المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احذروا من تشارلي


حور العين
06-12-2015, 09:18 PM
الأخ / حسني محو
خطبة عن (لعبة تشارلي)

حديثنا اليوم عن جريمة سماها الناس لعبة؛ لعبة تشارلي

قبل أيام عديدة وصلني مقطع على الجوال فيه بيان كيف تُلعب هذه اللعبة

بين أطفال وأبناء المدارس فلم أعر الموضوع اهتماما لأني ما كنت أصدق

أنها ستنتشر وسيتقبلها الناس، ولكن لما كتبت الصحف وتحدث الناس

في بلدان شتى، وليس في قطر خاصة، بل في منطقة الخليج كلها تقريبا،

يتحدث الناس عن لعبة راجت بين الأبناء والبنات، وسميت بهذا الاسم

شارلي، جني، فيما يزعمون، من أقصى الأرض في الغرب ويلعبون لعبته

في بلاد الإسلام، يدّعون أنه يخبرهم عما في الغد، يخبرهم عن الغيب،

وما كنت أصدق أن لها تأثيرا حتى سألت من حولي فحدثني أحد الشيوخ

أن ولده يأبى أن ينام في غرفته ويأبى إلا أن ينام مع أبيه في الغرفة لأنه

مصاب بالذعر بسبب ما حدثه زملاؤه عن حضور هذا الجني.

الأمر يحتاج إلى حديث

اللعبة باختصار لمن لا يعلمها:

عبارة عن وضع قلمين متعاكسين كعلامة ( + ) على ورقة أو على طاولة

، ثم يكتب في المربعات الأربع كلمات مرة نعم ومرة لا ، بالانجليزي

yes _ no في كل مربع يُكتب كلمة ثم يصيح من يريد أن يلعب هذه اللعبة

يصيح مستغيثاً بشارلي، بتشارلي ويزعم أنه سيجيبه ويسأله فإذا تحرك

القلم جهة yes كان الجواب هو المطلوب

وإلا كان الجواب بخلاف ذلك، هذه اللعبة انتشرت بين الأبناء والبنات

في المدارس وأصبحت تسبب ذعرا لكثير منهم، وهذا يلقي بالظلال

على واجبنا نحن الآباء والأمهات ووسائل التوجيه والتعليم وما مدى

ما بذلناه في سبيل غرس العقائد الصحيحة في نفوس الأبناء والبنات.

يزعمون أن هذا الجني سيخبرهم بما سيكون في الغد، فمن سيصدق أن

أبناء المسلمين يقبلون على هذا بنهم، ويتعاطونه برغبة، إلا عندما خفي

الحق، عندما لم يُغرس الحق في النفوس والقلوب، أصبحت القلوب قابلة

لأن يُغرس فيها ما جاءها.

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى **** فصادف قلبا خاليا فتمكنا

هذا الإنسان بأصل خلقته لا يعرف شيئا كما قال الله تعالى:

{ وَاَللَّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا

وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

أخرجكم جهّالا لا تعلمون شيئا، وأعطاكم وسائل التعلّم:

السمع والبصر والفؤاد، لعلكم تستعملونها في التعلم الصحيح فتشكرون

نعمة الله تعالى. والأبناء والبنات هذا حالهم، لا يعلمون شيئا، والواجب

على الكبار أن يعلموهم، وأن يبلغوهم دين الله تعالى، فإن من أولى

الواجبات، من أهم الفرائض أن يتعلّم الأبناء والبنات التوحيد،

كما قال الله تعالى:

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا

وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }

قوا أنفسكم يعني علموهم وأدبوهم كما قال الصحابة.

وأصل التعليم وأسّه أن تعلمهم ما يجب لله تعالى، وما يختص به الله

سبحانه وتعالى من خصائص، وهذا معنى التوحيد، والله عز وجل تفرد

بعلم الغيب، فلا يعلم الغيب أحد غيره سبحانه، قال الله سبحانه:

{ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ }

وقال سبحانه:

{ وعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ

وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ

وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }

ومن ادعى أنه يعلم الغيب، ويُخبر بما سيكون في الغد فإنه كافر، لأنه

مكذّب للقرآن، كافر: يعني خارج من ملة الإسلام والعياذ بالله، فإذا مات

على ذلك فإنه من حطب جهنم، ومن صدّقه فيما يدعيه، من صدقه أنه يعلم

الغيب وأنه يخبر بما سيكون في الغد، فإنه كافر مثله، وإذا مات على ذلك

كان من حطب جنهم، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، قال:

(من أتى عرّافا فسأله فصدّقه فقد كفر بما أُنزل على محمد ).

من هو العرّاف؟

العراف: الذي يدعي المعرفة، يدعي أنه يعرف الغيب، يعلم الغيب،

والعرافة أنواع عديدة، قد يُستعمل لها مقدمات كقراءة الكف وقراءة

الفنجان والضرب بالحصى والخط على الرمل وغير ذلك مما يعلمه

الدجالون والكذابون، وقد لا تُستعمل له مقدمات، فيخبر الكاذب بأنه يعلم

الغيب مطلقا، هؤلاء كفار، ومن جاءهم وسألهم وصدقهم فإنه كافر مثلهم،

( من أتى عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما أُنزل على محمد )

أما الذي يأتيه لا للتصديق، ولكن للاطلاع ومعرفة ما عند الناس وحب

الاستطلاع كما يسمونه، من أتى هذا العراف فسأله غير مؤمن به، غير

مصدق له، فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، يستحق معها أن يحرم

من ثواب الصلاة، كما قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم:

( من أتى عرافا فسأله لم تُقبل له صلاةٌ أربعين ليلة )

هذا جاءه ولم يصدقه، جاءه لحب الاستطلاع ليرى ما عنده فقط، فإن

عقابه ألا يثيبه الله على صلاته أربعين ليلة، أتى كبيرة من كبائر الذنوب

لم يكفر، أرأيتم حجم الخطر الذي يتعرض له الإنسان حين لا يُعلّم الحق،

حين لا يُغرس في نفسه التوحيد.

إن أوجب الواجبات علينا أن نعلم أبناءنا دينهم الحق الذي جاء به الرسول

صلى الله عليه وسلم قبل أن يصيروا حطباً لجهنم، والعجب العجاب أيها

الإخوة - ومن عرف حال الناس وسنة الله في خلقه لا يتعجب - لكن عجبٌ

بادئ الرأي أن تنتشر هذه الخرافات وهذه الأكاذيب في جزيرة العرب،

موطن الإسلام الأول وموئله بعد تفرقه، في القوم الذين خرج منهم

الإسلام وصيّرهم أساتذة البشرية، عجب عجاب أن ينتشر فيهم مثل هذا،

ولكن إذا علمت أن الناس إذا تركوا الحق لجؤوا إلى الباطل حينها

لا تتعجب، فقد بيّن الله لنا في كتابه أن اليهود من قبلنا أعرضوا عن كتاب

الله، فلما أعرضوا عن كتاب الله توجهوا إلى الشياطين

{ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ

كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ* وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ }

وهذا حال الإنسان دائما حين يعرض عن الحق، حين يعرض عن تعلم دين

الله، يصيبه الله تعالى بأن يتسلط عليه الباطل، وقد أخبرنا عليه الصلاة

والسلام بأن جزيرة العرب هذه ستعود إلى الشرك في آخر الزمان ويفشو

فيها كما كان فاشيا فيها قبل الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام:

( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس

حول ذي الخلصة )

قبائل دوس قبائل يمنية وهي في جزيرة العرب، قبائل كثيرة دخلت

الإسلام وحسن إسلامها ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا بأن

الشرك عائد إلى هذه الأرض وأنه لن تقوم الساعة حتى تزدحم النساء

حول الأصنام وتدفع النساء بعضها بعضا في عبادة هذه الاصنام حتى

تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة، فالشرك هو البديل عن

التوحيد إذا لم يتعلم الناس دين الله، ويقوموا به فإن الله تعالى سيسلط

عليهم الباطل، ستتسلط عليهم الشياطين وهذا كما أخبرنا الله في كتابه

في سورة الجن.

وتشارلي واحد منهم، أخبرنا الله بأن مؤمني الجن أخبروا نبي الله أخبروه

عن حال الجن مع الإنس فقالوا كما قال الله في سورة الجن:

{ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ

بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا }

يقول عكرمة:

كان الإنس إذا نزلوا واديا خافت منهم الجن كما يخاف الإنس من الجن أو

أشد، تخاف، وهذا الحال الطبيعي، هذا هو الحال الصحيح، أن المؤمن

مخيف للشيطان وليس العكس،

{ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا }

هذا هو الحال الصحيح:

أن يكون الشيطان قد ملئ رعبا وخوفا منك، لأنك متسلح بالسلاح الذي

يضره ويقتله ألا وهو ذكر الله، كان الإنس ينزلون المنزل فيخاف الجن

ويهربون، فأحدث الشيطان لهم وأحدث الناس لهم الاستعاذة بزعيم الجن

في تلك البقعة، فكانوا إذا نزلوا وادياً صاح صائحهم: أعوذ بسيد هذا

الوادي من سفهاء قومه، يستعيذ ويحتمي ويلتجئ بسيد الجن في ذلك

الوادي ليدفع عنه شر السفهاء من الجن فيما يزعم، - فعلمت كما يقول

عكرمه- : فعلم الجن أن الإنس يخافون منهم فاقتربوا منهم وأصابوهم

بأنواع الأذى والخبل، وهذا حال الإنسان حين يعرض عن الله ويتكل على

الجني ويعتمد عليه ويخاف منه، فإن الله تعالى يسلطه عليه، قال الله

تعالى:

{ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا }

لما علم الجن أن الإنس بحاجة إلى أن يستعيذوا بهم ويحتموابهم، كانت

النتيجة أن زادوهم رهقا، زادوا من؟ الفريقان زادوا في الرهق، والرهق

يأتي بمعنى الإثم والذنب، ويأتي بمعنى العتو والكبر والطغيان، فالفريقان

أصيبوا بالرهق، الإنس أصيبوا بالإثم وارتكاب المحارم وغشيان ما حرم

الله حين استعاذوا بالجن، والجن زادوا كبرا وعتوا وطغيانا حين علموا

بأن الإنس يحتاجون إليهم ويستعيذون بهم فزادوهم رهقا.

كان النبي صلى الله عليه وسلم ماشيا مرة، فعثرت به دابة فقال صاحبه:

تعس الشيطان. فقال عليه الصلاة والسلام

( لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل الجبل

ولكن قل بسم الله فإنه يتصاغر حتى يصير مثل الذباب )

لا تقل تعس الشيطان هذه الكلمة تُشعر بأنه آذانا وفعل شيئا بنا، واستطاع

أن يتمكن منا، ولكن حينما يعلم أنك متوكل على الله معتمد عليه، لا تخاف

شر الشيطان، يرجع إلى حجمه الصحيح، يتصاغر حتى يصير مثل الذباب،

وحين يرى من قلبك الفراغ من التوكل على الله والاعتماد عليه والالتجاء

إلى المخلوق يعظم ويكبر حتى يصير مثل الجبل.

لا غرابة أن يصاب الأبناء والبنات بالذعر والخوف إذا لعبوا هذه اللعبة؛

فإن الشيطان يتسرب منها إلى قلوبهم ليغرس فيها أنواع المخاوف، مع

أن المطلعين على اللعبة يدركون تمام الإدراك أنه لا علاقة للجن في