المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 29.09.1437


حور العين
07-04-2016, 07:12 AM
إ
من:دارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ خصائص القرآن الكريم
تعدد أسمائه وصفاته ]

وردت للقرآن الكريم أسماء وصفات كثيرة في كثير من الآيات,
وفي بعض من الأحاديث النبوية.

ولكثرة هذه الأسماء والصفات، فقد أفردها بعض العلماء بمؤلفات
مستقلة، فضلاً عن إيرادها أو إيراد جملة منها في بطون مؤلفاتهم.

وممن ألف فيه علي بن أحمد بن الحسن التجيبي الحرالي، المتوفي سنة
(647)، وابن قيم الجوزية المتوفي سنة (751)، ألف كتاب (شرح أسماء
الكتاب العزيز) (1) ، ومن المعاصرين، ألف الشيخ صالح بن إبراهيم
البليهي، كتاباً عنوانه: (الهدى والبيان في أسماء القرآن).

وقد وقع الاختلاف بين العلماء في عدد أسماء القرآن الكريم، فهذا
الزركشي يذكر أن (الحرالي) أنهى أساميه إلى نيف وتسعين، لكن
الزركشي نفسه لا يورد إلا خمسة وخمسين اسماً نقلها عن أبي المعالي
عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيدل ، وقد أوردها أيضاً السيوطي .
أما الفيروز آبادي فقد قال: (ذكر الله تعالى للقرآن مائة اسم نسوقها على
نسق واحد) (4) ، لكنه لم يذكر إلا تسعة وثمانين اسماً وزادها أربعة
أسماء. فتكون جملة الأسماء التي أوردها الفيروز آبادي ثلاثة وتسعين
اسماً من القرآن للقرآن.

أما الشيخ صالح البليهي فلم يذكر إلا ستة وأربعين اسماً من أسماء القرآن
الكريم، لاعتقاده أن بعض هذا العدد –إن لم يكن أكثره- أوصاف للقرآن
وليست بأسماء (5) ، ومع هذا فإنه لا يستبعد أن يكون بعض ما ذكره
هو من أوصاف القرآن وليست من أسمائه .

ومن أسمائه التي استمدها العلماء من القرآن نفسه: التنزيل، الآيات،
الكتاب، القرآن، الحق، التذكرة، الهدى، الوحي، الصراط المستقيم،
التبيان، الصدق، المفصل، الحديث، الرحمة، النور، النذير، كلام الله،
القول الثقيل، القول الفصل، العربي، الحكيم، الحكمة البالغة، العلم،
القصص، البشير، الموعظة، المبارك البصائر، الشفاء، النبأ العظيم،
الفرقان، المجيد، الروح، البلاغ، حبل الله، البرهان، أحسن الحديث
المثاني، السراج، المبين، وغير ذلك من الأسماء والصفات.

وقد بين العلماء حكمة تعدد الأسماء فقال الفيروز آبادي: (أعلم أن كثرة
الأسماء تدل على شرف المسمى أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن
كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة دلت على
كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها، وكذلك
كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي
صلى الله عليه وسلم دلت على علو رتبته وسمو درجته، وكذلك كثرة
أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته) .

وبين أسماء القرآن الكثيرة اشتراك وامتياز، فهي تشترك في دلالتها على
ذات واحدة هي القرآن الكريم نفسه، ويمتاز كل واحد منها عن الآخر
بدلالته على معنى خاص، فكل اسم للقرآن يدل على حصول معناه فيه،
فتسميته مثلاً بالهدى يدل على أن الهداية فيه، وتسميته بالتذكرة يدل على
أن فيه ذكرى، وهكذا كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى عن لفظ السيف
والصارم والمهند... فإنها تشترك في دلالتها على الذات فهي من هذا
الوجه كالمتواطئة، ويمتاز كل منها بدلالته على معنى خاص، فتشبه
المتباينة وأسماء الله وأسماء رسوله وكتابه من هذا الباب) .

وهناك إشارة دقيقة استمدها بعض العلماء من تسميته بالقرآن، والكتاب،
فقال: (روعي في تسميته قرآناً كونه متلوا بالألسن، كما روعي في
تسميته كتاباً كونه مدوناً بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية
شيء بالمعنى الواقع عليه.

وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في
موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور
جميعاً، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ
حتى يوافق الرسم المجتمع عليه من الأصحاب, المنقول إلينا جيلاً بعد جيل
على هيئته التي وضع عليها أول مرة, ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق
ما هو عند الحافظ بالإسناد الصحيح المتواتر.

وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية، إقتداء
بنبيها بقي القرآن محفوظاً في حرز حريز .

وينبغي أن أنبه إلى أمرين هنا..
الأول: أن ما ذكرته من أسماء القرآن مأخوذ من القرآن نفسه،
وقد ورد في السنة أسماء أخرى للقرآن الكريم.

الثاني: أن أسماء القرآن وصفاته توقيفية، لا نسميه ولا نصفه إلا بما جاء
في الكتاب, أو في السنة النبوية الشريفة، فإن قلت: أرأيت تسميته
بالمصحف، هل وردت في الكتاب أو السنة، قلت: أن المصحف ليس اسماً
للقرآن ذاته، وإنما اسم للصحف التي كتب عليها القرآن، ولم يطلق عليه
(المصحف) إلا بعد جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق
رضي الله عنه في صحف ضم بعضها إلى بعض فسميت مصحفاً.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين