المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنما الأعمال بالنيات


حور العين
01-26-2016, 01:12 PM
من:الأخت الزميلة / جِنان الورد
إنما الأعمال بالنيات

( إنما الأعمال بالنيات )

وضحي كيفية ذلك، علماً بأن الله تعالى هو رب النوايا.

وما نتيجه العمل في حالة وجود نية وفي حالة عدم

وجودها مع العمل؟

يعني أن الله وحده المُطلع على القلوب وما تُخفي الصدور، فهو وحده

الذي يعلم نوايا العباد، وما يقصد كل واحد من عمله.

قوله:

- ( إنما الأعمال بالنيات )

يقتضي الحصر، أي إنما الأعمال صالحة أو فاسدة أو مقبولة أو مردودة

بالنيات، فهو خبر عن حكم الأعمال الشرعية التي لا تصح إلا بالنية.

- ( وإنما لكل امرئ ما نوى )

أي لا يحصل له من عمله إلا ما نواه به، فإن نوى خيراً أو شراً جوزي

به، وإن نوى مباحاً لم يحصل له ثواب ولا عقاب، فالجملة الأولى دلت

على صلاح العمل وفساده، والثانية دلت على ثواب العامل وعقابه.

نية العمل:

١- تمييز العمل، فلا تصح الطهارة بأنواعها ولا الصلاة والزكاة والصوم

والحج وجميع العبادات إلا بقصدها ونيتها، فينوي تلك العبادة المعينة،

وإذا كانت العبادة تحتوي على أجناس وأنواع، كالصلاة مثلاً: منها الفرض

والنفل المعين والنفل المطلق، فالمطلق منه يكفي فيه أن ينوي الصلاة،

وأما المعين من فرض ونفل فلا بد أن ينوي ذلك المعين وهكذا

بقية العبادات.

٢- تمييز العبادة عن العادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبرداً أو غسلاً

عن الحدث الأكبر والميت والجمعة ونحوها، وكذلك إخراج المال للزكاة

أو الكفارة أو النذر أو الصدقة المستحبة أو الهدية، وكذلك صور ومسائل

المعاملات، العبرة في ذلك كله النية والقصد لا ظاهر العمل واللفظ.

( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله )

أي الأعمال يختلف صلاحها وفسادها باختلاف النيات، كمثل تعلم العلم

لغير وجه الله، قال ﷺ:

( من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به

عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة )

يعني ريحها، أخرجه أحمد.

والعمل ثلاثة بالنسبة لنية الرياء:

١/ أن يكون أصل العمل رياءً خالصاً بحيث لا يُراد به إلا مراءاة

المخلوقين لغرض دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم قال تعالى:

{ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ

وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }

وهذا الرياء الخالص لا يصدر من مؤمن حقاً..

وهذا العمل حابط وصاحبه مستحق للمقت والعقوبة.

٢/ أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء في أصله فالنصوص الصريحة تدل

على بطلانه وحبوطه أيضا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة

عن النبي ﷺ قال:

( يقول الله تبارك وتعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك

من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )،

ولا يعرف عن السلف في هذا القسم خلاف بينهم.

٣/ أن يكون أصل العمل لله ثم يطرأ عليه نية الرياء فإن كان خاطراً ودفعه

فلا يضره بغير خلافٍ، وإن استجاب له فهل يحبط عمله أم لا؟ الصحيح أن

أصل عمله لا يبطل بهذا الرياء وأنه يجازى بنيته الأولى ورجحه أحمد

والطبري، وإنما يبطل من عمله ما خالطه الرياء.

أما إذا خالط نية العمل نية غير الرياء مثل أخذ الأجرة للخدمة أو شيء من

المعاوضة في الجهاد أو التجارة في الحج نقص بذلك الأجر ولم يبطل

العمل، قال أحمد: التاجر والمستأجر والمكاري أجرهم على قدر ما يخلص

من نيتهم في غزاتهم ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط

به غيره.

وليس من الرياء فرح المؤمن بفضل الله ورحمته حين سماع ثناء الناس

على عمله الصالح فإذا استبشر بذلك لم يضره، لما روى أبو ذر

عن النبي ﷺ أنه سُئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير

ويحمده الناس عليه فقال:

( تلك عاجل بشرى المؤمن )

رواه مسلم.

للفائدة:

١/ صاحب النية الصادقة إذا عجز عن العمل يلتحق بالعامل في الأجر،

فتتفاضل الأعمال ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان

والإخلاص، قال الله تعالى:

{ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ

فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }

وفي الصحيح مرفوعا:

( إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما ً)،

وإذا هم العبد بالخير ثم لم يقدر له العمل كتبت همته ونيته حسنة كاملة

٢/ والنية تجري في المباحات والأمور الدنيوية، فمن نوى بكسبه وعمله

الدنيوي الإستعانة بذلك على القيام بحق الله وحقوق الخلق، واستصحب

هذه النية الصالحة في أكله وشربه ونومه وجماعه انقلبت العادات في

حقه إلى عبادات وبارك الله في عمله وفتح له من أبواب الخير والرزق

أموراً لا يحتسبها ولا تخطر له على بال، ومن فاتته هذه النية لجهله

أو تهاونه فقد حرم خيراً عظيماً، ففي الصحيح عنه ﷺ أنه قال لسعد

بن أبي وقاص:

( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها

حتى ما تجعل في في امرأتك ).

وقال ابن القيم:

إن خواص المقربين هم الذين انقلبت المباحات في حقهم إلى طاعات

وقربات بالنية فليس في حقهم مباح متساوي الطرفين بل كل

أعمالهم راجحة.