المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ


حور العين
08-21-2015, 08:37 PM
من:الابن / بـــرهـــوم
بعد طول غياب فأهلاً بعودته
{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ }
ما من عبد إلا وله ذنوب وعيوب، قلَّت أو كثرت، دقَّت أو جلَّت،

وهي سبب العقاب في الدنيا والعذاب في الآخرة،

ولو أن الله تبارك وتعالى يؤاخذ العبد بكل ذنوبه لأخذه بها،

ولما ترك على وجه الأرض من يدبُّ عليها أو يدرج فيها.

قال تعالى :

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ }

[النحل من الآية:61 ]

ولكنه من رحمته بخلقه يعاقبهم ببعض ذنوبهم، ليتوبوا إليه،

وينطرحوا نادمين خاضعين بين يديه، فقد عرَّفهم ضعفهم،

وبين لهم فقرهم، وألمح لهم عن بعض قوته وقدرته،

فمن له طاقة بقوة الله، أو قدرة لاحتمال بطش الله؟!

قال سبحانه وتعالى:

{ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

[ السجدة:21 ]

فسبحانه من إلَه !

عقوبته لهم رحمةً منه بهم! فلعلَّهم يرجعون ويتوبون وينيبون،

ولكن أكثر الناس لا يعلمون!

ولذلك فالمؤمن يقظ الإحساس، حيّ القلب، متوقد الشعور،

يطيع الله تعالى وهو من عذابه خائف، ومن رد عمله عليه مشفق.

قال الله تعالى :

{ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

[التوبة:55 ]

فلا تغتر بالدنيا، ولا تشتغل بجمعها، ولا تفرح بها،

ثم لا تأسى إذا نزلت بك من الملمات والكربات والنكبات ما يمحصك الله به،

ويطهر صحيفتك بنزوله عليك، فإن الله تعالى من رحمته بعبده المؤمن

إذا هو عصاه أن يعجل له عقوبته في الدنيا ليحميه منها في الآخرة،

وإن كان الفرق شاسع والبون واسع بين العقوبتين والعذابين،

فعذاب الدنيا تنزل معه من الرحمات والبركات والصبر ما يهون به العذاب،

وما يصغر به العقاب، أما عذاب الآخرة فلا طاقة للعبد به،

ولا احتمال له عليه.

فهل أنت عبدٌ أراد الله به خيراً ؟!

فعن عبد الله بن المغفل: أنّ رجلًا لقي امرأة كانت بغَّياً في الجاهلية،

فجعل يلاعبها؛ حتى بسطَ يده إليها، فقالت: مه؟!

فإنَّ الله قد اذهب الشركَ وجاء بالإسلام، فتركها وولى،

فجعل يلتفت خلفه، وينظرُ إليها، حتى أصابَ وجهُهُ حائطًا،

ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم والدمُ يسيلُ على وجهه ،

فأخبره بالأمرِ؟

فقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و سلم :

( أنتَ عبدٌ أراد اللهُ بك خيرًا )

ثمَّ قال صلوات ربي وسلامه عليه :

( إنَّ اللهَ جلَّ وعلا إذا أراد بعبدٍ خيرًا عجَّل عقوبةَ ذنبِه،

وإذا أراد بعبدٍ شرًّا أمسَك عليه ذنبَه حتَّى يوافيَ يومَ القيامةِ كأنَّه عائرٌ )

وهو جبل عظيم بالمدينة

(صحيح ابن حبان) برقم: [2911]

فيا من ألم بالذنب، ووقع في الخطيئة وكلنا ذلك الرجل لقد آن لك أن تتوب،

وإلى الله تؤوب، فتتطهَّر من الذنوب، وتتبرأ من العيوب،

فإن علام الغيوب يناديك، ويفتح لك أبواب التوبة والرجوع إليه،

والتطهر من الذنوب قبل أن توافيه بها، فيعاقبك عليها.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ،

ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ )

(صحيح سنن أبي داود) برقم: [1521]

فالرجوع .. الرجوع قبل وقوع العذاب يوم الحساب،

فإن اليوم عمل ولا حساب،

وغدًا وا لهف نفسي من غدٍ !

حساب ولا عمل !