المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ممن توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة


حور العين
01-16-2016, 01:22 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ممن توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

وفيها توفي من الأعيان‏:‏

إسحاق بن محمد بن يعقوب النهرجوري

أحد مشايخ الصوفية، صحب الجنيد بن محمد وغيره من أئمة الصوفية،

وجاور بمكة حتى مات بها‏.‏

ومن كلامه الحسن‏:‏ مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع

بالقلوب‏.‏

الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان

أبو عبد الله الضبي القاضي المحاملي الفقيه الشافعي المحدث، سمع

الكثير وأدرك خلقاً من أصحاب ابن عيينة نحواً من سبعين رجلاً‏.‏

وروى عن جماعة من الأئمة، وعنه الدارقطني وخلق، وكان يحضر

مجلسه نحو من عشرة آلاف‏.‏

وكان صدوقاً ديناً فقيهاً محدثاً، ولي قضاء الكوفة ستين سنة

، وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها، ثم استعفى من ذلك كله ولزم

منزله، واقتصر على إسماع الحديث وسماعه‏.‏

توفي في ربيع الآخر من هذه السنة عن خمس وتسعين سنة‏.‏

وقد تناظر هو و بعض الشيعة بحضرة بعض الأكابر فجعل الشيعي يذكر

مواقف علي يوم بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين وشجاعته‏.‏

ثم قال للمحاملي‏:‏ أتعرفها‏؟‏

قال‏:‏ نعم، ولكن أتعرف أنت أين كان الصديق يوم بدر‏؟‏

كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش بمنزلة الرئيس

الذي يحامي عنه، وعلي رضي الله عنه في المبارزة، ولو فرض أنه

انهزم أو قتل لم يخزل الجيش بسببه‏.‏

فأفحم الشيعي

وقال المحاملي‏:‏ وقد قدمه الذين رووا لنا الصلاة والزكاة والوضوء بعد

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموه عليه حيث لا مال له ولا عبيد

ولا عشيرة، وقد كان أبو بكر يمنع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويجاحف عنه، وإنما قدموه لعلمهم أنه خيرهم‏.‏

فأفحمه أيضاً‏.‏

علي بن محمد بن سهل

أبو الحسن الصائغ، أحد الزهاد العباد أصحاب الكرامات‏.‏

روى عن ممشاد الدينوري‏:‏ أنه شاهد أبا الحسن هذا يصلي في الصحراء

في شدة الحر، ونسر قد نشر عليه جناحيه يظله من الحر‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ وفيها توفي أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتكلم

المشهور، وكان مولده سنة ستين ومائتين، وهو من ولد أبي موسى

الأشعري‏.‏

قلت‏:‏ الصحيح أن الأشعري توفي سنة أربع وعشرين ومائتين

كما تقدم ذكره هناك‏.‏

قال‏:‏ وفيها توفي محمد بن يوسف بن النضر الهروي الفقيه الشافعي،

وكان مولده سنة تسع وعشرين ومائتين، أخذ عن الربيع بن سليمان

صاحب الشافعي‏.‏

قلت‏:‏ وقد توفي فيها

أبو حامد بن بلال‏.‏

وزكريا بن أحمد البلخي‏.‏

وعبد الغافر بن سلامة الحافظ‏.‏

ومحمد بن رائق الأمير ببغداد‏.‏

وفيها توفي الشيخ‏:‏

أبو صالح مفلح الحنبلي

واقف مسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي من دمشق، وكانت له كرامات

وأحوال ومقامات، واسمه مفلح بن عبد الله أبو صالح المتعبد، الذي ينسب

إليه المسجد خارج باب شرقي من دمشق، صحب الشيخ أبا بكر بن سعيد

حمدونه الدمشقي، وتأدب به، وروى عنه الموحد بن إسحاق بن البري،

وأبو الحسن علي بن العجة قيّم المسجد، وأبو بكر بن داود

الدينوري الدقي‏.‏

روى الحافظ ابن عساكر من طريق الدقي عن الشيخ أبي صالح‏.‏

قال‏:‏ كنت أطوف بجبل لكام أطلب العباد، فمررت برجل وهو جالس

على صخرة مطرق رأسه فقلت له‏:‏ ما تصنع ههنا‏؟‏

فقال‏:‏ أنظر وأرعى‏.‏

فقلت له‏:‏ لا أرى بين يديك شيئاً تنظر إليه ولا ترعاه إلا هذه العصاة

والحجارة‏.‏

فقال‏:‏ بل أنظر خواطر قلبي وأرعى أوامر ربي، وبالذي أطلعك علي

إلا صرفت بصرك عني‏.‏

فقلت له‏:‏ نعم، ولكن عظني بشيء أنتفع به حتى أمضي عنك‏.‏

فقال‏:‏ من لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الموت أكثر الندم،

ومن استغنى بالله أمن العدم‏.‏

ثم تركني ومضى‏.‏

وقال أبو صالح‏:‏ مكثت ستة أيام أو سبعة لم آكل ولم أشرب، ولحقني

عطش عظيم، فجئت إلى النهر الذي وراء المسجد فجلست أنظر إلى

الماء، فتذكرت قوله تعالى‏:

‏ ‏{‏ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ‏ }‏

[‏هود‏:‏ 7‏]‏‏.‏

فذهب عني العطش فمكثت تمام العشرة أيام‏.‏

وقال‏:‏ مكثت أربعين يوماً لم أشرب، ثم شربت، وأخذ رجل فضلتي ثم ذهب

إلى امرأته فقال‏:‏ اشربي فضل رجل قد مكث أربعين يوماً لم يشرب الماء‏.‏

قال أبو صالح‏:‏ ولم يكن اطلع على ذلك أحد إلا الله عز وجل‏.‏

ومن كلام أبي صالح‏:‏ الدنيا حرام على القلوب حلال على النفوس، لأن كل

شيء يحل لك أن تنظر بعين رأسك إليه يحرم عليك أن تنظر بعين

قلبك إليه‏.‏

وكان يقول‏:‏ البدن لباس القلب والقلب لباس الفؤاد، والفؤاد لباس

الضمير، والضمير لباس السر، والسر لباس المعرفة به‏.‏

ولأبي صالح مناقب كثيرة رحمه الله، توفي في جمادى الأولى

من هذه السنة، والله سبحانه أعلم‏.‏