المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القوقع المخروطي


vip_vip
02-24-2011, 12:39 PM
الأخ البروفيسور / محمد هاشم عبدالبارى

التألق و الجمال و الغدر و السم و الدواء في


القوقع المخروطي




الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد الباري

^^^^^^^




إنّ الألوان البراقة الجميلة المتألقة ومنظر القواقع المخروطية تعتبر جذابة للغاية للعين، ولذلك فان الناس تلتقط أحيانا تلك الحيوانات الحية وتمسكها في أيديها لفترة من الوقت. هذا لا يجب أن يحدث مطلقا، فقد يطلق القوقع رمحه السام "الحربون" في يد الشخص دفاعا عن نفسه فيحدث مالا يحمد عقباه.

إن لدغات الكثير من أنواع القواقع المخروطية الصغيرة قد لا تكون أسوأ من لسعات النحل أو الزنابير، ولكن في حالة أنواع القواقع الاستوائية الأكبر فانّ الإمساك بها قد يترتب عليه الموت. فهناك ثلاثون حالة وفاة قد سجلت من التسمم من القواقع المخروطية.


http://img139.imageshack.us/img139/8812/88751863.png




هذه القواقع المخروطية يمكن أن نسميها بالمحارات المخروطية أو نسميها بالحلزونات المخروطية. فالحلزون المخروطي المسمى "بالمخروط الجغرافي "كوناس جيوجرافاس" والمعروف أيضا بالاسم الدارج "حلزون السيجارة" أو "قوقع السيجارة" يتحدث عنه الناس بدعابة للمبالغة تقول: عند اللدغ بهذا المخلوق سيكون أمام الضحية وقت كاف فقط لتدخين سيجارة قبل الموت. ومن هنا أخذ اسم حلزون السيجارة!! وفى حالة الحلزونات المخروطية الكبيرة ربما كانت هناك خطورة اختراق رمح "حربون" الحلزون لقفاز الشخص أو بذلة الغطس التي يرتديها.



ويعرف نحو 500 نوعا مختلفا من الحلزونات المخروطية في العالم تعيش في البحار والمحيطات الدافئة والاستوائية على اتساع العالم، بعضها يعيش في الأجواء المعتدلة مثل سواحل جنوب أفريقيا وهى متوطنة في تلك المناطق. وتعيش في المحيط الهندى والباسيفيكى وفى البحر الكاريبي والبحر الأحمر وبطول ساحل فلوريدا الأمريكي. وتوجد في النتوءات الصخرية التي يعلوها الماء ثم ينضب عنها حول العالم وفى تجاويف الصخور وفى الشعاب البحرية.
http://img291.imageshack.us/img291/8769/24720474.png








هذه القواقع أو المحارات أو الحلزونات لاحمة التغذية أي تتغذى على اللحوم. ليس لحوم البقر ولا الغنم التي جعلها مبارك ولصوصه عزيزة على أفراد شعبه، ولكنها تتغذى بافتراس الكائنات البحرية الأخرى ولا تتغذى على النباتات. ونقسّم المحارات المخروطية تبعا لفرائسها التي تتغذى عليها إلى:


1 - محارات حلزونية آكلة الأسماك، وهى الأكثر خطورة على الإنسان

2- محارات حلزونية آكلة القواقع أو الحلزونات الأخرى

3- محارات حلزونية آكلة الديدان البحرية

هذا الحلزون المخروطي له قدم مفلطحة لحمية ملونة، وله رأس ومجسات. إن تلك الحلزونات ليست شرسة ولا عدوانية. ولكن لسعات هذا الحلزون تحدث عادة عندما يتداول الغطّاسون ذلك الحلزون بأياديهم في المياه العميقة عند الحواجز المرجانية. وهناك رأى يقول بأنّ السباحون والغطاسون الذين يغطسون باستخدام أنبوب التنفس ليس من المحتمل أن يجدوا الحلزون المخروطي في مياه المد والجذر الضحلة. محارات وهياكل الحلزون المخروطي الفارغة تعتبر من الأشياء الثمينة على السواحل الرملية والشواطئ الرملية.


http://www.lojein.com/fwasel/187.gif




الحلزونات المخروطية تشل حركة فرائسها بحقنها بسم زعاف فريد. فأفواهها لها تركيب يشبه فوهة المدفع يطلق سنّا حادا جارحا بسرعة نحو 400 ميل في الساعة. السن المسمى حربون يحقن السم في الأسماك أو الديدان أو الفرائس الأخرى أو في يد الإنسان الممسكة به. ثم تبتلع الفريسة بواسطة فم طويل مرن مطاط عبارة عن أنبوب له شفة دائرية مطاطة. يبتلع الفريسة كما يبتلع الثعبان فريسته. الحلزون المخروطي يمكنه إعادة تعبئة ذلك السلاح بحربونات إضافية. الحلزون لا يأكل بصفة مستمرة مثلنا. فليس عنده وجبات الفطور والغذاء والعشاء. فهو بعد ابتلاع فريسته يخلد إلى الراحة ويدفن نفسه في الرمل أو تحت الصخور ليهضم الوجبة الفريسة، ربما لعدة أيام قبل أن يقرصه الجوع ويضطر إلى اقتناص فريسة أخرى. ولقد زوّدها الله تبارك وتعالى بذلك السم الفريد ليشل حركة فريسته تماما ويجمّدها في مكانها ليتسنى له ابتلاعها. فهو بطيء الحركة للغاية والفريسة سريعة الحركة، فلزم أن يكون لديه وسيلة سريعة لتثبيتها في مكانها على مقربة من فمه. وكما ذكرت هناك تقارير تفيد بتسجيل 30 حالة تسمم فيها الإنسان بواسطة المحارات الحلزونية آكلة الأسماك بعضها كانت قاتلة.


http://img690.imageshack.us/img690/4608/94297087.png




ينتج السم في أنبوبة طويلة جدا وملتوية أو متثنيّة داخل بطن الحلزون تفوق طول جسم الحلزون نفسه عدة مرات. تنهى الأنبوبة في أحد أطرافها داخل البطن بانتفاخ يعتقد أنه ينقبض ليعطى قوة لحقن السم في الفريسة من خللا أسنان مجوّفة تشبه تماما سن أو نصل الرمح. هذه السموم تعمل على منع الاتصالات العصبية. عند اختبارها على الفئران أظهرت استجابات وظائفية وسلوكية متباينة تتراوح من الارتجاف إلى الاكتئاب. إن سموم تلك المحارات الحلزونية تحوى عددا من السموم العصبية التي تسبب الضعف والوهن وفقد المقدرة على التنسيق، تؤدى إلى اضطراب الرؤية فتصبح رؤية الشخص مزدوجة، وتؤدى إلى اضطراب النطق والسمع في الضحية. الغثيان يعتبر أقل شيوعا. وقد يحدث الخدر والألم الموضعي والتورم. ويحدث الشلل في حالة التسمم الشديد ويكون الشلل في عضلات التنفس الذي ربما يؤدى إلى الوفاة.


لم يتم بعد إيجاد أو تطوير مضاد لذلك السم لعلاج لدغات المحارات الحلزونية المخروطية. ولأن الجرح يمكن أن يتلوث فانه ينبغي استخدام علاج ضد التيتانوس. ينبغي تجنب لمس تلك الحيوانات فيمكن للسن الرمح (الحربون) لذلك الحلزون أن يخترق القفازات وبذلة الغطس. إن سم ذلك الحلزون يشابه سموم السمك النفاخ والأخطبوط ذو الحلقات الزرقاء.


ولقد تم فحص سموم الحلزونات المخروطية فتبين أنها تحمل بين طياتها أملا كبيرا لتخفيف آلام الإنسان. فيعتبر سم بعض تلك المحارات مثل حلزون "المخروط الساحر "كوناس ماجاس" مادة واعدة يستنبط منها مخفف للألم في الإنسان أقوى ألف مرة من المورفين وربما يحل محله. وكثير من مواد "الببتايد" التي تنتجها الحلزونات المخروطية أظهرت احتمالية قوتها صيدلانيّا مثل مركب AVC1 المعزولة من النوع الاسترالي المسمى "الملكة فيكتوريا "كوناس فيكتورياى"، فقد أثبت فعاليته الهائلة في علاج ما بعد العمليات الجراحية وآلام الأعصاب وحتى الشفاء من إصابات الأعصاب، وهو أقوى عشرة آلاف مرة من المورفين!

إن أول مكافح للألم أو قاتل للألم وهو "زيكونوتايد"(Ziconotide) مشتق من سموم المحارات المخروطية تم اعتماده بواسطة "إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية FDA" في ديسمبر 2004 تحت اسم "بريالت Prialt" وهو يستخدم لعلاج الآلام المزمنة. وهناك عقاقير أخرى تحت المحاولات السريرية وقبل السريرية مثل مركبات من سموم الحلزونات المخروطية التي قد تستعمل في علاج مرض "ألزهايمر" ومرض "باركنسون" ومرض "الصرع".


وتتضمن أعراض التسمم بسموم الحلزونات المخروطية: الألم الشديد، والخدر، وفقد الإحساس، والوخز واللون الخفيف. ويمكن أن تظهر تلك الأعراض خلال دقائق أو تأخذ أيّاما حتى تظهر.

في الحالات الشديدة تتضمن أعراض لدغات المحار المخروطي شلل العضلات، والغشاوة، والرؤية المزدوجة، والشلل التنفسي الذي يؤدى إلى الوفاة.



: وتعالج لدغة المحار الحلزوني على النحو التالي

تغطيس المنطقة المصابة في ماء ساخن إلى الدرجة التي يمكن تحملها.

التثبيت بالضغط. فاليد الملدوغة يجب لفها بضمادة بأسلوب يشابه لف الكاحل الملتوي. قيّد أو اربط الطرف الملدوغ بقوة ولكن حافظ على انسياب الدورة الدموية. اترك الضمادة سليمة حتى تصل إلى العناية الطبية.

تجنب الحركة.

التنفس الاصطناعي قد يحفظ حياة المصاب.

لا تقطع داخل الجرح. اشفط أو استعمل ضاغطا لوقف النزف. التمس العلاج الطبي بأقصى سرعة ممكنة.

ربما يحتاج الأمر إلى العناية المركزة بما فيها استعمال جهاز التنفس الاصطناعي.

-------------------

مع تمنياتى بالسلامة من كل سوء

محمد هاشم عبد البارى

19 ربيع أوّل 1432

22 فبراير 2011