المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأزمات لا تستأذن أحد


هيفولا
08-26-2015, 11:02 PM
الأزمات لا تستأذن أحد
بقلم الكتور / مقبل صالح أحمد الذكير

الأزمات لا تستأذن أحدا !

كثيرا ما تختلط السياسة مع الاقتصاد حيث يصعب الفصل بينهما
والأزمة الحالية ليست أزمة اقتصادية محضة بل لها جوانب سياسية أيضا
فقد كان للحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان دور فيما آلت إليه الأمور في الاقتصاد
الأمريكي ثم العالمي. ففي محاضرة ألقاها أخيرا في القاهرة، قال الشيخ أحمد زكي يماني
وزير النفط السعودي الأسبق ورئيس مركز بحوث الطاقة العالمي إن النفقات الأمريكية
الهائلة التي ترتبت على غزو العراق وأفغانستان والمبالغة في الحرب على ما يسمى
بالإرهاب في كل أرجاء الدنيا، أرهق الاقتصاد الأمريكي وفاقم من فداحة ديون
الحكومة الأمريكية ليعزز وضعها كأكبر دولة مدينة في تاريخ البشرية
ولا شك أن هذا عامل سياسي,
بيد أنه ينضم إلى بقية العوامل الاقتصادية التي فجرت الأزمة
أما بول كروجمان فكتب يقول إن تخفيض الضرائب وحرب العراق رفعا الدين الحكومي
وجعلا الاقتصاد الأمريكي يخرج من فترة الرواج المصطنعة في عهد بوش بأعلى
معدل دين حكومي منسوبا للناتج المحلى. ويضيف أنه لو سمحنا بزيادة
هذا المعدل 30 إلى 40 في المائة عن معدله الحالي
حينها سيواجه الاقتصاد الأمريكي وسوق السندات الحكومية بالذات في السنوات المقبلة
صعوبات حقيقية جمة لا قبل لأمريكا بها. صحيح أن الأسواق المالية في أمريكا
ما زالت ترى سندات الدين الحكومي الأمريكي أكثر أمانا من أي شيء آخر، لكن لا يمكن
أن نفترض استمرار هذا الوضع فيما لو ساءت الأمور أكثر
وفي الأسبوع الماضي صرح الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد السعودي
في واشنطن خلال مشاركته في مؤتمر عن العلاقات الأمريكية السعودية، أنه لا يرى
إشارة على أن المستثمرين يبحثون عن "زوارق نجاة" للفرار من الدولار. وأن الدولار
لن يتنازل بسهولة عن دوره كعملة احتياط عالمية، فعمق وسيولة سوق الدولار
ستضمن سيطرته كعملة احتياط عالمي، ما لم يحدث تفكك خطير جدا أو إخفاقات
سياسية على نحو خاطئ بدرجة فظيعة. وهو كلام مقبول إلى حد ما في ظل الظروف
القائمة، لكننا نرجو أن يكون لدى مؤسسة النقد خطة طوارئ مدروسة بعناية لما ينبغي
عمله لحماية مدخراتنا الوطنية لو حدث ما لا تحمد عقباه بالنسبة للدولار، وهو احتمال
أخذ يتزايد في السنوات القليلة الماضية. فالمصيبة إذا وقعت لن تستأذن أحدا، هذا
إن لم يتم تعمد إخفاء إرهاصاتها، كما حدث في الأزمة الحالية
أما فيما يخص أسعار النفط، فقد أشار الشيخ يماني إلى أنه لا أحد يستطيع التنبؤ
بزمن الأزمة الحالية، فالبعض يتوقع أنها ستمتد حتى العام المقبل، والسياسيون قد
يصدرون تطمينات لا أساس لها من الصحة. وهو يعتقد أن أسعار النفط ستظل
منخفضة طالما استمر مناخ الكساد، ودول "أوبك" لا تستطيع فعل الكثير لأن
خفض إنتاج النفط لن يكون مجديا في ظل أزمة سيولة تجتاح العالم
لكن ما هو أهم من ذلك بالنسبة لنا، هو إحلال مصادر الطاقة البديلة الذي أخذ يتسع
في مختلف دول العالم كطاقة الرياح والشمس والذرة والهيدروجين، والطاقة الحيوية
ونحوها. وقد تسبب البحث عن مصادر بديلة للطاقة في تآكل حصة "أوبك" في
السوق العالمية من 70 في المائة في السبعينيات إلى 30 في المائة حاليا
وليس سرا أن السبب وراء زيادة الاعتماد على الطاقة البديلة يرجع إلى استراتيجية
غربية بدأ تطبيقها منذ سبعينيات القرن الماضي تطمح في ألا يكون للعرب قوة ضغط
اقتصادي. ولم تعد هذه استراتيجية خافية، فقد صرح بها أكثر من مسؤول في
الإدارات الأمريكية المتعاقبة. ولعل تعيين الرئيس أوباما أحد خبراء الطاقة البديلة
ليكون وزيرا للطاقة في أمريكا يكشف قوة هذا التوجه, فالسعي لبدائل الطاقة
هو بعد استراتيجي للابتعاد عن نفط العرب
مستقبل الدولار، وأسعار النفط، وبدائل الطاقة، إضافة إلى ندرة المياه
جميعها تحديات جسيمة تفرض على مجلس أمننا القومي الاستعداد باستراتيجيات
مناسبة لتطورات أطلت برأسها
ولم تعد ضربا من ضروب الاحتمالات البعيدة
إنها مسألة حياة




هيفولا:o