المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 56 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( المرأة بين ظلم الجاهلية و عدل الإسلام )


vip_vip
03-12-2011, 01:02 PM
56 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :
( المرأة بين ظلم الجاهلية و عدل الإسلام )
الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى


أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================









الحمد لله، جرَت بالأقدار أقلامُه ، و مضَت في الخلائق أحكامُه ،


أحمده سبحانه وأشكره شكرًا يزيد به فضلُ ربّي و إِنعامه ،


و أشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةَ حقٍّ و يقين


يزول بها عن القلبِ غِشاوته و ظلامُه ،


و أشهد أنّ سيّدَنا و نبينا محمّدًا عبد الله و رسوله


ببعثته و رسالته كمل الدِّين و أرتفعت أعلامه ،


صلى الله و سلَّم و بارك عليه و على آله و أصحابِه


صلواتٍ و سلامًا و برَكات دائِمَاتٍ ما دام الدّهرُ ليالِيه و أيّامُه ،


و التابعين و من تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين .


أمّـــا بعـــد :


فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ و نفسي بتقوَى الله عزّ و جلّ ، فأتقوا الله ربَّكم ،


فأهل النجاةِ و الخلاص هم أهل التقوى و الوفاءِ و الإخلاص ،


الذين يوفون مع الله المواثيقَ ، و يخلِصون له في يقينٍ و تَصديق ،


فيَا ويحَ الغافلين ، خَفَّ زادُهم ، و قلَّ مَزادهم ، فطال عليهم السبيلُ ،


و حار فيهم الدليل ، قِصَر أجل مع طول أمل و تقصير في عمَل ،


فلا حول و لا قوّة إلا بالله ، الأجدادُ أبلتهم الأجدَاث ، و الآباءُ أفنتهم الآباد ،


و الأبناءُ عما قليلٍ نبأٌ من الأنباء ، ففِيمَ الحرص على ظلٍّ زائل و مقيلٍ أنت عنه حائل ؟ !


فأتقوا الله يرحمكم الله ،


{ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ


ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }


[البقرة:281] .


أيها المسلِمون ، حديثُ الناس في هذهِ الأيّام عن الإصلاحِ و الأنفتاحِ و البِناءِ


و التّسامُح و التعاوُن و نَبذ الخلافاتِ و محاربةِ الظلمِ و العدوان و الفسادِ


و الإقصاء و إنتهاج منهَج الوسطيّة و الأعتدال ،


و حديثُ الإصلاح هذا حديثٌ ذو شجون ، لا يحصُرُه مثلُ هذا المقام ،


و لا تحيط به مثلُ هذه الكلمات ، و إن كان لزامًا على أهلِ العلمِ و المصلحين


و أصحابِ الرأي الحديثُ عنه و بيانُ أُسُسه و رسمُ مَعَالمه و أنتهاجُ دروبه و مسالكه .


و مِن المأساة أن بعضَ المتحدِّثين عن الإصلاحِ و الأنفتاحِ مِن أصحاب الرّأيِ


و الفكر و الثقافةِ مِن المسلمين يسوء فهمُهم أو يسوء تفسيرُهم


أو تسوء عبارَتُهم بقصدٍ أو بغير قَصد .


معاشِر المسلمين ، إنَّ لدى كلِّ مسلمٍ ـ ولله الحمد ـ يقينًا صادقا


و عقيدة راسخةً بأنّ الإسلام قد كفَل بأتباعهِ أفرادًا و مجتمعات و أمة ،


كفَل لهم السعادةَ و الكرامةَ في الدنيا و حُسنَ الثواب في العقبى


متى ما تمسَّكوا بدينهم و التزَموا هدي نبيِّهم محمّد صلى الله عليه و سلم ،


كما أنَّ لدى المسلمين قاعدةً راسخة و أصلا ثابتًا ،


و هي أنَّ الحفاظ على الدينِ و الأستمساكَ بالهويّة الإسلامية


لن يتحقَّق إلا بانتماء المسلمين الصادق لدينهم المبنيِّ على صحّة المعتقد


و حُسن الاتّباع و صدقِ الالتزام بأحكام الشّرع قولا و عملاً و أعتقادا .


معاشرَ الأحبّة ، أمام هذه الثوابتِ و أمام سَعَةِ الموضوع و تشعُّبه


قد يكون من الملائِمِ اختيارُ نموذجٍ ذي دلالاتٍ و أبعاد يوضِّح المقصودَ يبيِّن المرادَ ،


فيه إشاراتٌ لمعالم الوسطيّة ، إنّه نموذج الوسطيّة في شأنِ المرأة و حقوقِها و مشكلاتها ؛


وسطيّةٌ بين تحكيمِ نصوص الشّرع المطهَّر و أحكامِه و الخلاصِ مِن مذمومِ العادات


و سيِّئ التقاليد ، تحكيمٌ لحكم الشّرع في القديم و في الجديد ،


وسطيّةٌ و إصلاح تميِّز الأصالةَ و الثوابت ممّا ليس منها ،


و تنفِي عن المعاصِرِ و الجديد ما ليس من لوازِمه .


أيّها المسلمون ، حقوقُ المرأة كلِمةٌ ما أكثَرَ ما تحدَّث عنها المتحدِّثون و المتحدِّثات ،


و تَزَيَّنَت و تزيَّدت بها بعضُ المقالات و الصفحات و الدّعَوات و الادِّعاءات ،


و ما أكثر ما أفاضَت بها المحاضراتُ و المحاورات .


و أمّا مضمون هذه الحقوق فحدِّث عن هُلاميّتها و فضفاضيَّتها و لا حرج ،


بل إنَّ كثيرا من الطُّرُوحات و المعالجاتِ تراها ضائعةً مبعثَرَة بين دعاوَى المدَّعين


و أهواءِ أصحاب الأهواء و ميولِ أصحاب الانتماء و تصنيف ذوي التصنيفات ،


و قد لا تخلُو بعض الطّروحات من تمييعٍ و نفاقٍ والتفافٍ و غموض .


حقوقُ المرأة و حقوق الإنسان يصاحِبُها لدى بعض الكاتبين و الكاتبات


إمَّا عدَم وضوح في المراد ، و إمّا عدَم وضوحٍ في الغاية ،


و بسبَب هذا صارَ الناصحون و غيرُ الناصحين يدورُون في حلقاتٍ مفرَغَة ،


و ضاعت الحقيقة و الحقوق ، و ضُيِّعت الأوقاتُ ، و تبَعثَرت الجهود ،


و ثارَتِ النزاعات و المناقشاتُ السُّفِسطائيّة .


أيها المسلمون ، ما مِن شكٍّ أن للمرأة حقوقًا كما أنَّ للرجل حقوقا ،


و عليها واجبات كما على الرجل واجبات ،


كما أنَّ من اللازم المتعيِّن تبصيرَ المرأة بحقوقها و مساعدَتَها في تحصيلِها


و حِفظها و حمايتها ، بل إنَّ مِنَ تفقُّهِها في دينِها أن تعلَمَ أنَّه ليس من الحياءِ


و لا من حُسن الأخلاق أن لا تطالبَ بحقوقها أمام أبيها و أخيها و زوجِها ،


فقَوامةُ الرجل حقٌّ و مسؤولية ، و لكنّها ليست تسلُّطًا و لا ظلمًا و لا تعسُّفًا .


في ديارِ المسلمين ممارساتٌ ظالمة جائِرة ، يجب النظرُ فيها و إعطاؤُها


ما تستحقّ منَ الأهميّة و الأولوية و جعلُها في صدرِ الاهتمامات و المعالجات .


إنَّ المرأة تعاني صوَرًا من الظلم و القهر و الإقصاءِ و التهميش


و غمطِ الحقوق في معاشِها و تربيّتِها و بيت زوجيّتها و النفقةِ


و حقِّ الحضانة و العدل في المعاملة ، فضلاً عمّا يُطلَب لها


من حقِّ الإحسانِ و التكريم و التبجيلِ .


إنَّ هناك تسلُّطًا على ممتلكاتها ، و سلبًا لحقِّها في اتِّخاذ القرار و المشاركةِ فيهِ


في كثيرٍ من شؤونها و خاصَّتِها ، من حقِّها العدلُ في القِسمة و العدلُ في توزيعِ الميراث


و الثروةِ و المِنَح و الهِبات و العطايا حسَب ما تقضي به أحكام الشرع المطهَّر ،


ناهيكم فيما يقَع من بعض أحوالِ الضَّرب و القَهر و العَضل و الشِّغار


و الحِرمان من الحضانَةِ و النفقة ، و ما يقع خلف جُدران البيوت


و أسوار المنازِلِ من التعسُّف و التنكيلِ و الحَسرَة و الألم و الممارساتِ الظالمة .


يجب مساعدتُها و تشجيعُها و تبصيرُها و دَعمُها في أن ترفَعَ الظلمَ الواقع عليها ،


فترفع مظلمتَها لمن يُنصفها من أقاربها و عُقَلاء معارِفها و حكمائهم و من القضاةِ


و المسؤولين و ولاةِ الأمور . إنَّ الإقصاءَ و التهميشَ


و إنكارَ دَور المرأة في بيتِها و مجتمعِها ناهيكم باحتقارِها و تنقُّصها و ظلمِها


و هضمِ حقوقِها كلُّها مسائل و قضايَا لا يجوز السكوتُ عليها ،


فضلا عن إقرارِها و الرِّضا بها .


معاشر الأحبّة ، هذه جوانبُ من المشكلة أو القضيّة ،


و ثَمّةَ جوانب أخرى لا بدَّ منَ النظر فيها .


إنَّ الذي يقال بكلِّ جلاء و وضوح : إنَّ الإسلام لم يوجِب و لم يفرِض


و لم يحمِّل المرأةَ مسؤولية العمل خارجَ المنزل ، لكنَّه لا يمنعُها مِن ممارَستِه


بِضَوابطِه الشرعيّة . الإسلامُ حرَّرها من مسؤوليّة العمَل و حتميَّتِه خارجَ المنزِل ،


لكيْ لا تقعَ تحتَ ضَروراتِ العمَل الذي يَستعبِدُها و يستَغلّها و يظلِمها.


أيّها المسلِمون ، و هذا يحتاجُ إلى مزيدِ بسط .


تأملوا ـ وفقكم الله ـ ما يجري في هذا العالَم المعاصِر ، إنَّ العنصرَ الطاغِي


و العاملَ المؤثِّر هو العامل الأقتصاديّ ، أمّا في الإسلام فالأقتصاد أو


عامل الأقتصاد عامل من العوامل و عنصرٌ منَ العناصر له تأثيرُه الذي لا ينكَر ،


و لكنه بجانِب عوامِلَ أخرى و معاييرَ أخرى .


العاملُ الاقتصاديّ في ميزان هذا العصرِ هو العامِل المقدَّم ، و هو الأبرزُ عندَهم ،


و هو المعيارُ لإقامة حياة اجتماعيةٍ أفضل عندهم ؛ ممّا دعا إلى إضعافِ


و تهميشِ كثيرٍ من الحقوقِ و المعايير و العوامِل ، و المرأةُ في هذا العصرِ


و في هذا الميزانِ المائل المجحِف الطاغي مكلَّفةٌ بإعالةِ نفسِها ،


سواء أكانت بنتًا في بيت أبيها أم زوجةً في بيت زوجِهَا .


إنَّ هذه المنزلةَ لهذا المعيارِ بثَّت في روعِ امرأةِ هذا الزمن أن على الجميع


نساءً و رجالا أن يركضُوا لاهثين إبتغاءَ جمع أكبر قدرٍ من المال لتحقيق


أكبر قدرٍ من المتَعِ و الكمالات . إن على كلِّ ذكر و أنثى في هذا الزِّحام


أن يهتمَّ مستعجِلا بشأن نفسِه ، و أن ينافسَ الآخرين لجمعِ المزيدِ منَ المال


و تحصيلِ أكبر قدرٍ من الفرَص ، فتحت هذا المسار المُهتاج و الرّكض اللاهِث


تضطرَ البنت و تُدفَع المرأة لتخرجَ في كلِّ صباح ؛ لتبحثَ كأيِّ فرد من أفراد الأسرةِ


و المجتمع في سبيل عيشها و تحقيقِ مُتَعِها ، بل لقد ألقَوا في روعِ المرأة


أن من العيبِ أن يحنُوَ عليها والدها أو يعطِفَ عليها ليغنِيَها منَ الخروج


و الكدِّ و الكَدح ، منَ العيب عندهم أن يكونَ الزوج مسؤولاً عنِ الإنفاق و الرعاية .


و تحت سلطانِ هذه الفلسفةِ الضاغطة تُضطرّ الزوجة أو تحتاج


إلى أن تقطعَ خيوطَ آمالها في مسؤولية الزوج عنها و رعايةِ أبيها لها .


و قد يقال : إنَّ هذا عند غير المسلمين ، و الواقع أنَّ الناظرَ و المتأمِّلَ في الكتابات


و التوجُّهات يرى أن كثيرًا من كتابات بعض المثقفين و دعواتهم و نقاشاتهم


تستحسِن هذا المسلك ، و تريدُ أن تجعَلَه هو الأنموذَج و الغايةَ المنشودة


و الأملَ المبتغَى ، مَع الأسف و بكلِّ صراحة فإنَّ همَّ الاقتصاد


و متطلَّبات العمل هي مصدر كلِّ الواجبات و المسؤوليات في أفراد المجتمع كلِّه ،


رجاله و نسائِه ، أيًّا كانوا و كيفما كانوا .


إنَّ غلبة عاملِ المال و طغيانَه يقضي ـ شاء العقلاء أو لم يشاؤوا ـ


يقضي على الأسرةِ ، و يدمِّر مقوِّماتها ، و يهُزّ المجتمع المستقرَّ ؛


لأنَّ السويَّ لا يكون سويًّا إلا بلحمة الأسرة ، و لا وجودَ للأسرة في الحقيقة


إلا بالتضامن و الوِئام الذي يَشِيع في أفرادها من خلال وضوح المسؤولية


لكلٍّ من الزوج و الزوجة و الأب و الأم ورعاية الوالدين لأولادهما .


بهذه الفلسفة و بهذا التوجه تمَّ إقصاء المرأة عن رِعاية أولادها ،


بل إنّه عرَّض أنوثتَها للدَّمار و كرامتَها للامتهان و حياءها للذوبان .


يا قومنا ، انظروا إلى الأمرِ بجِدِّيّة و مصداقيَّة و تجرُّد ،


المرأة في الوقت الحاضر أُخرِجت إلى العمل و دفِعَت إليه دفعًا ،


إنهم أخرجوها حينما جعلوا ذلك هو السَّبيل الوحيدَ للحصول


على لقمةِ العيش و تحصيلِ الرزق ، فهي تبحَثُ عن العمل ، بل تقبَل أي عمل ،


و تستغلُّ أيَّ فرصة و إن لم تتَّفق مع طبيعتِها ما دام أنها تتعلَّق بضرورةِ مَعاشِها ،


و لا مناصَ لها إلا أن ترضَى بأيِّ عَمل ، فالخياراتُ محدودةٌ ،


و حكم المجتمَع صارم ، بل إنّه ما مِن عملٍ قاس مجهِد يمارسه الرجال


بل الطبقة الكادحةُ من الرجال إلاَّ و تجد نساءً كثيراتٍ يمارسنَه و يزاحمن فيه .


أيها الإخوة في الله ، إن النظرَ بعينِ البصيرةِ و الحِكمة و المصداقيَّة و النصحِ


في بعضِ المجتمعات التي اقتَحمتِ الباب على مصراعيه و أستسلمت لهذه الفلسفة


يراها في سباقٍ محمومٍ و نَظرةٍ مادية صِرفة ، و يرى نساءً


يمارِسنَ أعمالا أذابَت أنوثتَهنّ و أحالَتهن إلى كُتَل متحرِّكة من قسوةِ العمل


و قسوة المجتمع ، في أعمالٍ قاسية و أوقاتٍ أشدّ قسوة ، في الليلِ و النهار ،


بل في الهزيعِ المتأخِّر من الليل ، في الأنفاق و المناجِم و المؤسَّسات


و المشافِي و على نواصي الطرقات و أرصِفَة الشوارع ،


في أعمالٍ يشمئزّ منها العقلاء و الأسوياءُ و الرّحَماء و المخلِصون و الناصحون ،


ناهيكم بالفُضَلاء المؤمنين .


أيها المسلمون ، هذه بعضُ مَآلات هذه الصّورَةِ ،


و إذا كانَ ذلك كذَلك أو بعضَ ذلك فكم هو جميلٌ أن يرشَّدَ الطّرحُ الإعلاميّ


حول هذه الحقوقِ و المشكلات ، يجب الفَصلُ بين القناعاتِ الشخصيّة لبعض الكتاب


و الكاتبات و بعض القناعات الفكريّة و بين ما هو حقٌّ و شرع .


إنّنا نتحدَّث عن فكرٍ مسلم و إعلامٍ مسلم و ثقافةٍ مسلمة متديِّنة تسعى لتنظيف


مجتمعاتِ المسلمين من إسقاطاتِ مجتمَعاتٍ مادية ، و هذا لا يكونُ و لن يكونَ إلاّ


بالإعتزازِ الحقّ بكَمَال دينها عقيدةً و أحكامًا ، عِلما و عملا و منهجًا .


من الحقِّ و العدل و الإنصافِ المطالبةُ بتوفيرِ الفَهم الواعي و الناضِج ،


دينٌ و فِقه و وعيٌ لا يخشَى الوافد ، و لا يخاف الجديدَ ،


و لكنّه قادرٌ على توفيرِ المناعةِ ضدِّ الإبتذالاتِ ، كما هو قادر على الاستفادةِ


منَ الإيجابيّات و الخيرات . إعلامٌ مستنيرٌ راشِد يعزِّز دورَ المرأة الإيجابيّ ،


و يؤكِّد حقَّها و دورَها في البناءِ و التنميةِ الشاملة في المجتمَع كلِّه ،


و حقَّها في التعليم و العمَل و الوظيفةِ الملائمة . إعلامٌ مستنير راشِد يرفُض


و يستنكِر و يقاوم جميع أشكال إستغلالِ المرأة في أيِّ ميدانٍ لا يقيم للقِيَم


و الفضائل وزنًا ؛ ممّا يفضي إلى تحقيرِ شخصية المرأة


و إمتهانِ كرامتها و المتاجرة بجسَدِها و عرضها ،


و كأنها بِضاعةٌ من سائرِ البضائع التي تسَوِّقها وسائل الإعلام .


حذارِ ثم حذارِ أن تُقذَفَ المرأة في بحار الضَّيَاع و الهوان و الحِرمان .


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،


{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ


وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ


وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ


وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ


أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا *


وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا


أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ


وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا }


[الأحزاب: 35، 36] .


نَفَعني الله و إيَّاكم بالقرآنِ العظيم و بهديِ سيدنا محمّد صلى الله عليه و سلم ،


و أقول قولي هَذا ، و أستَغفر الله لي و لَكم و لسائِر المسلمين من كلّ ذَنب و خطيئةٍ ،


فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

vip_vip
03-12-2011, 01:03 PM
الخطبه الثانيه


الحمد لله و كَفى ، لم يزل بِنعوتِ الكمال و الجلال متَّصِفا ،


أحمده سبحانَه و أشكره أهل الحمد و الشُّكرِ و الوفَا ،


و أشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له مقِرًّا بها إيمانا و تصديقا و معتَرِفا ،


و أشهد أنَّ سيِّدَنا و نبيَّنا محمّدًا عبد الله و رسوله


أزكى الأمَّة فضلا و أعلاها شرفا ،


صلّى الله و سلَّم و بارك عليه و على آلهِ و أصحابه الأطهار الحنفا ،


و التابعين و من تبِعهم بإحسان و سارَ على نهجهم و أقتفى .


أمّـــا بعـــد :


فإن مطالبَةَ صاحبِ الحق بحقِّه ـ رجلاً كان أو امرَأة ـ أمرٌ مشروع و مطلبٌ صحيح ،


و إجابَتُه حقّ ، و إعانتُه حقّ كذَلك ،


و لكن يجِب أن يكونَ بمعاييرَ صحيحةٍ و ضوابط دقيقة ، تعطِي كلَّ ذي حق حقَّه ،


و توصل الحقَّ إلى مستحقِّه في عدل و وسطيّة ،


فيتحقَّق التوازُنُ في المجتمع و الأسرة .


إنَّ مما يثير الريبةَ و التخوُّف ما يظهر من دعواتٍ في بعض وسائل إعلامِ المسلمين


و كتاباتِ بعضِ كُتَّابهم و كاتِباتهم مِن دعواتٍ إلى الزجِّ بالمرأة المسلمة


في كلِّ ميدان مِن غير احتياطٍ و لا تحفُّظ ، بل بما يُوحي أنَّه انجِراف و تجاوبٌ


مع ما يطالب به منحَرِفون ممَّن لا يقيم للشَّرع وزنا


و لا للحِشمة و العفَّة مقامًا و لا مكانا .


ينبغي لأهل الإسلام دُوَلاً و أُمَما و أسَرا أن تتَّخِذ من التدابيرِ الضابِطة


ما يرفَع الريبةَ و يبعث على الطمأنينةِ و يتيح فرَصَ العمل الآمن


و يحفظ التوازنَ الأسريّ داخلَ البيت و خارجه و داخل المجتمع المسلِم كلِّه .


و بــعـــد :


أيها المسلمون ، فمع ما يظهر من بعض صُورٍ قاتمة و ألوانٍ ذات غبَش


فإنَّ الجهدَ الذي يبذُلُه علماء الشرع و أهل العِلم و الفقهِ و الفتوى


و أصحابُ الفكر السويِّ جهودٌ مباركة ، تمكَّنت من توجيهِ المجتمع


و بيان المنهَج الوسطِ المعتدِل ، و هم بإذنِ الله خلَفٌ عدول يحمِلون مشاعِلَ الهدى ،


ينفون تحريفَ الغالين و إنتحالَ المبطلين و تأويلَ الجاهلين ،


نجَحوا في كَبحِ كثيرٍ مِنَ التوجُّهات غير الوسطيّة غُلوًّا و جفاء .


فليسيروا على بركة الله في منهجِهم العدل الخيار ،


و يَبذلوا مزيدًا من الجدِّ و الجهد في ردِّ الرأي العامّ إلى مصادِرِ الشرعِ


و أصولِه مِن الكتاب و السنّة و الإستنباطِ الرشيد السديد ،


و لينفوا عن المسيرِ الترخُّصَ المذموم و التحلُّلَ الممقوت و غلوَّ الغالين ،


و تضييقَ المضيقين ، يميلون مع الحقِّ ، و يتحرَّون الوسط ، و يُراعون مصالح العباد ،


رجالا و نساءً، و مجتمعا و أفرادًا ، وقايةً من الفساد ، و تأمِينَ مصادِر العيش الكريم .


و إنَّ ضبطَ ذلك كله يكون بالنظر في المستجدّات و عرضها


على ثوابتِ الشَّرع و ضبط العادات و التقاليدِ و الأعراف


و رَبطها برِباط الشرع و تحديد مكانها و حكمها ،


فالجديدُ ليس مَرفوضا بإطلاقٍ ، و التَّقاليد محكومَةٌ و ليسَت حاكِمَة .


ألا فاتَّقوا الله يرحمكم الله ،


ثم صلّوا و سلِّموا على نبيِّكم محمّدٍ المصطفى و رسولكم الخليلِ المجتبى ،


فقد أمَرَكم بذلك ربُّكم جلّ و علا ، فقال عزَّ من قائلا عليمًا سبحانه :


{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }


[الأحزاب: 56] .


اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدِك و رسولك محمّد الأمين ،


و آله الطيِّبين الطاهِرين ، و أزواجِه أمُهاتنا أمَّهات المؤمنين ،


و أرضَ اللَّهمَّ عن الخلفاء الأربعةِ الراشدين ؛ أبي بكر و عمَرَ و عثمان و عليّ ،


و عن الصحابةِ أجمعين ، و التابعين و مَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،


و عنَّا معهم بعفوِك و جودِك و كرمك و إحسانك يا أكرمَ الأكرمين .


اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،


و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أنصر عبادَك المؤمنين...

أنتهت