المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمثال في القرآن


حور العين
03-25-2016, 01:56 PM
من:الأخت / الملكة نــور
الأمثال في القرآن
جزء ثالث

الأمثال في القرآن
للدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد

الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،

اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،

ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

قال تعالى :

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً }
[ النور : 39 ]

البشر عند الله عز وجل قسمان لا ثالث لهما :

أيها الأخوة الكرام ، لازلنا في أمثال القرآن الكريم ،

والمثل اليوم قوله تعالى :

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً
حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ
وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
[ سورة النور: 39 ]

المقطع الأول من هذه الآية أن البشر كما تعلمون لهم تقسيمات
لا تعد ولا تحصى ، ولكن البشر عند الله قسمان لا ثالث لهما ؛
مؤمن وكافر ، مستقيم ومنحرف ، مقبل ومدبر ، محسن ومسيء ،
سماها بعض الفلسفة الأثنينية ، في الحياة خير وشر ، وحق وباطل ،
وخلق وسوء خلق ، في حياتنا دائماً شيئان متناقضان .

لذلك أنت كائن متحرك ،
ما الذي يحركك ؟
حاجات أودعها الله فيك ، أنت بحاجة إلى الطعام والشراب إذاً تتحرك ،
بحاجة إلى الشق الآخر ، إلى زوجة ، والزوجة إلى زوج ،
إذاً يتحرك ليتزوج ، بحاجة إلى تأكيد الذات يسعى ليتفوق ،
لأن عنده حاجات ثلاثة ، حاجة إلى الطعام والشراب ،
حاجة إلى الطرف الآخر ، حاجة إلى تأكيد الذات ، هو كائن متحرك ،
هنا المشكلة ، هذه الحركة إما أن تأتي وفق منهج الله ، فأنت مؤمن ،
وأنت الناجح والفالح ، وأنت من أهل الجنة ،
وإذا جاءت هذه الحركة بخلاف منهج الله فهذا هو الكافر ، والمشرك ،
والفاسق ، والمنحرف ، والهالك في الدنيا والآخرة ،
القضية فيها حالتان متناقضتان ، مؤمن وغير مؤمن ، سعيد وشقي ،
موفق وغير موفق ، متصل ومنقطع ، أخلاقي ولا أخلاقي ،
صاحب مبدأ وصاحب مصلحة ، هذه الأثنينية .

حجم الإنسان عند الله
بحجم عمله ونوعه :

الكافر إذا تحرك حركته استيقظ صباحا ً، انطلق إلى عمله ،
حركته قد يتوهمها أنه يحقق إنجازاً كبيراً
لكن خالق الأكوان يقول لنا : حركته تشبه سراباً بقيعة
يحسبه الظمآن ماء ، والعملية معقدة جداً في شرحها العلمي ،
إنسان يمشي في وقت حار جداً في الصحراء ، ليس فيها قطرة ماء
انعكاس الأضواء على الأرض قد يشكل ما يوهم أنه ماء ،
فدائماً غير المؤمن الكافر يظن أنه يقدم إنجازاً كبيراً ،
هذا الإنجاز لا وزن له يوم القيامة، والدليل :

{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا }
[ الفرقان : 23 ]

ليس له وزن أحياناً ، يكون العمل سيئاً ، عمل فيه إفساد ، فيه إضلال ،
فيه استغلال ، فيه تعذيب لصنف من البشر ، فيه حرمان لقسم من البشر ،
وأحياناً العمل ظاهره جيد لكن وراءه نوايا سيئة ، أي إحباط العمل
بإحدى حالتين ؛ إما أن يكون العمل في الأصل ساقطاً ، عمل محبط ،
أو أن يكون عملاً حسناً في ظاهره لكن ينطوي على نوايا
لا ترضي الله عز وجل ، فأنت حجمك عند الله بحجم عملك ، ونوع عملك ،

قال تعالى :

{ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ }
[ الأنعام : 132 ]

كل ذنب يقترفه الإنسان
يعد حجاباً بينه وبين الله :

أيها الأخوة الكرام ، الأمر بالضبط ، طريق سمّه إن شئت الطريق إلى الله ،
غير المستقيم في هذا الطريق عقبات كؤود تحول بينه وبين متابعة السير
على هذا الطريق ، كل معصية عقبة كؤود ، أنت راكب سيارة ، أمامك طريق ،
عرضه أربعة أمتار ، فيه صخرة عرضها أربعة أمتار ، ارتفاعها أربعة أمتار ،
هل تستطيع أن تمشي؟
هذه عقبة كؤود
ما هي الاستقامة ؟
هي أن تزيح هذه العقبات من هذا الطريق إلى الله ، كان هناك كذب
تركت الكذب ، كان هناك علاقة لا ترضي الله مع النساء تركتها ،
كان هناك كسب مال حرام تركته ، فكل معصية هي عقبة كؤود
في السير إلى الله ،

لذلك أيها الأخوة لو إنسان توقف وصلى ، وقرأ الفاتحة ، وقرأ سورة ،
وركع ، وسجد ، إذا كان عنده مخالفات كبيرة ، عنده مال حرام ،
عنده حرام من نوع آخر ، هذه تمنعه أن يتصل بالله ، يستطيع أن يصلي
أما أن يتصل بالله فلا يستطيع ، لذلك كل ذنب يقترفه الإنسان
يعد حجاباً بينه وبين الله .

العمل الصالح
أحد أكبر أسباب الإقبال على الله عز وجل :

الآن تصور إنساناً أزال كل هذه العقبات ، ماله حلال ، بيته إسلامي ،
زوجته محجبة ، مثلاً دخله صحيح ، عمله متقن ، أي استقام
والاستقامة بشكل أو بآخر سلبية ، أي أثناء بيعه وشرائه ما كذب ،
ما: حرف ناف ، ما غش ، ما احتال ، هذه الاستقامة تحقق له السلامة فقط ،
لكن صدقوا ولا أبالغ وأنا أعني ما أقول ، السلامة وحدها ليست مسعدة
لأنها امتناع ، ما كذبت ما عندك مشكلة ، ما غشيت ما عندك مشكلة ،
ما أكلت مالاً حراماً ما عندك مشكلة ، ما طلقت زوجتك طلاقاً تعسفياً
ما عندك مشكلة ، أنت مستقيم لكن السلامة شيء والسعادة شيء آخر ،

السلامة أساسها الامتناع عن أي معصية ،
أما السعادة أساسها التقرب إلى الله بالعمل الصالح .

لذلك نحن نستخدم دائماً في الحديث عن العمل كلمتين ،
الاستقامة والعمل الصالح ، الاستقامة الامتناع عن كل معصية
أي أنت أزلت جميع العقبات بالطريق إلى الله صار الطريق فارغاً
من أي عقبة وسالكاً ، العمل الصالح هو الحركة على هذا الطريق :

{ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }
[ فاطر : 10]

وبالنهاية لك عمل إجمالي ، هذا العمل إما أنه في مرضاة الله
أو في سخط الله ، عملك الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله ،
والعمل السيئ أحد أكبر الأسباب في الابتعاد عن الل ه:

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا }
[ النور : 39 ]

يقول لك : عملنا أوبرا نحن لا يوجد عندنا أوبرا ،
هناك أعمال تسمى حضارية ممكن لكن كوزن في الآخرة لا وزن لها ،
هناك أعمال لا تعد ولا تحصى يمكن أن تسمى في مقياس العصر
عملاً حضارياً ، أما في ميزان الآخرة فلا وزن لها إطلاقاً ،

العالم كله اعتنق ديناً جديداً هو دين الكرة ،
أنت تعمق ما الذي حدث ؟ ا
لبطولة الأولى هل حلّ مشكلة الفقر ؟
هل وحد الأمة ؟ .

لو حللت الكرة تحليلاً عميقاً العالم كله في الخمس قارات يقوم ولا يقعد ،
يختل توازنه على إدخال الكرة بمكان ،
هناك صورة لزعيم أوربي كبير جداً عندما دخلت الكرة توقف
وقام من مقعده وأصبح كأنه طفل ، معقول !! هناك أعمال بمقياس القيامة
ليس لها وزن إطلاقاً ، في الدنيا بطولات ، وكؤوس ، وجوائز ،
فالبطولة أن تقيس العمل بميزان الآخرة .

تطابق مقاييس المؤمن في تقييم الأشياء
مع مقاييس القرآن الكريم :

بالمناسبة المؤمن مقاييسه في تقييم الأشياء متطابقة
مع مقياس القرآن الكريم ، من هذه المقاييس :

{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }
[ الأحزاب : 71 ]

بصراحة مقاييس أهل الدنيا ، اشترى أرضاً تضاعف سعرها مئتي ضعف ،
صار فوق الريح بتعبير آخر بيته في الجنة ـ قبَرَ الفقر ـ مقياس مادي فقط ،
أو إنسان استطاع أن يكون وكيلاً لشركة وكالة حصرية ، وعليها طلب شديد ،
وهو وكيل حصري ، والبيع بشكل مخيف ، والأرباح تتراكم ،
تجد مقياسه إما نجاحه بعمل تجاري أو صناعي ، أنا أسميه نجاحاً ،
لكن النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً ، انتبه الفلاح هو النجاح في الآخرة:

{ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ }
[ الأعراف : 157 ]

النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً
فالفلاح هو النجاح في الآخرة :

النجاح قد تنجح في الدنيا والنجاح في الدنيا لا يسمى نجاحاً
إلا إذا كان شمولياً ، أي إذا نجحت مع الله في معرفته ، وفي طاعته ،
وفي الإقبال عليه ، ونجحت في بيتك ، أب ناجح ، زوج ناجح ،
إن كنت أنثى ؛ أم ناجحة ، زوجة ناجحة ، نجحت مع الله في معرفته ،
وطاعته ، وعبادته ، ونجحت مع أهلك وأولادك ، ونجحت في عملك ،
ونجحت في صحتك ، مجموع هذه البنود الأربع ،
تسميك ناجحاً هذا النجاح شمولي ، لذلك البطولة بالفلاح ،
نجاح في الدنيا والآخرة:

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً
حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ
وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
[ النور : 39 ]