المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نداءات المؤمنين ( الجزء الأول - 02 )


حور العين
06-01-2016, 01:09 PM
من:الأخت / الملكة نــور
نداءات المؤمنين
يا أيها الذين اتقوا الله وذروا مابقي من الربا
إن كنتم مؤمنين
( الجزء الأول - 02 )

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات

الإنسان بالكون
يعرف الله عز وجل و بالشرع يعبده :
أيها الأخوة الكرام ،
مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم :
قال تعالي :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ البقرة : 278 ]

أيها الأخوة ، كنت أقول دائماً إنك أيها الإنسان بالكون تعرفه ،
وبالشرع تعبده ، تعرفه بالكون وتعبده بالشرع ،
لماذا الشرع ؟
في الأصل أودع الله بالإنسان الشهوات ،
ومعنى أودع فيه الشهوات أي إنه يستطيع أن يتحرك بدافع
من هذه الشهوات حركة تساوي مئة وثمانين درجة ،
لكن الشرع سمح له بحيز معين ،
أودع في الإنسان حبّ المرأة سمح له بالزواج ، حرم عليه الزنا ،
أودع في الإنسان حبّ المال سمح له بكسب مشروع وحرم عليه
الكسب غير المشروع ،
إذاً كيف نفهم حقيقة الشرع ؟
ضوابط ، عندك شهوات والحركة واسعة جداً ، فأنت حينما تتعرف على الله
من خلال الكون تريد أن تتقرب إليه يأتي الشرع يقول لك افعل ولا تفعل ،
هنا دخلنا في الموضوع ، الآن أحد أكبر شهوتين يتحرك بهما الإنسان
شهوة المال وشهوة الجنس ، لو أخذت مئة حكم شرعي لا على التعيين
من كتب الفقه لوجدت خمسة وأربعين حكماً متعلقاً بكسب المال
وخمسة وأربعين حكماً متعلقاً بالمرأة ، وعشرة بالمئة بقية جميع
الموضوعات ، فالآن الآية اليوم تتجه إلى موضوع المال .

أساس معرفة الله عز وجل الاستقامة على أمره :
أولاً المال قوام الحياة الإنسان لو تعين في وظيفة يفكر أن يتزوج ،
لما تزوج هيأ زواجاً لفتاة ، الفتاة تنتظر شاباً مؤمناً صادقاً يتزوجها
ويرعاها ، الآن اشترى بيتاً ، البيت روج تجارة العقارات ، اشترى أثاثاً ،
أي الحياة تبدأ من أن الحركة بدافع من هذه الشهوات.
أيها الأخوة ،
لماذا ينبغي أن نستقيم على أمر الله ؟
حتى نتفرغ لمعرفته ، فإذا أنت تتحرك بحركة وفق منهج الله
لا يوجد عندك مفاجآت ، أنت في سلام ،

الله عز وجل قال :

{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]

الإنسان أحياناً يكون في سلام في بيته ، لأنه اختار امرأة صالحة ،
امرأة تعرف الله ، أمينة ، عفيفة ، طاهرة ، وفية ، أنجب أولاداً
رباهم تربية إسلامية فكانوا أبراراً ، بيته جنة ، كسب ماله وفق الشرع
لا يوجد كذب ، لا يوجد غش ، له مكانة في السوق ،
له مكانة عند أقربائه ، له مكانة في بيته :

{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]

من استقام على أمر الله هداه الله سبل السلام :

الله عز وجل من أسمائه الحسنى السلام ، ولا يوجد إنسان من بني البشر
من دون استثناء إلا ويتمنى السلام ، السلام مع نفسه ،
أحياناً إنسان يرتكب عملاً قبيحاً جداً لا يعلم به أحد
ماذا يعاني هذا الإنسان ؟
يعاني من انهيار داخلي ، يحتقر ذاته ، فالمؤمن حينما أطاع الله عز وجل
لا يحتقر ذاته ، يشعر أنه عزيز ، هو إنسان مقرب من الله عز وجل ،
ما ارتكب خطأ ، ما بنى مجده على أنقاض الآخرين ، ما بنى حياته
على قتلهم ، ما بنى أمنه على إخافتهم ، ما بنى غناه على فقرهم ،
فأت عندما تستقيم تعيش حياة نفسية عالية جداً ، مبدئياً الأقوياء
حينما يفعلون الكبائر ولا أحد يجرؤ أن يخاطبهم عندهم حالة اسمها
انهيار ذاتي ، شعور بالذنب ، شعور بالاحتقار ،
فأنت حينما تطبق منهج الله في سلام مع نفسك ، تنام قرير العين ،
تنام في بيت متواضع على فراش عادي ، بيت حجمه صغير ،
كل ما في البيت لا يساوي مئة ألف وأنت أسعد الناس ،
تدخل إلى بيت يساوي مئة وثمانين مليوناً وأصحابه أشقى الناس ،
فالله عز وجل أرادنا أن نعرفه حتى نخاف منه ، حتى نطبق منهجه ،
فإذا طبقنا منهجه كنا في سلام مع أنفسنا ، وفي سلام مع أهلنا ،
وفي سلام مع أقاربنا ، ومع من حولنا ، ومع من هم فوقنا لا ننافق لهم ،
ومع من هم تحتنا ، يهديهم باستقامتهم سبل السلام .

المال قوام الحياة
وكلما ضاقت المسافة بين الأغنياء والفقراء كان المجتمع راقياً :

لأن موضوع المال يعد ثاني أكبر موضوعات الفقه
لذلك أحد أكبر المعاصي في كسب المال وفي استثمار المال موضوع الربا
لماذا الربا محرم ؟
أيها الأخوة الكرام الفكرة دقيقة أن الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة
جعل من المال قوام الحياة ، أنت بالمال تأكل وتشرب و تتزوج ،
تشتري بيتاً ، تربي أولادك ، تأتي بالطعام ، بالشراب ، بالكساء ،
جعل من المال قوام الحياة ، هذا المال مجموعه يساوي كتلة ،
أراد الله أن تكون هذه الكتلة متداولة بين كل عباده ،
هذا الوضع الصحي ، الوضع الطبيعي الوضع الذي أراده الله

قال تعالى :

{ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ }
[ الحشر: 7 ]

أي متداولاً بين الأغنياء منكم ، حالات البضائع معروضة عرضاً مذهلاً
لكن لا أحد يملك ثمنها إلا طبقة قليلة من الأغنياء والأقوياء ،
هذه حالة مرضية كبيرة جداً

* يعني بالمقياس العصري كلما قّلت المسافة بين الأغنياء والفقراء
وبين الأقوياء والضعفاء ارتقى المجتمع

* وكلما طالت المسافة بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء
تخلّف المجتمع

فقد تجد في دولة متخلفة مظاهر البذخ تفوق حدّ الخيال
لكن لمن ؟
لفئة قليلة جداً جداً من الأقوياء والأغنياء ، وقد تجد في بلد آخر تكاد تنعدم
المسافة بين الفقير والغني ، كل إنسان يسكن في بيت ، عنده مركبة ،
يعالج ابنه معالجة مجانية ، الطب مؤمن ،
فكلما ضاقت المسافة بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء
كان المجتمع راقياً في المقياس المادي .

الوضع الصحي السليم الذي يريده الله
أن تكون الكتلة المالية موزعة بين كل الناس :
الآن هذه الكتلة من المال في بلد معين ، لو أننا جمعنا الكتلة المالية
مليار مليون فرضاً هذه الكتلة المالية الوضع المرضي الخطير
أن تكون بأيدي قليلة ، مليون لا يملكون واحداً وواحداً يملك مليوناً ،
الوضع الخطير أن عشرة بالمئة من سكان الأرض يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض وضع خطير ، هذا الوضع العالمي المعاصر ،
الذي يسافر يرى ألوان البذخ تفوق حدّ الخيال ، وشعوب تموت من الجوع ،
عشرة بالمئة من سكان الأرض وهم في دول الشمال يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض ، هذه الكتلة النقدية الوضع الصحي السليم الصحيح
الطبيعي الذي يريده الله أن تكون هذه الكتلة المالية موزعة بين كل الناس ،
كل إنسان بإمكانه أن يعالج ابنه ، ابنه يدرس بأرقى المدارس ،
يقتني أثاثاً معقول ، الحاجات الأساسية مؤمنة للجميع ،
إذاً هذا المجتمع بخير حينما قال الله عز وجل :

{ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ }
[ هود : 84 ]

سيدنا شعيب يخاطب أمته ،
فقال العلماء
معنى الخير توافر المواد ورخص الأسعار ،

كان بعض الولاة الصالحين كلما التقى بأحد من ولاه
في الأقاليم يسأله
كيف الأسعار عندكم ؟
الأسعار مؤشر بحبوحة أو فقر ،
كلما ارتفع السعر صار في مشكلة .

الربا أحد أسباب تجمع الأموال بأيدٍ قليلة
وحرمان الكثرة الكثيرة منه :
الآن الكتلة المالية في أمة ، في مجتمع

* الوضع الصحي أن تكون متداولة

* والوضع المرضي الخطير الذي يورث انفجاراً
أن يكون توزيعها غير متناسب ،

قلة قليلة يملكون كل شيء وكثرة كثيرة لا تملك شيئاً ،
الآن أي شيء يجمع الأموال بأيدٍ قليلة ويحرمه من الكثرة الكثيرة محرم ،
لأن المجتمع ينهار بهذا الأسلوب

الربا أحد الأسباب التي تجمع الأموال بأيدٍ قليلة وتحرمه الكثرة الكثيرة ،
الإنسان أحياناً على الشبكية يدخل على بنك يجد بناء فخماً مكيفاً ،
موظفين أنيقين ، كومبيوترات ، استقبال ، استمارات ،
لماذا هذا محرم ؟
أنت حينما تسمح للمال أن يلد المال جمعت المال بأيدٍ قليلة
وحرمته الكثرة الكثيرة ، أما حينما تصر على أن تكون الأعمال سبب
زيادة المال عندئذ الأرباح توزع بين أكبر شريحة ، مثلاً إنسان أراد
أن ينشئ مشروعاً يحتاج إلى مقر ، اشترى محلاً ، هذا المحل انتفع منه
صاحبه الذي باعه ، يحتاج إلى كسوة هذا المحل ، مئتا مصلحة متعلقة
بإكساء البيوت والمحلات ، يحتاج إلى أثاث ، يحتاج إلى موظفين ،
يحتاج إلى قرطاسية ، إلى سيارة لنقل البضائع ، إلى مستودع ،
شئت أم أبيت نصف أرباحك مصاريف ، فكل إنسان يعمل في عمل تجاري ،
صناعي ، زراعي ، عنده مزرعة ظهرت آفة استدعى مهندساً زراعياً ،
اشترى مضخة ، اشترى دواء ، أي إنسان يكسب المال عن طريق
الأعمال شاء أم أبى ، أحبّ أم كره ، سوف توزع هذه الأرباح على أكبر
شريحة وكل أخ تاجر يعرف ما أقول ، نصف الأرباح مصاريف ،
يوجد عنده موظفون ، مستودعات ، قرطاسية ، سيارات ،
السيارة تحتاج إلى إصلاح يصلحها عند إنسان العجلة دارت ،
هذا الإنسان نفسه الذي رصد عشرة ملايين لمشروع تجاري ،
وضعهم في البنك ، وجلس في البيت كسلان يستيقظ الساعة الثانية عشرة
ما قدم شيئاً للأمة إلا أخذ مالاً دون جهد ، المال وحده نما .

إلي اللقاء مع الجزء الثاني والأخير إن شاء الله