المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة تسع وعشرين وأربعمائة


حور العين
07-31-2016, 02:02 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وأربعمائة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

فيها‏:‏
كان بدو ملك السلاجقة‏.‏

وفيها‏:
‏ استولى ركن الدولة أبو طالب طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجوق على
نيسابور، وجلس على سرير ملكها، وبعث أخاه داود إلى بلاد خرسان
فملكها، وانتزعها من نواب الملك مسعود بن محمود بن سبكتكين‏.‏

وفيها‏:
‏ قتل جيش المصريين لصاحب حلب، وهو شبل الدولة نصر بن صالح
بن مرداس، واستولوا على حلب وأعمالها‏.‏

وفيها‏:
سأل جلال الدولة الخليفة أن يلقب ملك الدولة، فأجابه إلى ذلك بعد تمنع‏.‏

وفيها‏:
استدعى الخليفة بالقضاة والفقهاء وأحضر جاثليق النصارى ورأى جالوت
اليهود، وألزموا بالغيار‏.‏

وفي رمضان منها
لقب جلال الدولة شاهنشاه الأعظم ملك الملوك، بأمر الخليفة، وخطب له
بذلك على المنابر، فنفرت العامة من ذلك ورموا الخطباء بالآجر، ووقعت
فتنة شديدة بسبب ذلك، واستفتوا القضاة والفقهاء في ذلك فأفتى أبو
عبد الله الصيمري أن هذه الأسماء يعتبر فيها القصد والنية،
وقد قال تعالى‏:‏ ‏

{ ‏إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً‏ }‏
‏[‏البقرة‏:‏ 247‏]‏، وقال‏:‏

‏{ ‏وَكَانَ وَرَاءهُمْ مَلِكٌ‏ }‏
‏[‏الكهف‏:‏ 79‏]‏
وإذا كان في الأرض ملوك جاز أن يكون بعضهم فوق بعض، وأعظم من
بعض، وليس في ذلك ما يوجب النكير والمماثلة بين الخالق والمخلوقين‏.‏

وكتب القاضي أبو الطيب الطبري‏:‏ أن إطلاق ملك الملوك جائز، ويكون
معناه‏:‏ ملك ملوك الأرض، وإذا جاز أن يقال‏:‏ كافي الكفاة وقاضي القضاة،
جاز أن يقال‏:‏ ملك الملوك، وإذا كان في اللفظ ما يدل على أن المراد به
ملوك الأرض زالت الشبة، ومنه قولهم‏:‏ اللهم أصلح الملك، فيصرف
الكلام إلى المخلوقين‏.‏

وكتب التميمي الحنبلي نحو ذلك، وأما الماوردي صاحب ‏(‏الحاوي الكبير‏)‏
فقد نقل عنه‏:‏ أنه أجاز ذلك أيضاً، والمشهور عنه ما نقله ابن الجوزي
والشيخ أبو منصور بن الصلاح في ‏(‏أدب المفتي‏)‏‏:‏ أنه منع من ذلك وأصر
على المنع من ذلك، مع صحبته للملك جلال الدولة، وكثرة ترداده إليه،
ووجاهته عنده، وأنه امتنع من الحضور عن مجلسه حتى استدعاه جلال
الدولة في يوم عيد، فلما دخل عليه، دخل وهو وجل خائف أن يوقع به
مكروهاً، فلما واجهه قال له جلال الدولة‏:‏ قد علمت أنه إنما منعك من
موافقة الذين جوزوا ذلك مع صحبتك إياي ووجاهتك عندي، دينك واتباعك
الحق، وإن الحق آثر عندك من كل أحد، ولو حابيت أحداً من الناس
لحابيتني، وقد زادك ذلك عندي صحبة ومحبة، وعلو مكانة‏.‏

قلت‏:‏ والذي حمل القاضي الماوردي على المنع هو السنة التي وردت بها
الأحاديث الصحيحة من غير وجه‏.‏
وقد روى البخاري عن علي بن المديني عن ابن عيينة، وأخرجه مسلم
من طريق همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏
‏(‏‏ ‏أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل تسمى
ملك الأملاك لا ملك إلا الله عز وجل‏ )‏‏.‏