المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة ثلاث ومائتين


حور العين
07-04-2015, 10:41 PM
الأخ / مصطفى آل حمد
ثم دخلت سنة ثلاث ومائتين هـ
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

فيها‏:‏

وصل المأمون العراق ومر بطوس فنزل بها وأقام عند قبر أبيه أياماً من

شهر صفر، فلما كان في آخر الشهر أكل علي بن موسى الرضى عنباً

فمات فجأة فصلى عليه المأمون ودفنه إلى جانب أبيه الرشيد، وأسف

عليه أسفاً كثيراً فيما ظهر، وكتب إلى الحسن بن سهل يعزيه فيه

ويخبره بما حصل له من الحزن عليه‏.‏

وكتب إلى بني العباس يقول لهم‏:‏

إنكم إنما نقمتم عليَّ بسبب توليتي العهد من بعدي لعلي بن موسى

الرضى، وهاهو قد مات فارجعوا إلى السمع والطاعة‏.‏

فأجابوه بأغلظ جواب كتب به إلى أحد‏.‏

وفيها‏:

‏ تغلبت الثوار على الحسن بن سهل حتى قيد بالحديد وأودع في بيت،

فكتب الأمراء بذلك إلى المأمون، فكتب إليهم إني واصل على

إثر كتابي هذا‏.‏
ثم جرت حروب كثيرة بين إبراهيم وأهل بغداد، وتنكروا عليه وأبغضوه‏.‏

وظهرت الفتن والشطار والفساق ببغداد وتفاقم الحال، وصلوا يوم الجمعة

ظهراً، أمَّهم المؤذنون فيها من غير خطبة، صلوا أربع ركعات، واشتد

الأمر واختلف الناس فيما بينهم في إبراهيم والمأمون، ثم غلبت

المأمونية عليهم‏.‏

خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي

لما كان يوم الجمعة المقبلة دعا الناس للمأمون وخلعوا إبراهيم، وأقبل

حميد بن عبد الحميد في جيش من جهة المأمون فحاصر بغداد‏.‏

وطمَّع جندها في العطاء إذا قدم فطاوعوه على السمع والطاعة للمأمون‏.‏

وقد قاتل عيسى بن محمد بن أبي خالد في جماعة من جهة إبراهيم بن

المهدي، ثم احتال عيسى حتى صار في أيدي المأمونية أسيراً، ثم آل الحال

إلى اختفاء إبراهيم بن المهدي في آخر هذه السنة‏.‏

وكانت أيامه سنة وإحدى عشر شهراً واثني عشر يوماً‏.‏ وقدم المأمون

في هذا الوقت إلى همذان وجيوشه قد استنقذوا بغداد إلى طاعته‏.‏

وحج بالناس في هذه السنة سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي‏.‏

وفيها توفي من الأعيان‏:‏

علي بن موسى

ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشي

الهاشمي العلوي، الملقب‏:‏ بالرضى، كان المأمون قد همَّ أن ينزل له عن

الخلافة فأبى عليه ذلك، فجعله ولي العهد من بعده كما قدمنا ذلك‏.‏

توفي في صفر من هذه السنة بطوس‏.‏

وقد روى الحديث عن‏:‏ أبيه، وغيره‏.‏

وعنه جماعة، منهم‏:‏ المأمون، وأبو السلط الهروي،

وأبو عثمان المازني النحوي‏.‏

وقال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ الله أعدل من أن يكلف العباد ما لا يطيقون،

وهم أعجز من أن يفعلوا ما يريدون‏.‏

ومن شعره‏:‏

كلنا يأمل مدَّاً في الأجل * والمنايا هن آفات الأمل


لا تغرنَّك أباطيل المنى * والزم القصد ودع عنك العلل


إنما الدنيا كظل زائل * حلَّ فيه راكب ثم ارتحل