
كانت غاية في التعامل الراقي، ولم تكن ترد عليه بطريقة قاسية،
فهذا دليل على أنّ الطرفين الرجل والمرأة يجب أن يتبنيا قاعدة:

( ما كان الرفق في شيئا إلاّ زانه، وما نزع من شيء إلاّ شانه )

وأضاف أنّه عندما يوصي الرجل ابنه أو زميله بأنه يجب أن يكون "ذيب"
أو أنّ زوجته ستفترسه؛ فهذا نشأ عن وجود بعض العادات التي يتوارثها
الناس، ولكنها غير مرتبطة بالإسلام والمعاني الإنسانية الفطرية،
لا مناص إلى أنّ هذا تفكير خاطئ ويجب أن تتجنب المرأة نصيحة
ابنتها أو صديقتها أن تكون شرسة مع زوجها، فهي تنطلق
من خلفيتها المحدودة المبنية على تجربة مؤلمة،
ولا يجب أن تكون هي النموذج، مشيراً إلى أنّ سبب تغير النصائح الزوجية
بين الأمس واليوم عائد لتنوع وسائل الإعلام والاتصال وانتشار الخبرات.