المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرآن يتلى في الأمم المتحدة


vip_vip
03-14-2011, 01:18 AM
قرآن يتلى في الأمم المتحدة (http://www.ataaalkhayer.com/)
http://www.almesryoon.com/images/محمد%20سعد.jpg
د. محمد سعد أبو العزم | 27-10-2010 00:25
كلما قمت بزيارة مدينة السادس من أكتوبر في مصر، أدهشني حجم الجمعيات الخيرية
والحدائق والمؤسسات النافعة التي تحمل اسمه، حينها أتذكر أنه لولا ما قدمه
هذا الرجل من عمل صالح في حياته، لما بقيت سيرته العطرة، وذكره بالخير بين الناس.
هل فكرت فيما يمكن أن يخلد اسمك بعد رحيلك عن الدنيا؟
هل دار في بالك أنك يمكن أن تصبح نجمًا مؤثرًا في المجتمع،
في حياتك وبعد مماتك؟ وأخيرًا.. هل لديك الاستعداد لتفكر في مشروعك ورسالتك،
التي تمكنك من أن يستمر عداد حسناتك إلى الأبد؟.
لو أردت أن تعرف الإجابة المثالية، والنموذج الذي تمكن من كتابة اسمه
إلى الأبد في سجلات الخالدين، فلتقرأ السطور التالية التي تواكب ذكرى رحيله،
إذا كنا كثيرًا ما نحتفل بمولد كبار نجوم الغناء، أو رحيل الزعماء والسياسيين،
فإن من حقه علينا أن نحتفي به، ونذكره بعد مرور ثلاثين عامًا على رحيله عن دنيانا،
ولم لا؟.. وهو أول من قرأ القرآن في الأمم المتحدة، وفي قاعة مبنى الكونجرس الأمريكي،
وهو أيضًا أول من قدم لنا القرآن الكريم كاملاً على هيئة المصحف المرتل،
وظلت الإذاعة المصرية تقتصر على صوته منفردًا حوالي عشر سنوات،
وعلى يديه أسلم العشرات في الولايات المتحدة وفرنسا، بعد سماعهم صوته
وهو يقرأ القرآن، وأخيرًا فهو ذلك الرجل الذي أوصى بثلث ميراثه
لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في كافة وجوه البر.
ثلاثة وستون عامًا حافلة قضاها الشيخ "محمود خليل الحصري (http://www.ataaalkhayer.com/)"،
بداية من لقبه الذي اكتسبته أسرته، نسبة إلى حرفة الأب المكافح،
الذي كان يبيع الحصر بعد أن يجدلها بيديه، وكان يشاركه في ذلك ابنه "محمود"،
فيصنع الحصر ويبيعها، إلى جانب حفظ القرآن الكريم، الذي بدأه مع بلوغه الرابعة من عمره،
فكان يحفظ القرآن سماعي، ثم يكتب ما حفظه على اللوح بعد أن تعلم الحروف الأبجدية،
حتى أتم حفظ القرآن في الثامنة من عمره، درس في الأزهر الشريف،
وبعد تخرجه صدر قرار بتعيينه مؤذناً بمسجد "سيدي حمزة"،
القريب من قريته التي ترعرع فيها "شبرا النملة" بمحافظة الغربية،
إلا أن حبه لقراءة القرآن وتلاوته كان سببًا في تقديمه طلب نقل من وظيفته
ليصبح قارئاً للسورة يوم الجمعة بنفس المسجد، وذلك على الرغم
من الراتب الأعلى لوظيفة المؤذن التي سيفقدها، كانت المرحلة التالية الهامة
في حياته هي انتقاله كقارئ قرآن الجمعة بمسجد "السيد البدوي" بطنطا،
ثم مسجد "الإمام الحسين" بالقاهرة، وفي العام 1944 تقدم للإذاعة
بطلب لامتحانه كمقرئ، حيث اجتاز الاختبار بجدارة،
وكان ترتيبه الأول بين المتقدمين، وتم التعاقد معه في نفس اليوم،
فكانت أول قراءة له على الهواء مباشرة.
يعتبر الشيخ" الحصري" من أكثر القراء علمًا وخبرة بفنون القرآن الكريم،
وإلمامًا وحفظًا بالقراءات العشر، وكانت عبقريته تقوم على الإحساس اليقظ
جدًا بكلمات ومعاني القرآن الكريم، فتنساب قراءته على هيئة سيمفونية بيانية،
تترجم المشاعر والأصوات، فتحيل المفردات إلى كائنات حية، بالإضافة
إلى تأثره الواضح بالقرآن، الذي انعكس في نبرة صوته،
فازداد رهبة وخشوعًا لله عز و جل، مما أثر في آذان سامعيه.
كان "الحصري" شديد الغيرة على دينه، وكان يشعر بخطورة حملات
التنصير في أفريقيا، والتي بدأت تحرف في القرآن، فأراد أن يكون كتاب الله
مسجلاً على شرائط كاسيت أو أسطوانات للمرة الأولى في ذلك الحين،
ومن هنا بدأ رحلة طويلة مع تسجيل القرآن الكريم، أخذت من عمره
ما يزيد عن عشر سنوات، فبدأ برواية "حفص عن عاصم" وهي القراءة
الأكثر شيوعًا في المنطقة العربية، ولكنه لم يشأ أن يحرم الأمة الإسلامية
من الاستماع للقرآن برواياته المختلفة، فكان كلما زار بلدًا سجل نسخة
من المصحف برواية مختلفة، تتفق وقراءة أهله، ويشهد التاريخ بأن "الحصري"
لم يكن يسعى لتحقيق العائد المادي من تسجيلاته، قدر سعيه لنيل
رضاء الله عز وجل عنه، وليس أدل على ذلك من أنه لم يجعل تسجيل
المصحف المرتل لحسابه، أو لحساب أي شركة خاصة، وإنما لحساب المجلس الأعلى
للشؤون الإسلامية، ولذلك فقد استحق أن ينتخب رئيسًا لاتحاد قراء العالم،
حيث رتل القرآن الكريم في العديد من المؤتمرات الدولية، زار الكثير من الدول،
واستقبله أغلب زعماء العالم، وأحبته الشعوب، لدرجة أن حملت جماهير المسلمين
سيارته في ماليزيا على الأكتاف وهو بداخلها، كذلك كان أول من نادى بإنشاء
نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم،
وطالب بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى،
وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة .
إذا كان الجميع يشهد للحصري بأنه لا زال أحد أقطاب التلاوة والترتيل،
ليس في مصر وحدها؛ ولكن في العالم الإسلامي كله، إلا أن الشهادة الأهم
له تأتي ممن اقترب من الرجل وعايشه، ليكتشف أنه كان يعيش القرآن،
فعرف عنه أنه كان عاملاً بما يقول، ذو ورع وتقوى، كان قارئًا خاشعًا فاهمًا لكتاب الله،
عاملاً على خدمته وحفظه، ولذلك فقد استحق بأن يعيشه معه من يسمعه،
واستحق أن تفيض روحه إلى بارئها، بعد أن أدى صلاة العشاء مباشرة،
وبعد أن ملأ الدنيا قرآنًا، ليلقى بشرى الرسول عليه الصلاة والسلام
: "يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارتق ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا،
فإن مقامك عند آخر آية تقرؤها.."
ولكن ماذا عن الجانب الآخر في حياته؟ وكيف يمكنك أن تتعامل مع نفس
المأزق الذي وقع فيه الشيخ "الحصري"، حينما وجد ابنته "إفراج"
تتجه إلى احتراف الغناء، وتغير اسمها إلى "ياسمين الخيام"؟
وكيف دار الزمن دورته مع الابنة بعد مرور ثلاثين عامًا على رحيل الأب؟..
هذا ما سوف نتناوله بالتفصيل في الأسبوع القادم إن شاء الله.