المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفردية والأنانية والعنصرية


حور العين
10-22-2015, 04:03 PM
من:الأخت / غـــرام الغـــرام
الفردية والأنانية والعنصرية
مكونات الغيرة الوظيفية
نايف الحميضي
إنّ ما يحدث اليوم في عالم الحياة الوظيفية والعملية من غيرة وتنافس

غير محمود بين زملاء المكان الواحد والإدارة الواحدة والقسم الواحد،

إنّما هو من الواقع المزري والمُخجل، والذي يجب أن نعترف بوجوده

وحصوله، وهو بلا شك من مخلّفات الجهل والجاهليّة التي نمّتها الأنانية والفردية

والعنصرية البغيضة، التي نهى عنها ديننا الإسلاميّ الحنيف

وحذّر منها ومن انتهاجها وسلوكها، وذلك لأن عواقبها ونتائجها سيّئة

وخطيرة ومدمّرة، سواء على الفرد أو المجتمع، وتهدّد وحدة المجتمع

وسلامته وتماسكه،

قال الله تعالى:

{ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }

ففي هذه الآية الكريمة لم يقل جل وعلا: شعوباً وقبائل لتتفاخروا

أو لتتحاسدوا وتتقاتلوا، بل لتتعافوا، وأن ميزان الكرم والتفاخر عند الله

هو بالتقوى وليس بالتكبّر والتعالي أو بالتفاخر بالقبليّة والعنصريّة،

وفي الحديث في صحيح مسلم

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( إنّ الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحدٌ على أحد

ولا يفخر أحدٌ على أحد )

وفي سنن أبي داود عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( ليس منّا من دعا إلى عصبية، وليس منّا من قاتل على عصبية،

وليس منّا من مات على عصبية )

والدّعوة إلى القبلية إنما هي من مخلّفات الجاهلية التي حذّر الإسلام منها

ونهى عنها، ففي الحديث الصّحيح

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

( ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جُثى جهنّم،

قيل: يارسول الله وإن صلّى وصام؟

قال: وإن صلّى وصام وزعم أنه مسلم،

فادعوا بدعوى الله الذي سمّاكم المسلمين المؤمنين عباد الله )

ففي هذا الحديث الصحيح يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إبطال

الدّعوة إلى القبليّة والقوميّة واعتبارها دعوة من الجاهلية التي يستحق

دعاتها أن يكونوا من جُثى جهنّم حتى وإن زعموا أنهم مسلمون يصلّون ويصومون.

ومن مكونات الغيرة الوظيفية أيضاً تلك الفرديّة في العمل،

وحبّ النفس والأنانية وعدم التعاون مع الزملاء في نفس مكان العمل،

بل الحرص كل الحرص على بلوغ وتحقيق الأهواء الشخصية

ومحاولة إبراز النفس ولو على حساب الغير وظلمهم وإهمال

حقوقهم ومستحقاتهم في سبيل البروز والصعود والوصول للأهواء

الشخصية والارتقاء في المناصب الوظيفية وعدم الاهتمام بالغير

أو بمصلحة العمل، مما يتسبب في زيادة الحقد والكره بين الزملاء

في الوظيفة الواحدة، وهو مما يسبب ويساعد في انتشار بيئة الغيرة في

المكان الوظيفي، وهذا بالطبع يؤدّي إلى الفشل الإداري وعدم نجاح العمل

أوإنجازه على الوجه المطلوب والمرغوب، بل ويساعد على تسرّب وانتقال

الموظفين الأكفاء والمتميّزين من ذلك المكان ومن تلك الإدارة ومن تلك

الوظيفة، نظراً لشعورهم بالظلم وعدم التعاون والاهتمام بمصلحة العمل

والارتقاء به وعدم التوازن وتطبيق مبدأ العدل في ميزان الحقوق والواجبات،

وكذلك المساواة بين الموظفين الأكفاء وغيرهم من الموظفين غير الأكفاء

في تلك الحقوق والواجبات، ولا انسى أيضاً سبباً يعتبر من أهم أسباب

انتشار الغيرة الوظيفية بين الموظفين، ألا وهو الغيبة والنميمة

بين الموظفين ونقل الكلام السيئ الذي يسبب قطع العلاقات فيما بينهم،

وحقد بعضهم على بعض، وعدم التعاون فيما بينهم حتى وإن كان العمل

يتحتم فيه المشاركة والعمل الجماعي، ويؤدي ذلك بالتالي إلى إفشال العمل

وإلى فشل الإدارة ككل،

وعدم التمكن من إنجاز العمل وإنجاحه،

وهذا في الواقع سببه ضعف وسوء الإدارة وعدم تمكنها من أداء دورها

على الوجه المطلوب والسليم داخل محيط العمل المناطة به والمكلفة بإدارته.

في الختام

أقول: إنّ أغلب أو بالأصح كافة المشاكل التي تقع داخل مكان العمل

وبين موظفيه والعاملين فيه مهما كانت إنّما هي بسبب الغيرة التي نشأت

من الأنانية والفردية والعنصرية التي نمّاها وأوجدها وساعد على انتشارها

ضعف وجهل وسوء الإدارة وعجزها التام عن فرض وتطبيق مبدأ العدالة

الوظيفية في ميزان الحقوق والواجبات على جميع الموظفين بلا استثناء

أو محاباة، ولتجنب ذلك يجب الرجوع إلى الله والتقوى والخوف منه،

وتحمّل الأمانة والمسؤولية وتحقيق العدالة الوظيفية وإعطاء كل ذي حقٍ حقه

من دون أي زيادة ومن غير أي نقصان.

أسأل المولى القدير أن يصلح أحوالنا وأن يكفينا شر كل حاسد وحاقد

وجاهل وأن يهدينا للخير وجميع المسلمين.