المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب نبوية في الاستئذان


vip_vip
03-27-2011, 11:58 AM
آداب نبوية في الاستئذان
عندما يأوي الناس إلى منازلهم فإنهم يطرحون عنهم أعباء الكلفة ويتخفّفون من ملابسهم ،
ويظهر منهم ما لا يرغبون أن يطّلع عليه الآخرون ،
فجاءت الشريعة لترشد الناس إلى أدب الاستئذان صيانةً لتلك البيوت ورعايةً لأهلها .
والمقصود بالاستئذان : (http://www.ataaalkhayer.com/)
طلب الإذن بالدخول ، خوفاً من الاطلاع على عورات المسلمين ،
أو وقوع النظر على ما لا يرغبه صاحب البيت ،
ويقرّر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بقوله :
( إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ) متفق عليه .
http://1aim.net/fourm/imgcache/14470.imgcache.jpg (http://www.ataaalkhayer.com/)
وإذا نظرنا إلى الآداب المتعلّقة بالاستئذان وجدنا أنها تنقسم إلى قسمين :
قسمٌ يتعلّق بالدخول إلى البيت ، وآخر بالحركة داخله ،
أما الأوّل (http://www.ataaalkhayer.com/)، فقد جاء النهي عن دخول البيوت قبل استئذان أهلها ،
فقال الله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
( النور : 27 ) .
ويظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم –
على تعويد أصحابه على الاستئذان
لا سيّما مع حديثي العهد بالإسلام والجهلة من الأعراب ،
فقد جاء في سنن الترمذي أن صفوان بن أمية
ذهب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –
بعد إسلامه بشيءٍ من الطعام ، فدخل عليه ولم يسلّم ولم يستأذن ،
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( ارجع ، فقل: السلام عليكم ، أأدخل ؟ ) .
http://1aim.net/fourm/imgcache/14469.imgcache.jpg (http://www.ataaalkhayer.com/)
وفي سنن أبي داود أن رجلاً من بني عامر استأذن
على النبي - صلى الله عليه وسلم -
وهو في بيت فقال : ألج ؟ ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لخادمه :
( اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان ، فقل له : قل السلام عليكم ، أأدخل ) ،
فسمعه الرجل فقال : السلام عليكم ، أأدخل ؟ ،
فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل .
وينبّه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ضرورة حفظ النظر عند الوقوف والانتظار فيقول :
( لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن ، فإن فعل فقد دخل )
رواه البخاري في الأدب المفرد .
ولخطورة النظر على العورات والاطلاع عليها ، أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم عين الناظر إلى بيوت الآخرين وأسقط عنها الدية فقال :
( لو أن رجلا اطّلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة – أي رميته بها - ففقأت عينه ،
ما كان عليك من جناح )
متفق عليه ،
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلي ،
فاطّلع رجل في بيته ، فأخذ سهماً من كنانته فسدّد نحو عينيه ،
رواه البخاري في الأدب المفرد .
وأخبر سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن موقفٍ آخر ،
حين اطّلع رجلٌ من ثقبٍ في باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يسرّح شعره بمشطٍ في يده ، فقال للرجل :
( لو أعلم أنك تنظر طعنت به في عينك ؛ إنما جعل الله الإذن من أجل البصر )
رواه مسلم.
ولأجل هذا المقصد جاء النهي أيضاً عن استقبال الباب والوقوف أمامه ،
والإرشاد إلى أخذ جانبه الأيمن أو الأيسر ،
فقد جاء عن طلحة عن هزيل رضي الله عنه أن رجلاً جاء
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم
- يستأذن بالدخول ، فوقف مستقبل الباب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ( هكذا عنك أو هكذا – أي اذهب يميناً أو شمالاً - فإنما الاستئذان من النظر )
رواه أبو داود .
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إذا جاء الباب يستأذن ،لم يستقبله ، يمشي مع الحائط حتى يستأذن ،
فيؤذن له أو ينصرف ، رواه أحمد ، وعندالبخاري
في الأدب المفرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم –
كان إذا أتى بابا يريد أن يستأذن لم يستقبله ، وجاء يمينا أوشمالا ،
فإن أذن له وإلا انصرف .
ومن سنن الاستئذان ألا يزيد عن ثلاث مرّات ،
فإن أذن صاحب البيت وإلا انصرف ، يشير إلى ذلك حديث
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ،
قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد سعد بن عبادة ،
حتى أتاه فسلّم فلم يؤذن له ، ثم سلّم الثانية ثم الثالثة ، فلم يؤذن له ،
فقال : ( قضينا ما علينا ) ، ثم رجع فأدركه سعد فقال : يا رسول الله ،
والذي بعثك بالحق ما سلّمت من مرة إلا وأنا أسمع وأرد عليك ،
ولكن أحببت أن تكثر من السلام عليّ وعلى أهل بيتي ،
رواه البخاري في الأدب المفرد .
ويُستثنى من ذلك إذا دعى صاحب البيت الزائر وأرسل إليه من يطلبه ،
فلا داعي حينئذٍ من الاستئذان ، ويدلّ على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه ) ،
رواه الطبراني ،
وبهذا المعنى يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( رسول الرجل إلى الرجل إذنه ) رواه أبو داوود .
ويمكن لصاحب البيت أن يستثني من أراد في الدخول عليه بدون إذن ،
أو يجعل له علامةً يتفقان عليها للدلالة على الإذن ،
كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
( آذنك على أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادى –
يعني الخاصّ من الكلام - حتى أنهاك )
رواه مسلم ،
يقول الإمام النووي تعليقاً على الحديث :
" وفيه دليل لجواز اعتماد العلامة في الأذن فى الدخول ،
فإذا جعل الأمير والقاضى ونحوهما وغيرهما رفع الستر
الذي على بابه علامة فى الأذن فى الدخول عليه ، للناس عامة ،
أو لطائفة خاصة ، أو لشخص ، أو جعل علامةً غير ذلك ،
جاز اعتمادها والدخول إذا وجدت بغير استئذان " .
ومن الآداب الشرعيّة في الاستئذان ، عدم رفع الصوت أو إزعاج أهل البيت ،
ولذلك نرى من أدب الصحابة أنهم كانوا يقرعون أبواب
النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأظافير ،
رواه البخاري في الأدب المفرد ، يقول الإمام ابن العربي :
" وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب ،
وهو حسن لمن قرب محله من بابه أما من بعد عن الباب
بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه " .
وينبغي للمستأذن أن يُفصح عن اسمه حتى يعرفه صاحب البيت فيتهيّأ له ،
وبذلك نفهم سرّ غضب النبي – صلى الله عليه وسلم –
عندما استأذنه جابر رضي الله عنه بالدخول ، فسأله عن اسمه ،
فقال : أنا ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( أنا أنا ) كأنه كرهها ،
متفق عليه .
وإذا قال أهل المنزل للمستأذن : ارجع ، وجب عليه الرجوع ؛
لأنهم ما طلبوا منه الرجوع إلا لعدم تهيّئهم لاستقباله
وحصول الضرر والإحراج من دخوله ، قال تعالى :
وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
( النور : 28 ) .
http://akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-27039-1174217234.jpg
وللمعاني العظيمة التي شُرع لها الاستئذان جاء النهي عن الدخول على أهل البيت
عند القدوم من السفر دون إشعارٍ سابقٍ ،
حتى تتهيّأ المرأة لزوجها ولا يطّلع منها على ما يكره ،
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحدّ المغيبة وتمتشط الشعثة )
متفق عليه .
وكما يُشرع الاستئذان عند الدخول ، يُشرع كذلك عند الانصراف ،
وقد امتدح الله المؤمنين في سورة النور بقوله :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا
حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
( النور : 62 ) .
وتلك الآداب متعلّقة بالبيوت المسكونة دون غيرها ،
أما البيوت غير المأهولة كالتي تكون على الطريق أو المعدّة للتأجير
فلا استئذان لها ،
كما قال تعالى :
لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
( النور :29 ) .
وفيما يتعلّق بآداب الحركة داخل البيت فقد جاء التخفيف للمماليك (http://www.ataaalkhayer.com/)والصغار
أن يتنقّلوا في البيت دون استئذانٍ للحاجة إلى ذلك ،
سوى ثلاثة أوقات : قبل الفجر ، ووقت الظهيرة ، وبعد صلاة العشاء ،
ففي هذه الأوقات يغلب على أهل البيت نزع ثيابهم واللجوء إلى الفراش ،
فشرع الاستئذان حينئذٍ .
وفي ثنايا التوجيهات الربّانية والسنن النبويّة التي مرّت بنا ،
تظهر عظمة الإسلام (http://www.ataaalkhayer.com/) في حرصه على حفظ العرض ،
واحترام الخصوصيّة ، ومراعاة مشاعر الناس ، والله الموفق .
http://enfancemaroc.jeeran.com/8ee4a96d38.jpg (http://www.ataaalkhayer.com/)
الشيخ مسعدنجم
امام وخطيب
جامع حاصبيا
لبنان
http://pictures.brooonzyah.net/fwasel/3.gif