المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضحايا الشح


هيفولا
02-13-2016, 12:19 PM
ضحايا الشح




الكاتب/المحاضر : د. نوال بنت عبدالعزيز العيد






إن المتابع لأحوال الناس يلحظ تغيرا ظاهرا في السلوك ،
و إهمالا لتزكية النفوس ،
وماذاك إلا لغرق الناس في الماديات ،
واسترسالهم في الشكليات ، وبعدهم عن مشكاة الهداية و الفلاح كتاب الله ،
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،

ومن السلوكيات السيئة التي لو لم يأت الإسلام بذمها لترفع عنها أشراف الرجال الشح ،
وأقبح الشح إمساك نفقة من تلزم نفقته أيا كان زوجة أو ابنا أو والدا أو أخا ،
و من يتابع القنوات الفضائية خاصة فيما يتعلق بالمشكلات الأسرية
أو يسمع أحاديث النساء في مجالسهن الخاصة أو العامة
يقف على شكوى كثير من النساء عن إمساك الرجال عن النفقة
لا سيما المطلق إن كان له أطفال ،
بل وقفت على قضايا طلق الرجل فيها المرأة ،
وله منها مجموعة من الأطفال ولم ينفق على أولاده البتة ،
ولم تستطع المطلقة أن ترفع قضية مطالبة بالنفقة خوفا من أن يأخذ الأولاد عنده ،
وإن رفعت القضية وحكم لها بالنفقة صارت كمتسول يطلب صدقة وإحسان المتفضل ،
إن هذه القضايا وغيرها الكثير تحتاج منا إلى وقفة مراجعة لأسباب سلوك سئ ،
أخشى أن يتحول إلى ظاهرة مالم نقم بعلاجه ، واجتثاث أسبابه ،
ماالذي يمنع الرجل من الإنفاق على من تحت يده أو على أطفاله إن كانوا من مطلقته ،

ألسنا نؤمن بقوله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )
يقول القرطبي : ( أي : لينفق الزوج على زوجته ، وعلى ولده الصغير
على قدر وسعه حتى يوسع عليهما إذا كان موسعا عليه ،
ومن كان فقيرا فعلى قدر ذلك )
بل إن الله أثبت قوامة الرجل على المرأة ،

وأناط ذلك بأمرين : الفضيلة ، والنفقة
( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
بل كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجال في حجة الوداع
قبل وفاته ببضعة و ثمانين يوما الرزق والكسوة ،
وفي حديث جابر الطويل : " فاتقوا الله في النساء ،
فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ،
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف "

و أخرج الإمام أحمد من حديث معاوية بن حيدة أن رجلا سأل النبي :
ما حق المرأة على زوجها ؟ قال : " تطعمها إذا طعمت ،
وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ،
ولا تهجر إلا في البيت " وكان رسول الله يحبس لأهله قوت سنتهم ،
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب النفقة بالمعروف
وعدم إتباع النفقة منا ولا أذى ،

ومع ذلك نلحظ الإعراض من قبل بعض الرجال مما يثير حافظة المصلحين
إلى البحث عن الأسباب لاتخاذ الحلول ،
هل السبب الطريقة الخاطئة في تنشئة الجيل ،
إذ إن الولد منذ صغره يربى على الأخذ ، ويترقب العطاء ،
ولم يربا في يوم على البذل ، حتى إذا بلغ أشده ،
وأصبح الرجل المسؤول عن الأسرة لم يستطع أن يؤد دوره المطلوب ،
لأنه لم يؤهل يوما ما للقيام بدوره المرتقب ، فقضية تضييعه لنفقة ليست وليدة لحظة ،
إنما هي قضية تراكمية كان العامل الأكبر فيها التربية الخاطئة ،
فعلينا لإنقاذ ضحايا الشح أن نعيد النظر في طريقة تربية الأولاد
هذا الحل مسؤوليتنا كأفراد ، فما دور القانون لحماية ضحايا الشح ،
إن على المحاكم أن تدرس قانون الخصم من حساب الرجل لحساب المرأة
بقدر مايكفي أولاده ، ولا تظل المرأة ترتقب إحسانه ،
وتطارده للحصول على واجبه وحقها ، إن على الرجال الذين تشربت أنفسهم الطمع ،
وسيطر على قلوبهم الحرص حتى غطى على بصائرهم ،
أن يترفعوا عن أكل من حرج رسول الله ماله ،
و أن يحذروا من أكل أموال الناس بالباطل ،
وليراجعوا كتب الفقه ليرو ا الإنصاف في تفاصيل النفقة
حيث بحث الفقهاء نفقة خادم الزوجة ،
وهل يجب لها أكثر من خادم ، وتوفير المسكن الصالح لأولاده من مطلقته ،
إلى آخر المسائل التفصيلية في مباحث النفقة ،
فهل سنتخذ الخطوات الجادة لإنقاذ ضحايا الشح
، وإلى متى نتركهم يصطلون بنار الظلم ،
ألم يأمرنا رسول بنصرة الظالم والمظلوم ؟

هيفولا:o