المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثمائة


حور العين
11-25-2015, 07:00 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثمائة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله
فيها‏:‏

وقف المقتدر بالله أموالاً جزيلة وضياعاً على الحرمين الشريفين،

واستدعى بالقضاة والأعيان، وأشهدهم على نفسه بما وقفه من ذلك‏.‏

وفيها‏:

‏ قدم إليه بجماعة من الأسارى من الأعراب الذين كانوا قد اعتدوا على

الحجيج، فلم يتمالك العامة أن اعتدوا عليهم فقتلوهم، فأخذ بعضهم فعوقب

لكونه افتات على السلطان‏.‏
وفيها‏:

‏ وقع حريق شديد في سوق النجارين ببغداد فأحرق السوق بكامله، وفي

ذي الحجة منها مرض المقتدر ثلاثة عشر يوماً، ولم يمرض في خلافته

مع طولها إلا هذه المرضة‏.‏ ‏
وحج بالناس فيها

الفضل الهاشمي ولما خاف الوزير على الحجاج القرامطة كتب إليهم

رسالة ليشغلهم بها، فاتهمه بعض الكتاب بمراسلته القرامطة، فلما

انكشف أمره وما قصده حظي بذلك عند الناس جداً‏.‏

وممن توفي من الأعيان‏:‏

النسائي أحمد بن علي

ابن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي

صاحب السنن، الإمام في عصره والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء

دهره، رحل إلى الآفاق، واشتغل بسماع الحديث والاجتماع بالأئمة

الحذاق، ومشايخه الذين روى عنهم مشافهة قد ذكرناهم في كتابنا التكميل

وترجمناه أيضاً هنالك، وروى عنه خلق كثير، وقد جمع السنن الكبير

وانتخب منه ما هو أقل حجماً منه بمرات‏.‏

وقد وقع لي سماعهما‏.‏

وقد أبان في تصنيفه عن حفظ وإتقان وصدق وإيمان وعلم وعرفان‏.‏

قال الحاكم عن الدارقطني‏:‏ أبو عبد الرحمن النسائي مقدم على كل من

يذكر بهذا العلم من أهل عصره، وكان يسمي كتابه الصحيح‏.‏

وقال أبو علي الحافظ‏:‏ للنسائي شرط في الرجال أشد من شرط مسلم

بن الحجاج، وكان من أئمة المسلمين‏.‏

وقال أيضاً‏:‏ هو الإمام في الحديث بلا مدافعة‏.‏

وقال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ سمعت مشايخنا بمصر يعترفون

له بالتقدم والإمامة، ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار

ومواظبته على الحج والجهاد‏.‏

وقال غيره كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان له أربع زوجات وسريتان،

وكان كثير الجماع، حسن الوجه مشرق اللون‏.‏

قالوا‏:‏ وكان يقسم للإماء كما يقسم للحرائر‏.‏

وقال الدارقطني‏:‏ كان أبو بكر بن الحداد كثير الحديث ولم يرو عن أحد

سوى النسائي وقال‏:‏ رضيت به حجة فيما بيني وبين الله عز وجل‏.‏

وقال ابن يونس‏:‏ كان النسائي إماماً في الحديث ثقة ثبتاً حافظاً،

كان خروجه من مصر في سنة ثنتين وثلاثمائة‏.‏

وقال ابن عدي‏:‏ سمعت منصوراً الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة

الطحاوي يقولان‏:‏ أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين،

وكذلك أثنى عليه غير واحد من الأئمة وشهدوا له بالفضل والتقدم

في هذا الشأن‏.‏

وقد ولي الحكم بمدينة حمص‏.‏

سمعته من شيخنا المزي عن رواية الطبراني في معجمه الأوسط حيث

قال‏:‏ حدثنا أحمد بن شعيب الحاكم بحمص وذكروا أنه كان له من النساء

أربع نسوة، وكان غاية الحسن، وجهه كأنه قنديل، وكان يأكل في كل يوم

ديكا ويشرب عليه نقيع الزبيب الحلال، وقد قيل عنه‏:‏ إنه كان ينسب

إليه شيء من التشيع‏.‏

قالوا‏:‏ ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشيء من فضائل معاوية

فقال‏:‏ أما يكفي معاوية أن يذهب رأساً برأس حتى يروى له فضائل‏؟‏

فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتى أخرج من المسجد الجامع،

فسار من عندهم إلى مكة فمات بها في هذه السنة، وقبره بها هكذا حكاه

الحاكم عن محمد بن إسحاق الأصبهاني عن مشايخه‏.‏

وقال الدارقطني‏:‏ كان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح

من السقيم من الآثار، وأعرفهم بالرجال، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه

فخرج إلى الرملة، فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في

الجامع، فقال‏:‏ أخرجوني إلى مكة، فأخرجوه وهو عليل، فتوفي بمكة

مقتولاً شهيداً مع ما رزق من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره،

مات مكة سنة ثلاث وثلاثمائة‏.‏

قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغنى بن نقطة في تقييده ومن خطه

نقلت ومن خط أبي عامر محمد بن سعدون العبدري الحافظ‏:‏ مات

أبو عبد الرحمن النسائي بالرملة مدينة فلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة

ليلة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة، ودفن ببيت المقدس‏.‏

وحكى ابن خلكان أنه توفي في شعبان من هذه السنة، وأنه إنما صنف

الخصائص في فضل علي وأهل البيت، لأنه رأى أهل دمشق حين قدمها

في سنة ثنتين وثلاثمائة عندهم نفرة من علي وسألوه عن معاوية فقال

ما قال، فدققوه في خصيتيه فمات‏.‏

وهكذا ذكر ابن يونس وأبو جعفر الطحاوي‏:‏ إنه توفي بفلسطين في صفر

من هذه السنة، وكان مولده في سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين

تقريباً عن قوله، فكان عمره ثمانياً وثمانين سنة‏.‏

الحسن بن سفيان

ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، أبو العباس الشيباني

النسوي، محدث خراسان، وقد كان يضرب إليه آباط الإبل في معرفة

الحديث والفقه‏.‏

رحل إلى الآفاق وتفقه على أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه، وأخذ الأدب

عن أصحاب النضر بن شميل، وكانت إليه الرحلة بخراسان‏.‏

ومن غريب ما اتفق له‏:‏ أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر

في رحلتهم إلى الحديث، فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام

لا يأكلون فيها شيئاً، ولا يجدون ما يبيعونه للقوت، واضطرهم الحال إلى

تجشم السؤال، وأنفت أنفسهم من ذلك وعزت عليهم وامتنع كل الامتناع،

والحاجة تضطرهم إلى تعاطي ذلك، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بأعباء

هذا الأمر، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان هذا

فقام عنهم فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين أطال

فيهما واستغاث بالله عز وجل، وسأله بأسمائه العظام، فما انصرف من

الصلاة حتى دخل عليهم المسجد شاب حسن الهيئة مليح الوجه فقال‏

أين الحسن بن سفيان‏؟‏ فقلت‏:‏ أنا‏.‏

فقال‏:‏ الأمير طولون يقرأ عليكم السلام ويعتذر إليكم في تقصيره عنكم،

وهذه مائة دينار لكل واحد منكم‏.‏

فقلنا له‏:‏ ما الحامل له على ذلك‏؟‏

فقال‏:‏ إنه أحب أن يختلي اليوم بنفسه، فبينما هو الآن نائم إذ جاءه فارس

في الهواء بيده رمح فدخل عليه منزله ووضع عقب الرمح في خاصرته

فوكزه وقال‏:‏ قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم فأدركهم، قم

فأدركهم، فإنهم منذ ثلاث جياع في المسجد الفلاني‏.‏

فقال له‏:‏ من أنت‏؟‏

فقال‏:‏ أنا رضوان خازن الجنة‏.‏

فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألماً شديداً، فبعث بالنفقة في الحال إليكم‏.‏

ثم جاء لزيارتهم واشترى ما حول ذلك المجلس ووقفه على الواردين

عليه من أهل الحديث، جزاه الله خيراً‏.‏

وقد كان الحسن بن سفيان رحمه الله من أئمة هذا الشأن وفرسانه

وحفاظه، وقد اجتمع عنده جماعة من الحفاظ منهم ابن جرير الطبري

وغيره، فقرؤوا عليه شيئاً من الحديث وجعلوا يقلبون الأسانيد ليستعلموا

ما عنده من العلم، فما قلبوا شيئاً من الإسناد إلا ردّهم فيه إلى الصواب،

وعمره إذ ذاك سبعون سنة، وهو في هذا السن حافظ ضابط لا يشذ

عنه شيء من حديثه‏.‏

ومن فوائده‏:‏ العبسي كوفي، والعيشي بصري، والعنسي مصري‏.‏

رويم بن أحمد

ويقال‏:‏ ابن محمد بن رويم بن يزيد، أبو الحسن، ويقال‏:‏ أبو محمد، أحد

أئمة الصوفية، كان عالماً بالقرآن ومعانيه، وكان يتفقه على مذهب داود

بن علي الظاهري، قال بعضهم‏:‏ كان رويم يكتم حب الدنيا أربعين سنة،

ومعناه أنه تصوف أربعين سنة، ثم لما ولي إسماعيل بن إسحاق القضاء

ببغداد جعله وكيلاً في بابه، فترك التصوف ولبس الخز والقصب والديبقى

وركب الخيل وأكل الطيبات وبنى الدور‏.‏

زهير بن صالح بن الإمام أحمد بن حنبل

روى عن أبيه وعنه أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد، كان ثقة، مات

وهو شاب، قاله الدارقطني‏.‏

أبو علي الجبائي

شيخ المعتزلة، واسمه محمد بن عبد الوهاب أبو علي الجبائي شيخ طائفة

الاعتزال في زمانه، وعليه اشتغل أبو الحسن الأشعري ثم رجع عنه،

وللجبائي تفسير حافل مطول، له فيه اختيارات غريبة في التفسير، وقد رد

عليه الأشعري فيه وقال‏:‏ وكأن القرآن نزل في لغة أهل جباء‏.‏

كان مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين، ومات في هذه السنة‏.‏

أبو الحسن بن بسام الشاعر

واسمه علي بن أحمد بن منصور بن نصر بن بسام البسامي الشاعر

المطبق للهجاء، فلم يترك أحداً حتى هجاه حتى أباه وأمه أمامة

بنت حمدون النديم‏.‏

وقد أورد له ابن خلكان أشياء كثيرة من شعره، فمن ذلك قوله في تخريب

المتوكل قبر الحسن بن علي وأمره بأن يزرع ويمحي رسمه، وكان شديد

التحامل على علي وولده‏.‏ فلما وقع ما ذكرناه سنة ست وثلاثين ومائتين‏.‏

قال ابن بسام هذا في ذلك‏:‏