المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيوت مطمئنة - الحلقة الثامنة / تجربتي مع أخي


راجية الجنة
01-31-2016, 10:55 AM
بيوت مطمئنة
8 - تجربتي مع أخي
الأخت الزميلة / منة الرحمن


كم تكون الحياة صعبة ومليئة بالهموم والمصاعب ,
وخاصة إذا عشنا في بيوتنا ودخلنا الدوائر المظلمة المغلقة ,
وذلك إذا فارق الوالد الدنيا وتوفي مبكرا ,
من سيقوم بهذا البيت ؟
عادة يقوم الأخ الأكبر بمهمة الوالد , وأنا أقول ستكون صعبة جداً ,
فهو ما بين أن تسند إليه مهمة المسؤولية فتعظم على صاحبها ,
وخاصة في داخل الأسر الفقيرة , التي لا تجد إلا قوت يومها
أو أقل من ذلك , وبعض الناس قد تكون عنده المادة موجودة
فيستطيع أن يتواصل مع أخواته يصرف عليهن ,
وربما يصرف على الوالدة , لكن ذلك إذا كان الوالد ثريا أو عنده مالا ,
لكن ماذا نقول لمن لم يترك شيء ؟
فالفقر والحاجة ابتلاء كبير , وهّم عريض



يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
[ لو كان الفقر رجلا لقتلته ٍ]

هناك مجموعة من القصص التي حفظتها وتحفظونها أنتم
حول الفقراء وحالة المعوزين , لا يمكن أن نجمعها في كتاب
بل لا تجمع حتى في المجلدات ومجالس الرجال

لكن في المقابل أنا أزف بشرى لمن أبتلي بهذا الأمر,
بأن تربية البنات والقيام بشؤونهن سيكون سبب للثراء السريع
أقولها وبكل صراحة للثراء السريع والمال والعوض من الله عز وجل ,
وتشهد بذلك قصص وروايات ,
كيف لا وقد ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة لمن عال جاريتين ,
فضلا عن البركة في المال , والعمر والحياة

فدعوة لكل من قام على رعاية أخواته والنفقة عليهن ,
أن لا يتضايق من المصاريف و من المتطلبات , وليبشر بالخير
والبركة والفضل والإحسان

وصدق الله حين قال :

{ هَل جَزَآءُ الِإِحَسَانِ إلِّاِ إلِاحَسانُ }



هذا أخ أسمى نفسه أبو عبد العزيز
يروى قصته و يقول :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تجربة خاصة , أنا رجل أبلغ من العمر خمسون عاما ,
و كنت قبل خمسة عشر عاما لا أملك إلا راتبي فقط ,
فأما الآن أملك أكثر من مائة مليون ريال , والخير في ازدياد ولله الحمد
اسمحوا لي أن أذكر السبب الذي جعلني غنيا ثريا ,
وهذه رسالة لكل أخ عنده أخوات لم يتزوجن

يقول أبو عبد العزيز :
توفي والدي في حادث , وكنت متزوجا آن ذاك و أعمل معلماً
في التربية والتعليم , وقد منّ الله عليّ بزوجة صالحة

قالت لي :
يا فلان أخواتك أمانة في رقبتك زوجهم من صالحين وأخيار ,
وأنفق عليهم مثلما تنفق علينا , ولا تُعطِنا وتحرمهم
أو تهتم بنا وتنساهم

يقول أبو عبد العزيز :
إن زوجته كانت تعينه حتى من مالها الخاص ؛
لكي تصرف على أخواته

يقول الأخ :
زوجت أختي الكبرى وعمرها إحدى وعشرين سنة ،
وهي الآن تحضر الماجستير , ثم زوجت أختي الوسطى
وعمرها تسعة عشر عاماً , من قاضي أكبر منها وشرفها أن تكون مشرفة
على دار نسائية , وأخيرا قبل أربع سنوات زوجت أختي الصغرى
وعمرها إحدى عشرة عاماً لابن عم لها صالح ، لكن لا وظيفة له ،
إلا أني أعطيته من مالي من أجل أن يتزوج أختي ,
وكان المبلغ قدره مئة ألف ريال ؛ ليقدمها كمهر لها إذا قدم عندنا
دون أن يعلم بذلك أحد

يقول أبو عبد العزيز
ولما عدت للبيت متعباً مجهداً ,
أخبرت زوجتي بأن كل ما عندي
من مال أعطيته لابن عمي ؛ ليتقدم لخطبة أختي ,

ما كان من زوجتي
إلا أن بكت و رفعت يديها
وقالت :
يا الله يا ربي عوضنا خيرا في أبي عبد العزيز , وليّ الأمانة
التي أخذها من والده ورعاها حق رعايتها ، فاللهم أخلف عليه
المئة ألف بمائة مليون ريال

هذا مجمل ما قالته

يقول أبو عبد العزيز :
وحصل ذلك , ودخلت تجارة الأسهم في أول وقتها يوم كان المؤشر
في حدود إحدى وعشرون ألف نقطة , فتوفقت وبارك الله لي كثيراً وكثيراً ,
حتى أصبحت ولله الحمد أملك أكثر من مائة مليون ريال ,
بعد أن تركت العمل الحكومي , و بعد أن منّ الله علي بهذا الخير ,
و أبشركم أني أعطيت كل واحدة من أخواتي خمسة ملايين ريال هدية لها
و شكراً للنعمة , فأرجو من كل أخ عنده أخوات على وجه زواج ,
أن يزوجهن ويحرص عليهن ولا يخاف الفقر ,
فإن الملايين تحت أقدامهن وبين أيديهن ,
لكن لمن صدق مع الله وأحب أخواته وخاف عليهن



فهذا مثال جيد لبعض الإخوان في التعامل مع الأخوات ،
وفي المقابل هذا مثال مخالف تماما للقصة السابقة ,

تقول إحدى الأخوات :
أنا بلغت من العمر اثنين و ثلاثون عاماً ومازال يتقدم لي الكثير والكثير,
لكن إخواني يرفضون , ومنهم مازال متمسك بالعادات القديمة :
أننا لن نتزوج إلا من القبيلة , بل زادوني قهراً , وهماً , وغماً
أن جميع إخواني الذكور متزوجون و أنا وأختي الأصغر مني لم نتزوج ,
مهما حصل ومهما قلت من الظلم الذي أوقعوه علينا إخواني ،
فأنا سامحتهم وعفوت عنهم , في هذا اليوم المبارك وأنا صائمة ،
اليوم الاثنين , أسأل الله أن يتجاوز عنهم , ويصلح أولادهم ,
وأن يعوضني الله خيراً في هذه الدنيا و في الأخرة ,
فأنا لاحيلة لي إلا بالدعاء , والرضا بقضاء الله وقدره

و تواصل هذه الأخت وتقول :
لم تنتهي معاناتي و قصتي , فغداً الثلاثاء زواج أخي الكبير
من زوجة ثانية ، ببنت عم لنا عمرها تسعة عشر عاماً ،
سبحان الله هو يعدد وأنا وأختي محرومات من الزواج والولد ,
لكن سامح الله أخي , وثقتي بالله كبيرة ولديّ يقين بأن الله جل وعلا
سيحل الأمر وستنتهي معاناتي



قصتان مختلفتان لكن فيها العبرة , فيها العظة بالنتيجة وبالعاقبة ,
فلن يضيع الله أجر من أحسن عملا , فالأخوات رياحين البيوت ,
نبضات القلوب , بركة الأسرة , نور العائلة ,
لا تعليق حول ما ذكرت من القصتين إلا أنني أقول وبكل صراحة
أن الدنيا لا تبقى على حال واحد مهما كان , القادم مليء بالمفاجآت
فهنيئا لمن خدم أخواته , وسعى في حوائجهن, و قام على مصالحهن
بلا تأفف ولا منة , و كل الويل ، والندم , و الخسارة , والضياع ,
وقلة البركة لمن فرط في حق أخواته اليتامى وقصر معهن ,
ولكل من أكل حقوقهن , وعاش في دنياه بأموالهن بدون وجه حق
والله المستعان.