المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر إيمانية ( الحلقة 14 )


حور العين
08-21-2016, 01:49 PM
من: الأخت / الملكة نــور
خواطر إيمانية

( الحلقة 14 )

قال الله تعالى :

{ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ
فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
[ آل عمران : 153 ]

هل تخيلتم يوما ما أن " الغم " مثوبة ، الغم أجر ،
لم يقل فأصابكم .. بل { فَأَثَابَكُمْ }
أيها المهموم ويا صاحب الغموم ،
افهم عن الله تعالى ، إنه يبتلي ليهذب لا ليعذب ،
إنَّ كل ما يصيبك من نكد هذه الحياة لكي تعلق قلبك بالله وحده ،
فلا تفرح بموجود ولا تحزن على مفقود .


قال الله تعالى :

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ
وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }
[ آل عمران : 24 ]

الشيطان من أسمائه الغَرور

{ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ }
[ لقمان : 33 ]

ومن أخطر طرائق الشيطان أن يغرر الإنسان بالدين ،
فتجد الواحد مغرورا بالتزامه لبعض الشرع ، مغرورا بفهمه الخاص للدين ،
مغرورا بظاهر لا وزن له في قلبه ، مغرورا بكلمات يحفظها ويتشدق بها ،
مغرورا يشعر أنه من النخبة او من الصفوة او أنه من الخاصة
لذلك لسان المغرور يقول :

{ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۖ }
[ آل عمران : 24 ]

أفيقوا ... وتخلصوا من داء الغرور القاتل ، فلا تنس ذنوبك ،
ولا تنس ماضيك
لذلك قال الله لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم :

{ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا
تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ
كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ }
[ النساء : 94 ]

لا تحكموا على الناس ، ولا تغتروا بأنفسكم ، وتذروا عيوبكم
لتذلوا لله تعالى ، واعرفوا أن النعمة من الله ليس لكم فيها من شيء ،
بل محض فضله سبحانه
اليوم ارفع شعار لا للغرور .

استشعروا خطر الواقع فاستدفعوا النقم بالبكاء والتضرع

{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ }
[ الأعراف : 94 ]

عليكم بالدعاء مع احتراق القلب ، تباكوا حتى تلين القلوب بالبكاء ،
ابتعدوا عن مفسدات القلوب .

{ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ
فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ }
[ البقرة : 36 ]

هذه كلمة ?
{ إِلَى حِينٍ }

إذا فهمها الإنسان ترتعد مفاصِلُه ،

{ إِلَى حِينٍ }

عدة سنوات ، اعمل ما شئت لا بد من الموت ، إذا شيَّع الواحد جنازة ،
ووقف على القبر ، وضع هذا الميت في القبر ،
هذه الحادثة الرهيبة كلنا سوف نصل إليها ، كلنا ،
مهما كان حجمك المالي ،
مهما كان بيتك فخماً ،
مهما كان لك هيمنة على الناس ،
مهما كان لك أذواق رفيعة جداً في الاستمتاع ،
مهما كنت أنيقاً عندك أذواق عالية ،
مهما كان رصيدك كبيراً ،
هذه اللحظة لا بد منها ،
لذلك العاقل هو الذي يعد لهذه اللحظة التي لا بد منها عدتها .

{ وَقُلْنَا اهْبِطُوا }
[ البقرة : 36 ]

انتهت الآن الحالة المريحة ، انتهى الدرس ، اهبطوا ،
مثل تقريبي :
عندك طلاب أريتهم مزرعة جميلة ، تجعلهم يسبحون ،
تطعمهم أكلاً لذيذاً ، تجدهم يحبونها ، الآن الذهاب إلى المزرعة للعمل
والاجتهاد ، أول مرة يهمك أن تجعلهم يطمعون ، تريهم ما هي الجنة ،
فهذه يسمونها تربية عالية جداً ، هذه الجنة ، وأنتم مخلوقون لهذه الجنة ،
الآن اهبطوا منها ، الآن الجنة بالعمل فاعملوا واشتغلوا ،
أعطاك نموذجاً عالياً جداً .


{ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
[ البقرة : 37 ]

أيها الأخوة ، فرقٌ كبير بين معصية إبليس وبين معصية آدم ،
معصية إبليس ردٌ لأمر الله ، معصية إبليس استكبارٌ عن طاعة الله ،
معصية إبليس تنطلق من الكِبر ، وهذه في سُلَّمِ المعاصي تقع في أعلى درجة ،
فأشد المعاصي إثماً وعقاباً وبعداً أن يَسْتَنْكِفَ الإنسان أن يطيع الله كبراً ،
أما الذي يعصيه غَلَبَةً فهذا توبته سريعة ،

إلا أن العلماء يقولون :
[ إن الأنبياء معصومون ،
ومعصية آدم ليست معصيةً بالمعنى الدقيق ،
لأن الله سبحانه وتعالى أراد من الذي حصل لآدم أن يكون درساً
بليغاً له ولذرِّيَتِه من بعده . ]

{ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
[ البقرة : 37 ]

الله عزَّ وجل توَّاب ، ومعنى توَّاب صيغة مبالغة ،
وصِيَغ المبالغة مع أسماء الله الحسنى تعني أنه يتوب على الإنسان
من أكبر ذنبٍ اقترفه ، ويتوب عليه من آلاف الذنوب ،
فهنا مبالغة كَماً ونوعاً ، مهما كان الذنب في نظرك كبيراً
يتوب الله عزَّ وجل عليك منه ، أي ذنبٍ مهما بدا لك كبيراً .