المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 28.08.1437


حور العين
06-04-2016, 01:06 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ عبادة الملائكة ]

خير ما يوصف به الملائكة أنهم عباد الله، ولكنهم عباد مكرمون، وقد
سبق أن أشرنا إلى أن دعوى المشركين في أنّ الملائكة - بنات الله –
دعوى باطلة، لا نصيب لها من الصحة، وقد أكذب الله القائلين بهذا القول،
وبين حقيقة الملائكة ومكانتهم في أكثر من موضع، قال تعالى:

{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ
بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَن يَقُلْ
مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }
[الأنبياء: 26-29 ].

الملائكة عباد يتصفون بكل صفات العبودية، قائمون بالخدمة، منفذون
للتعاليم، وعلم الله بهم محيط، لا يستطيعون أن يتجاوزوا الأوامر،
ولا أن يخالفوا التعليمات الملقاة إليهم، خائفون وجلون...

ومن تمام عبودية الملائكة أنهم لا يتقدمون بين يدي ربهم مقترحين،
ولا يعترضون على ما أمر من أوامره، بل هم عاملون بأمره، مسارعون
مجيبون

{ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }
[الأنبياء: 27]،

وهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به، فالأمر يحركهم، والأمر يوقفهم، ففي
صحيح البخاري عن ابن عباس قال:

( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ألا تزورنا أكثر مما
تزورنا؟ قال: فنزلت:

{ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا
وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }
[ مريم: 64 ] ) .

نماذج من عبادتهم:
الملائكة عباد الله، مكلفون بطاعته، وهم يقومون بالعبادة والتكاليف بيسر
وسهولة. وسنورد - هنا - بعض العبادات التي حدثنا الله، أو رسوله
صلى الله عليه وسلم أنهم يقومون بها.

1- التسبيح: الملائكة يذكرون الله تعالى، وأعظم ذكره التسبيح، يسبحه
تعالى حملة عرشه:

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ }
[ غافر: 7 ]،

كما يسبحه عموم ملائكته:

{ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ }
[الشورى: 5 ].

وتسبيحهم لله دائم لا ينقطع، لا في الليل، ولا في النهار:

{ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ }
[ الأنبياء: 20 ].

ولكثرة تسبيحهم فإنهم هم المسبِّحون في الحقيقة، وحق لهم أن يفخروا
بذلك:

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ }
[الصافات: 165-166 ].

وما كثرة تسبيحهم إلا لأن التسبيح أفضل الذكر، روى مسلم في صحيحه
عن أبي ذر، قال:

( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذكر أفضل؟ قال:
ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده ) .

2- الاصطفاف: ... ذكر الحديث الذي يحث الرسول صلى الله عليه وسلم
فيه أصحابه على الاقتداء بالملائكة في الاصطفاف للصلاة:

( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟. وعندما سئل عن
كيفية اصطفافهم قال: يتمون الصفوف، ويتراصون في الصف ).
رواه مسلم

وفي القرآن عن الملائكة:

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ }
[الصافات: 165].

وهم يقومون، ويركعون، ويسجدون، ففي مشكل الآثار للطحاوي،
وفي المعجم الكبير للطبراني عن حكيم بن حزام قال:

( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ قال لهم:
أتسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شيء، قال: إني لأسمع
أطيط السماء، وما تلام أن تئط، ما فيها موضع شبر
إلا عليه ملك ساجد أو قائم ) .

3- الحج: للملائكة كعبة في السماء السابعة يحجون إليها، هذه الكعبة هي
التي أسماها الله تعالى: البيت المعمور، وأقسم به في سورة الطور:

{ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ }
[الطور: 4].

قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: (ثبت في الصحيحين:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث الإسراء، بعد مجاوزته
السماء السابعة:

( ثم رفع بي إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون
ألفاً، لا يعودون إليه آخر ما عليهم )

؛ يعني يتعبدون فيه، ويطوفون به كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم،
والبيت المعمور هو كعبة أهل السماء السابعة، ولهذا وَجَد إبراهيمَ الخليل
- عليه الصلاة والسلام - مسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ لأنه باني
الكعبة الأرضية، والجزاء من جنس العمل).

وذكر ابن كثير أن البيت المعمور بحيال الكعبة، أي فوقها، لو وقع لوقع
عليها، وذكر أن في كل سماء بيتاً يتعبد فيه أهلها، ويصلون إليه، والذي
في السماء الدنيا يقال له: بيت العزة .

وهذا الذي ذكره ابن كثير من أن البيت المعمور بحيال الكعبة مروي عن
علي بن أبي طالب، أخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة: (أن رجلاً
قال لعلي - رضي الله عنه-: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء
بحيال البيت، حرمة هذا في السماء كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم
سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه) .

قال فيه الشيخ ناصر الدين الألباني: (ورجاله ثقات غير خالد بن عرعرة,
وهو مستور... ثم ذكر أن له شاهداً مرسلاً صحيحاً من رواية قتادة، قال:
ذكر لنا

( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: هل تدرون
ما البيت المعمور؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه مسجد
في السماء، تحته الكعبة، لو خرّ لخر عليها...).

ثم قال المحقق - الألباني -: (وجملة القول أن هذه الزيادة
((حيال الكعبة)) ثابتة بمجموع طرقها) .

4- خوفهم من الله وخشيتهم له: ولما كانت معرفة الملائكة بربهم كبيرة،
كان تعظيمهم له، وخشيتهم له عظيمة، قال الله فيهم:

{ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }
[الأنبياء: 28].

ويبين شدة خوفهم من ربهم ما رواه البخاري عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة
بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان ).

قال علي، وقال غيره: (صفوان ينفذهم ذلك. فإذا فزع عن قلوبهم قالوا:
ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير) .

وفي معجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( مررت ليلة أُسري بي بالملأ الأعلى، وجبريل كالحلس البالي
من خشية الله تعالى )

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين