المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 27.07.1437


حور العين
05-04-2016, 02:20 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ زيارة القبور ]

قال الشيخ حافظ الحكمي-رحمه الله تعالى- في شرح الأبيات الآتية
من منظومة (سلم الوصول):
فإنْ نَوَى الزَّائِرُ فيمَا أضمَرَهُ فـي نَفْسِهِ تَذْكِرَةً بالآخِـرَهْ
ثُمَّ الــــدُّعَا لَــــهُ ولِلأَمْــوَاتِ بِالعَفْوِ والصفْحِ عَنِ الزَّلاَّتِ
وَلَمْ يَــكُنْ شَدَّ الرِّحَالِ نَحْوَها وَلَمْ يقُلْ هَجْراً كَقَوْلِ السُّفَهَا
فَتِــلْكَ سُنَّـــةٌ أتَتْ صَرِيحَــهْ في السُّنَنِ المُثْبَتَة الصَّحِيحَهْ

قال : زيارة القبور تأتي (على أقسام ثلاثة):
زيارة سنيّة، وزيارة بدعية، وزيارة شركية ...
والبداءة بالشرعية لشرفها والندب إليها، ثم البدعية لكونها أخف جرماً
من الشركية، ثم هي بعد ذلك. (فإن نوى الزائر) للقبور (فيما أضمره في
نفسه) أي: كانت نيته بتلك الزيارة (تذكرة بالآخرة) أي ليتعظ بأهل القبور
ويعتبر بمصارعهم إذ كانوا أحياء مثله يؤملون الآمال ويخولون الأموال،
ويجولون في الأقطار بالأيام والليال، ويطمعون في البقاء ويستبعدون
الارتحال، فبينما هم كذلك إذا بصارخ الموت قد نادى، فاستجابوا له على
الرغم جماعات وفرادى، وأبادهم ملوكاً ونواباً وقواداً وأجناداً، وقدموا
على ما قدَّموا غياً كان أو رشاداً، وصار لهم التراب لحفاً ومهاداً، بعد
الغرف العالية التي كان عليها الحجاب أرصاداً، تساوى فيها صغيرهم
وكبيرهم، وغنيهم وفقيرهم، وشريفهم وحقيرهم، ومأمورهم وأميرهم.
اتفق ظاهر حالهم واتحد، ولا فرق للناظر إليهم يميز به أحداً من أحد.
وأما باطناً فالله أكبر لو كشف للناظرين الحجاب، لرأوا من الفروق العجب
العجاب، فهؤلاء لهم طوبى وحسن مآب، وأولئك في أسوأ حالة وأشد
العذاب، فليعلم الواقف عليهم الناظر إليهم، أنه بهم ملتحق، ولإحدى
الحالتين مستحق، فليتأهب لذلك، وليتب إلى العزيز المالك، وليلتجئ إليه
من شر كل ما هنالك. (ثم) قصد أيضاً (الدعا) أي: دعاء الله عز وجل (له)
أي لنفسه (وللأموات) من المسلمين (بالعفو) من الله عز وجل (والصفح
عن الزلات) وكذا يدعو لسائر المسلمين بذلك (و) مع ذلك (لم يكن شد
الرحال نحوها) الضمير للقبور لما في (الصحيحين) عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام،
ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى )

. (ولم يقل هجراً) أي محظوراً شرعاً (كقول) بعض (السفها) لما في
(السنن) من حديث بريدة قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:

( كنت نهيتكم عن زيارة القبور،
فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجراً )

(فتلك) الإشارة إلى النوع المذكور من الزيارة (سنة) طريقة نبوية (أتت
صريحة) أي واضحة ظاهرة (في السنن) أي الأحاديث (المثبتة) في
دواوين الإسلام (الصحيحة) سنداً ومتناً، منها: حديث بريدة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( وقد كنت نهيتك عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمد
صلى الله عليه وسلم في زيارة قبر أمه فزوروها،
فإنها تذكر الآخرة )
رواه الترمذي وصححه

. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم
قبر أمه ف
بكى وأبكى من حوله فقال:

( استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته
في أن أزورها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت )

. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال:

( السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون )
رواه أحمد ومسلم والنسائي .

ولأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها مثله وزاد:

( اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم )

. وعن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا
إلى المقابر أن يقول قائلهم:

( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،
وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية )
رواه أحمد ومسلم وابن ماجه ،

زاد مسلم في رواية

( يرحم الله المتقدمين منا ومنكم والمتأخرين ) .

.. وكذلك الأحاديث في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بقيع
الغرقد كثيراً يدعو لهم ويترحم عليهم.

وكان الصحابة إذا أتوا قبره صلى الله عليه وسلم صلوا وسلموا عليه
فحسب، كما كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: السلام عليك
يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه)) . وكذا
التابعون ومن بعدهم من أعلام الهدى ومصابيح الدجى لم يذكر عنهم
في زيارة القبور غير العمل بهذه الأحاديث النبوية وأفعال الصحابة لم
يعدلوا عنها ولم يستبدلوا بها غيرها بل وقفوا عندها، فهذه الزيارة
الشرعية المستفادة من الأحاديث النبوية، وعليها درج الصحابة
والتابعون وتابعوهم بإحسان، إنما فيها التذكر بالقبور والاعتبار بأهلها
والدعاء لهم والترحم عليهم وسؤال الله العفو عنهم، فمن ادعى فيها غير
هذا طولب بالبرهان، وأنى له ذلك ومن أين يطلبه؟ بل كذب وافترى، وقفا
ما ليس له به علم. بلى إن العلوم الشرعية دالة على ضلاله وجهله

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين