المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 24.09.1436


حور العين
07-10-2015, 04:28 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ صفات الله الواردة في الكتاب والسنة
- الرُّوح ]

الرُّوح؛ بالضم: خلقٌ من مخلوقات الله عزَّ وجلَّ، أضيفت إلى الله إضافة

ملكٍ وتشريفٍ لا إضافة وصف؛ فهو خالقها ومالكها، يقبضها متى شاء

ويرسلها متى شاء سبحانه، وقد وردت في الكتاب والسنة مضافة

إلى الله عزَّ وجلَّ في عدة مواضع.

· ذكرها في الكتاب:

1- قولـه تعالى:

{ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ }

[النساء: 171].

2- وقولـه:

{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}

[الحجر: 29]، ص: 72[.]

3- وقولـه:

{ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا }

[ مريم: 17]

4- وقولـه:

{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ }

[ السجدة: 9].

· ذكرها في السنة:

1- حديـث أبي هريرة رضي الله عنه في استفتاح الجنة،

وفيه:

(... فيأتون آدم ... ثم موسى عليهما السلام،

فيقول: اذهبوا إلى عيسى كلمة الله ورُوحُه... ) .

2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الشفاعة، وفيه:

( ...يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه...

فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى!أنت رسول الله وكلمته ألقاها

إلى مريم ورُوحٌ منه...) .

أقوال العلماء في (الرُّوح) المضافة إلى الله تعالى:

1- قال ابن تيمية:

(فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له،

بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس

بصفة له باتفاق الخلق؛ كقولـه تعالى: بيت الله، وناقة الله، وعباد الله،

بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن؛ إذا

أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره؛ مثل كلام الله، وعلم الله،

ويد الله … ونحو ذلك؛ كان صفةً له) .

وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

( الريح من روح الله )

؛ أي: من الروح التي خلقها الله، فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك،

لا إضافة وصف؛ إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها فهو

ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به؛ فهو صفة لله؛

فالأول كقولـه نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا، وقولـه:

{ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا }

وهـو جبريل،

{ فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تقِيَّاً

قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيَّاً }

وقال:

{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا }

وقال عن آدم:

{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }

2- وقال ابن القيم:

(فصل: وأما المسألة السابعة عشرة، وهي: هل الروح قديمة أم محدثة

مخلوقة؟ وإذا كانت محدثة مخلوقة، وهي من أمر الله؛ فكيف يكون أمر

الله محدثاً مخلوقاً؟وقد أخبر سبحانه أنه نفخ في آدم من روحه؛ فهذه

الإضافة إليه هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؛ فقد

أخبر عن آدم أنه خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فأضاف اليد والروح

إليه إضافة واحدة؟.



فهذه مسألة كم زلَّ فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله

أتباع رسوله فيها للحق المبين والصواب المستبين، فأجمعت الرسل

صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة

مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛

كما يُعلم بالاضطرار من دينهم أنَّ العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع،

وأن الله وحده الخالق، وكل ما سواه مخلوق له، وقد انطوى عصر

الصحابة والتابعين وتابعيهم - وهم القرون المفضلة - على ذلك من غير

اختلاف بينهم في حدوثها وأنها مخلوقة، حتى نبغت نابغة ممَّن قصر فهمه

في الكتاب والسنة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر

الله، وأمره غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علمه

وكتابه وقدرته وسمعه وبصره ويده، وتوقف آخرون فقالوا: لا نقول

مخلوقة ولا غير مخلوقة...) .

ثم نقل كلام الحافظ أبي عبد الله بن منده والحافظ محمد بن نصر

المروزي، وهما من القائلين بأنها مخلوقة، ثم قال:

(ولا خلاف بين المسلمين أنَّ الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومَن
سواه من بني آدم كلها مخلوقة لله، خلقها وأنشأها وكوَّنها واخترعها، ثم

أضافها إلى نفسـه كما أضاف إليه سائر خلقه، قال تعالى:

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ }

[الجاثية: 13]) اهـ.

3- وقال ابن كثير:

(وَرُوحٌ مِنْهُ؛ كقولـه:

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ }

أي: من خلقه ومن عنده، وليست (من) للتبعيض؛ كما تقول النصارى

عليهم لعائن الله المتتابعة، بل هي لابتداء الغاية، وقد قال مجاهد في

قولـه: وَرُوحٌ مِنْهُ، أي ورسول منه، وقال غيره: ومحبة منه، والأظهر

الأول؛ أنه مخلوق من روح مخلوقة، وأضيفت الروح إلى الله على وجه

التشريف؛ كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله) .

نقل أبو موسى المديني كلاماً نافعاً جدًّا لأبي إسحاق إبراهيم الحربي

عن الاختلاف في قراءة وتفسير (الرّوْح)؛ فراجعه إن شئت.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(لم يعبر أحدٌ من الأنبياء عن حياة الله بأنها رُوحُ الله فمن حمل كلام أحدٍ

من الأنبياء بلفظ الروح أنه يراد به حياة الله فقد كذب)

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين