المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمثال في القرآن 4


حور العين
03-26-2016, 01:44 PM
من: الأخت / الملكة نــور
الأمثال في القرآن
جزء رابع

الأمثال في القرآن
للدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد

الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،

اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،

ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

قال تعالى :

{ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ }

[ العنكبوت : 41 ]

حكمة الله في أن يكون الإنسان ضعيفاً :

أيها الأخوة الكرام ، من الأمثلة التي وردت في القرآن الكريم

قوله تعالى :

{ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }

[ العنكبوت : 41 ]

الحقيقة أيها الأخوة ، أنه من مسلمات العقيدة أن الله واجب الوجود ،
لكن ما سوى الله ممكن الوجود ،
معنى ممكن :
أي ممكن أن يوجد أو ألا يوجد أصلاً ،
ما سوى الله ممكن الوجود

وهناك معنى آخر :
وإذا وجد يمكن أن يوجد على ما هو عليه الآن ،
أو على خلاف ما هو عليه ،
إذاً شاءت حكمة الله أن يكون الإنسان ضعيفاً ،

قال تعالى :

{ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً }

[ النساء : 28 ]

ضعيف ، ينهار لأي خبر سيئ ، يضعف أمام الأمراض ،
أمام الفقر ، أمام الأقوياء ، في أصل خلقه نقطة ضعف
أرادها الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة بالغة ، إن الإنسان خلق ضعيفاً ،
نقطة الضعف في أصل خلقه ، لماذا ؟
من حكم هذا الضعف أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً
ليفتقر بضعفه إلى الله ، فإذا افتقر بضعفه إلى الله سعد بافتقاره ،
ولو خلقه قوياً لاستغنى بقوته عن الله فشقي باستغنائه ،
خُلقت ضعيفاً كي تفتقر إلى الله ، وبهذا الافتقار إلى الله
تكون أسعد الخلق ،
ولن تكون قوياً لأن القوي يستغني بقوته عن الله فيشقى باستغنائه .

التولي و التخلي :

لذلك الإنسان في أصل خلقه ضعيف ، هكذا أراد الله ، ولحكمة بالغة بالغة ،
عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، إنسان قوي له مكانة ، غني ،
عاقل ، ترتعد فرائصه لتقرير صحي أن في بعض أنحاء جسمه ورماً خبيثاً ،

{ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً }

[ النساء : 28 ]

لكن ما أرادنا أن نكون ضعفاء إلا لنفتقر إلى الله بهذا الضعف ،
فإذا افتقرنا إليه قوينا ، لذلك الصحابة الكرام هم قمم البشر ،
وهم نخبة البشر ، في بدر افتقروا إلى الله ،

قال تعالى :

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ }

[ آل عمران : 123 ]

أي مفتقرون إلى الله ، هم هم ومعهم سيد البشر ، معهم سيد الخلق
وحبيب الحق في حنين اعتدوا بعددهم، فقالوا :

( لن نغلب اليوم من قلة )

أخرجه البزار عن أنس بن مالك

فقال تعالى :

{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً
وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }

[ سورة التوبة : 25 ]

أي أنت أيها الإنسان
بينما أن تقول :
الله
فيتولاك

وبين أن تقول :
أنا
فيتخلى عنك

أنت بين التولي والتخلي ، وهذا الدرس تحتاجه ، لا أقول كل يوم ،
ولا أقول كل ساعة ، بل كل دقيقة ،
لمجرد أن تعزو قوتك إليك يتخلى الله عنك ،
ولمجرد أن تفتقر إليه يتولاك ،

هذا القانون إذا قلت :
أنا يتخلى عنك

إذا قلت :
الله يتولاك .

الكلمات المهلكات في القرآن الكريم :

لذلك قالوا :
بعض الكلمات مهلكات :
أنا، ونحن، ولي، وعندي

قال إبليس :

{ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }

[ الأعراف : 12 ]

فأهلكه الله ،

وقال قوم بلقيس :

{ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ }

[ النمل : 33 ]

فأهلكهم الله

وقال قارون :

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ }

[ الزخرف : 51 ]

وقال قارون :

{ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي }

[ القصص : 78 ]

{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ }

[ القصص : 81 ]

وقال فرعون :

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ }

[ الزخرف : 51 ]

فأهلكه الله .

الإنسان في أصل خلقه ضعيف
ليفتقر إلى الله فيسعد في الدنيا و الآخرة :

أنت خلقت ضعيفاً كي تفتقر بضعفك ، فإذا افتقرت بضعفك سعدت بافتقارك ،
ولو خلقت ضعيفاً دون أن تشعر لاستغنيت بقوتك وشقيت باستغنائك ،
هذه حقيقة أولى ، فأنت ضعيف ، والضعيف دائماً بحاجة إلى قوي
يعتمد عليه ، يحميه ، يدافع عنه ، يسأله ، يستجير به ،
يستغيث به ، يدعوه .

النقطة الدقيقة الآن :

أنت في أصل خلقك ضعيف ، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة ، عرفها من عرفها ،
وجهلها من جهلها ، أراد الله أن تفتقر إليه ، جُعلت ضعيفاً كي تفتقر إليه ،
وكي تسعد بافتقارك إليه ، وكي تصبح قوياً بافتقارك إليه ،
وكي تصبح غنياً بافتقارك إليه ، وما أرادك أن تكون قوياً فتستغني عنه
فتشقى باستغنائك .

ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في الآية التالية :

لذلك الله عز وجل بيّن لنا في كتابه الكريم :

{ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }

[ العنكبوت : 41 ]

لكن ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في هذه الآية :
الحقيقة خيط العنكبوت وقد لا تصدقون أمتن من الفولاذ بخمسة أضعاف ،
ذلك أن الأشياء إذا قاومت قوى الشد كانت متينة ،

فإذا قاومت قوى الضغط كانت قاسية ، فالقسوة مقاومة قوى الضغط ،

والألماس أعلى عنصر في الأرض يقاوم قوى الضغط ،
بينما الفولاذ المضفور يعد أقوى عنصر في الأرض يقاوم قوى الشد ،
لذلك المصاعد تتحرك بأسلاك الفولاذ المضفور ،