المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابن الخطاب وأويس القرني (02-02)


حور العين
08-12-2015, 08:13 PM
من:الأخ / فـضـل الـسـقـا
نقلا عن العامود اليومي بجريدة عكاظ السعودية
لوالدنا الفاضل الأستاذ / عبد الله بن عمر خياط
أ. عبدالله بن عمر خياط

ابن الخطاب وأويس القرني (02-02)

والتقى عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ــ رضي الله عنهما، كما

أوضحناه بالأسبوع الماضي،

إذ قالا لأويس: فإن رأيت أن تستغفر لنا ــ يرحمك الله ــ فقد خبرنا النبي ــ

عليه الصلاة والسلام ــ بأنك سيد التابعين، وإنك تشفع يوم القيامة

في عدد ربيعة ومضر

. فبكى أويس بكاء شديدا، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري،

فقال علي: إنا قد تيقنا إنك هو، فادع الله لنا رحمك الله

بدعوة وأنت محسن.

فقال أويس: ما أخص باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم، ولكنه في

البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلام الليل

وضياء النهار، ولكن من أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد خبرتكما وشهرت

لكما أمري، ولم أحب أن يعلم بمكاني أحد من الناس،

فقال علي: أما هذا فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب،

وأما أنا فعلي بن أبي طالب

، فوثب أويس فرحا مستبشرا فعانقهما وسلم عليهما ورحب بهما وقال

جزاكما الله عن هذه الأمة خيرا.

قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرا.

ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟

فقالا: نعم إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، خصنا ــ رحمك الله ــ منك

بدعوة حتى نؤمن على دعائك، فرفع أويس رأسه،

وقال: اللهم إن هذين يذكران أنهما يحبانني فيك، وقد رأوني فاغفر لهما

وادخلهما في شفاعة نبيهما محمد ــ صلى الله عليه وسلم.

ففال عمر: مكانك ــ رحمك الله ــ حتى أدخل مكة فأتيك بنفقة من عطائي،

وفضل كسوة من ثيابي، فإني أراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني

وبينك غدا.

فقال: يا أمير المؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا

تعرفني. ما أصنع بالنفقة؟ وما أصنع بالكسوة؟ أما ترى علي إزارا من

صوف ورداء من صوف؟ متى أخلقهما؟ أما ترى نعليّ مخصوفين، متى

تراني أبليهما؟ ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متى تراني آكلها؟.

يا أمير المؤمنين: إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخف مهزول،

فأخف ــ يرحمك الله ــ يا أبا حفص، إن الدنيا غرارة غدارة، زائلة فانية،

فمن أمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد، ومن مد عنقه إلى غد

أعلق قلبه بالجمعة، ومن أعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك

أن يطلب السنة، وأجله أقرب إليه من أمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك

ما يريد غدا من مجاورة الجبار، وجرت من تحت منازله الثمار.

فلما سمع عمر ــ رضي الله عنه ــ كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى

بأعلى صوته ألا ليت عمر لم تلده أمه، ليتها عاقر لم تعالج حملها.

ألا من يأخذها بما فيها وعليها؟

فقال أويس: يا أمير المؤمنين خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا.

ومضى أويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي ــ رضي الله عنهما ــ

ينظران إليه حتى غاب فلم يروه.