المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 15.06.1437


حور العين
03-24-2016, 01:13 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ أنواع الشرك في الألوهية ]

النوع الأول: اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية .

فمن اعتقد أن غير الله تعالى يستحق العبادة مع الله , أو يستحق أن
يصرف له أي نوع من أنواع العبادة فهو مشرك في الألوهية.

ويدخل في هذا النوع من يسمي ولده أو يتسمى باسم يدل على التعبد
لغير الله تعالى ، كمن يتسمى بـ (عبد الرسول)، أو (عبد الحسين)
، أو غير ذلك.

فمن سمى ولده أو تسمى بشيء من هذه الأسماء التي فيها التعبد
للمخلوق معتقداً أن هذا المخلوق يستحق أن يعبد فهو مشرك بالله تعالى.

النوع الثاني: صرف شيء من العبادات لغير الله تعالى

فالعبادات بأنواعها القلبية, والقولية, والعملية, والمالية حق لله تعالى
لا يجوز أن تصرف لغيره. ... فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد وقع
في الشرك الأكبر.

قال علامة الهند: صديق حسن خان القنوجي في تفسير قوله تعالى:

{ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ }
[الإسراء: 23]

قال رحمه الله: (وقد تقرر أن العبادة لا تجوز إلا لله، وأنه هو المستحق
لها، فكل ما يسمى في الشرع عبادة ويصدق عليه مسماها فإن الله
يستحقه، ولا استحقاق لغيره فيها، ومن أشرك فيها أحداً من دون الله
فقد جاء بالشرك، وكتب اسمه في ديوان الكفر) .

والشرك بصرف شيء من العبادة لغير الله له صور كثيرة، يمكن
حصرها في الأمرين التاليين:

الأمر الأول: الشرك في دعاء المسألة
دعاء المسألة هو أن يطلب العبد من ربه جلب مرغوب, أو دفع
مرهوب.

ويدخل في دعاء المسألة: الاستعانة, والاستعاذة, والاستغاثة, والاستجارة.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: (ومعنى الدعاء: استدعاء العبد ربه –
عز وجل – العناية، واستمداده إياه المعونة. وحقيقته: إظهار الافتقار
إليه، والتبرؤ من الحول والقوة. وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة
البشرية، وفيه معنى الثناء على الله – عز وجل – وإضافة الجود
والكرم إليه) .

والدعاء من أهم أنواع العبادة، فيجب صرفه لله تعالى، ولا يجوز لأحد
أن يدعو غيره كائناً من كان، قال تعالى:

{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
[غافر: 60]

وقال تعالى:

{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا }
[الجن: 18]

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( الدعاء هو العبادة )

وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس:

( إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله )

فمن دعا غير الله فقد وقع في الشرك الأكبر – نسأل الله السلامة والعافية

ومن أمثلة الشرك في دعاء المسألة ما يلي:

أ- أن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا
المخلوق حياً أم ميتاً، نبياً أم ولياً, أو ملكاً أم جنياً أم غيرهم، كأن يطلب
منه شفاء مريضه, أو نصره على الأعداء، أو كشف كربة، أو أن يغيثه،
أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر،
مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله، واستغاث به،
واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع
المسلمين، وصرفها لغيره شرك، ولأنه اعتقد في هذا المخلوق ما
لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى .

ب- دعاء الميت.

ج- دعاء الغائب.

فمن دعا غائباً أو دعا ميتاً وهو بعيد عن قبره، وهو يعتقد أن هذا المدعو
يسمع كلامه, أو يعلم بحاله فقد وقع في الشرك الأكبر، سواء أكان هذا
المدعو نبياً أو ولياً، أم عبداً صالحاً أم غيرهم، وسواء طلب من هذا
المدعو ما لا يقدر عليه إلا الله أم طلب منه أن يدعو الله تعالى له، ويشفع
له عنده ، فهذا كله شرك بالله تعالى مخرج من الملة؛ لما فيه من دعاء
غير الله، ولما فيه من اعتقاد أن المخلوق يعلم الغيب، ولما فيه من اعتقاد
إحاطة سمعه بالأصوات، وهذا كله من صفات الله تعالى التي اختص بها،
فاعتقاد وجودها في غيره شرك مخرج من الملة .

د- أن يجعل بينه وبين الله تعالى واسطة في الدعاء، ويعتقد أن الله تعالى
لا يجيب دعاء من دعاه مباشرة، بل لابد من واسطة بين الخلق وبين
الله في الدعاء، فهذه شفاعة شركية مخرجة من الملة .

واتخاذ الوسائط والشفعاء هو أصل شرك العرب ، فهم كانوا يزعمون أن
الأصنام تماثيل لقوم صالحين، فيتقربون إليهم طالبين منهم الشفاعة،
كما قال تعالى:

{ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }
[الزمر: 3].

الأمر الثاني: الشرك في دعاء العبادة
دعاء العبادة هو: عبادة الله تعالى بأنواع العبادات القلبية، والقولية،
والفعلية كالمحبة، والخوف، والرجاء والصلاة، والصيام، والذبح،
وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى وغيرها.

وسمي هذا النوع (دعاء) باعتبار أن العابد لله بهذه العبادات طالب وسائل
لله في المعنى، لأنه إنما فعل هذه العبادات رجاء لثوابه وخوفاً من عقابه،
وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب ، فهو داع لله تعالى بلسان حاله،
لا بلسان مقاله.

ومن أمثلة الشرك في هذا النوع:

أ- شرك النية والإرادة والقصد:
هذا الشرك إنما يصدر من المنافق النفاق الأكبر، فقد يظهر الإسلام وهو
غير مقر به في باطنه، فهو قد راءى بأصل الإيمان، كما قال تعالى:

{ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا }
[البقرة: 14]

وقد يرائي ببعض العبادات، كالصلاة، كما قال تعالى عن المنافقين:

{ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ
وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }
[النساء: 142]

فهم قد جمعوا بين الشرك والنفاق.

ب- الشرك في الخوف:

الخوف في أصله ينقسم إلى أربعة أقسام:

1- الخوف من الله تعالى: ويسمى (خوف السر)، وهو الخوف المقترن
بالمحبة, والتعظيم, والتذلل لله تعالى، وهو خوف واجب، وأصل من
أصول العبادة.

2- الخوف الجبلي: كالخوف من عدو، والخوف من السباع المفترسة
ونحو ذلك. وهذا خوف مباح؛ إذا وجدت أسبابه، قال الله تعالى
عن نبيه موسى عليه السلام:

{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ }
[القصص: 21].

3- الخوف الشركي: وهو أن يخاف من مخلوق خوفاً مقترناً بالتعظيم
والخضوع والمحبة. ومن ذلك الخوف من صنم أو من ميت خوفاً مقروناً
بتعظيم ومحبة، فيخاف أن يصيبه بمكروه بمشيئته وقدرته، كأن يخاف
أن يصيبه بمرض, أو بآفة في ماله، أو يخاف أن يغضب عليه؛ فيسلبه
نعمه فهذا من الشرك الأكبر، لأنه صرف عبادة الخوف والتعظيم لغير الله،
ولما في ذلك من اعتقاد النفع والضر في غير الله تعالى، قال الله تعالى:

{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ
فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ }
[التوبة: 18]

قال ابن عطية المالكي الأندلسي المولود سنة 481هـ في تفسيره
: (يريد خشية التعظيم, والعبادة, والطاعة).

4- الخوف الذي يحمل على ترك واجب أو فعل محرم، وهو خوف محرم
، كمن يخاف من إنسان حي أن يضره في ماله أو في بدنه، وهذا الخوف
وهمي لا حقيقة له، وقد يكون هناك خوف فعلاً ولكنه يسير لا يجوز معه
ترك الواجب أو فعل المحرم. قال الله تعالى:

{ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
[آل عمران: 175].

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه أو علمه ) .

ج- الشرك في المحبة:

المحبة في أصلها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- محبة واجبة: وهي محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم،
ومحبة ما يحبه الله تعالى من العبادات وغيرها.

2- محبة طبيعية مباحة: كمحبة الوالد لولده، والإنسان لصديقه،
ولماله ونحو ذلك.

ويشترط في هذه المحبة أن لا يصحبها ذل, ولا خضوع, ولا تعظيم، فإن
صحبها ذلك فهي من القسم الثالث، ويشترط أيضاً أن لا تصل إلى درجة
محبته لله ومحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ساوتها أو زادت
عليها فهي محبة محرمة، لقوله تعالى:

{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ
حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }
[التوبة: 24].

3- محبة شركية، وهي أن يحب مخلوقاً محبة مقترنة بالخضوع والتعظيم،
وهذه هي محبة العبودية، التي لا يجوز صرفها لغير الله، فمن صرفها
لغيره فقد وقع في الشرك الأكبر ، قال الله تعالى:

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ }
[البقرة: 165].

د- الشرك في الرجاء: وهو أن يرجو من مخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله،
كمن يرجو من مخلوق أن يرزقه ولداً، أو يرجو منه أن يشفيه بإرادته
وقدرته، فهذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة .

هـ- الشرك في الصلاة والسجود والركوع:
فمن صلى, أو سجد, أو ركع, أو انحنى لمخلوق محبة وخضوعاً له وتقرباً
إليه (22) ، فقد وقع في الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم ، قال الله تعالى:

{ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ
إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }
[فصلت: 37]،

وقال سبحانه:

{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ }