المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 26.11.1437


نسمة أمل
08-30-2016, 04:13 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ محظورات الإحرام وما يجب فيها
وفي ترك الواجب من الفدية...1 ]

المبحث الأول: أنواع محظورات الترفه، وما يجب فيها

المطلب الأول: أنواع محظورات الترفه
تشمل محظورات الترفه خمسة محظورات

المحظور الأول: حلق الشعر

المحظور الثاني: تقليم الأظافر

المحظور الثالث: الطيب

المحظور الرابع: تغطية الرأس

المحظور الخامس: لبس المخيط

المطلب الثاني: ما يجب على من ارتكب شيئاً من محظورات الترفه
مَن حلق أو قلَّم أظفاره أو غطى رأسه أو تطيب أو لبس مخيطاً لعذر، فإنه
يجب عليه في كل ذلك فدية الأذى، فيُخيَّر بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام
ستة مساكين- لكل مسكينٍ نصف صاع - أو ذبح شاة، وهذا باتفاق
المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وبه
قال أكثر الفقهاء.

الأدلة:
أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى

{ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ
مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }

[ البقرة:196].

ثانياً: من السنة:

عن عبدالله بن معقل، قال: جلست إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه،
فسألته عن الفدية، فقال:

( نزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حُمِلتُ إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى
الوجع بلغ بك ما أرى - أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى –
تجد شاة؟ فقلت: لا، فقال: فصم ثلاثة أيامٍ، أو أطعم ستة
مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاع ).

المطلب الثالث: توزيع الصدقة على مساكين الحرم
يشترط أن توزَّع الصدقة على مساكين الحرم، وهو مذهب الشافعية،
والحنابلة، واختاره الشنقيطي، وابن باز، وابن عثيمين.

الدليل:

قوله تعالى:

{ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ }

[المائدة: 95].

وجه الدلالة:

أنَّ في حكم الهدي ما كان بدلاً عنه من الإطعام، فيجب أن يكون
كذلك بالغ الكعبة.

المطلب الرابع: موضع الصيام وصفته
يجوز الصيام في أي موضعٍ مفرَّقاً أو متتابعاً.

الأدلة:
أولًا: من الكتاب:

قوله تعالى:

{ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا }

[المائدة: 95]

وجه الدلالة:

أنه أطلق الصيام، ولم يقيده بشيء، والواجب البقاء على إطلاقات
النصوص، وعدم التصرف بتقييدها من غير دليل.

ثانياً: الإجماع:

نقل النووي الإجماع على جواز تفريق الصيام، وحكى الشنقيطي الإجماع
على أنه يصام في أي مكان.

ثالثاً: أن الصيام لا يتعدى نفعه لأحد؛ لذا لا يقتصر على مكانٍ بعينه.

المطلب الخامس: ارتكاب محظورات فدية الأذى عمداً
لا فرق في التخيير في فدية الأذى بين من ارتكب المحظور بعذر، أو كان
عمداً، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره
الشنقيطي ؛ وذلك لأن الله تعالى أوجب الفدية على من حلق رأسه لأذىً به
وهو معذور، فكان ذلك تنبيهاً على وجوبها على غير المعذور.

المطلب السادس: فعل المحظورات نسياناً أو جهلاً أو إكراهاً
مَن فَعَلَ شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء
عليه، سواء كان صيداً أو جماعاً أو غيرهما، وسواء كان فيه إتلاف أو لم
يكن، وهو مذهب الظاهرية، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو
قول إسحاق وابن المنذر وطائفةٍ من السلف، واختاره ابن عثيمين.

الأدلة:
أولاً: من الكتاب:

1- قوله تعالى:

{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }

[البقرة: 286]، فقال الله:

((قد فعلت)).

2- قوله تعالى:

{ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }

[الأحزاب: 5].

3- قوله تعالى:

{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ
وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ }

[النحل: 106]

وجه الدلالة:

أن الكفر إذا كان يسقط موجبه بالإكراه، فما دونه من باب أولى.

4- قوله تعالى في قتل الصيد:

{ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ }

[المائدة: 95].

وجه الدلالة:

أن قوله: مُتَعَمِّدًا وصفٌ مناسبٌ للحكم، فوجب أن يكون معتبراً؛ لأن
الأوصاف التي عُلِّقت بها الأحكام إذا تبين مناسبتها لها صارت علةً
موجبة، يوجد الحكم بوجودها، وينتفي بانتفائها، وإلا لم يكن للوصف
فائدة.

ثانياً: من السنة:

1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً:

( أين الذي سأل عن العمرة؟ فأتي بالرجل، فقال: اغسل الطيب
الذي بك ثلاث مرات، وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما
تصنع في حجتك، قلت لعطاء: أراد الإنقاء، حين أمره أن يغسل
ثلاث مرات؟ قال: نعم )

رواه البخاري.

وجه الدلالة:

أنه لم يأمر الرجل الذي لبس الجبة وتضمخ بالطيب بالكفارة؛ وذلك بسبب
جهله بالحكم، واكتفى بأمره أن ينزع الجبة، وأن يغسل عنه أثر الطيب.

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

قال:

( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ).

ثالثاً: من الآثار:

عن قبيصة بن جابر الأسدي:

((أنه سمع عمر بن الخطاب, ومعه عبدالرحمن بن عوف, وعمر يسأل
رجلا قتل ظبياً وهو محرم فقال له عمر: عمداً قتلته أم خطأ؟ فقال له
الرجل: لقد تعمدت رميه وما أردت قتله, فقال له عمر: ما أراك إلا أشركت
بين العمد والخطأ; اعمد إلى شاةٍ فاذبحها، فتصدق بلحمها
وأسق إهابها)).

وجه الدلالة:

أنه لو كان العمد والخطأ في ذلك سواء عند عمر؛ لما سأله أعمداً قتلته
أم خطأ، وكان ذلك فضولاً من السؤال لا معنى له.

رابعاً: أن الكفارة إنما تجب إذا وقعت الجناية بارتكاب المحظور؛ لفداء
النفس من المخالفة وللتكفير عن الذنب، ومع الجهل أو النسيان أو الإكراه
لا جناية؛ لأنهم لم يتعمدوا المخالفة فلا معنى للكفارة.

خامساً: القياس على الأكل أو الشرب ناسياً في نهار رمضان، فإنه
لا يفسد الصوم ولا قضاء فيه.

سادساً: أن ما سوى هذا القول ظاهر الفساد والتناقض،
فما يرخص به أحدهم في حال، يمنعه الآخر.

المطلب السابع: تكرار المحظور
تكرار المحظور له ثلاث أحوال:

الحال الأولى: إذا كرر محظوراً من جنسٍ واحد، كلبس قميص، ولبس
سراويل، ولم يفد فإنه يفدي مرةً واحدة، وهو مذهب الحنابلة، وبه قال
محمد بن الحسن الشيباني من الحنفية، وهو قول الشافعي في القديم،
واختاره ابن باز، وابن عثيمين.

الأدلة:
أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى:

{ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ
مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }

[البقرة: 196].

وجه الدلالة:

أن الله تعالى أوجب لحلق الرأس فديةً واحدة، ولم يفرق بين ما وقع في
دفعةٍ أو دفعات، ثم إن الحلق لا يكون إلا شيئاً بعد شيء، فهو ارتكاب
محظوراتٍ متتاليةٍ من جنسٍ واحد، ومع ذلك لم يوجب فيه إلا فدية واحدة.

ثانياً: أن ما تداخل متتابعاً، كحلق شعرات، تداخل متفرقاً،
كالأحداث والحدود.

أدلة أنه إن كفر عن الأول ثم ارتكب المحظور أنه يلزمه فديةٌ أخرى:

1- أنه بالمحظور الثاني صادف إحراماً؛ فوجبت فيه الفدية، كما وجبت
على المحظور الأول، وقياساً على الحدود والأيمان.

2- أنه لما كفر للأول فقد التحق المحظور الأول بالعدم؛ فيعتبر الثاني
محظوراً آخر مبتدأ، كما إذا جامع في يومين من شهر رمضان.

الحال الثانية: أن يكون المحظور من أجناسٍ مختلفة، كطيبٍ ولبس مخيطٍ،
فإنه يفدي لكل محظور، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعةربعةأربعة:
الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.

الأدلة:

أولاً: أنها محظوراتٌ مختلفة الأجناس، فلم تتداخل أجزاؤها
كالحدود المختلفة.

ثانياً: أن السبب الموجب للكفارة الثانية غير عين السبب الموجب للكفارة
الأولى، أشبه ما لو حلف ثم حنث وكفر، ثم حلف وحنث.

الحال الثالثة: أن يكون المحظور صيداً، فإن الفدية تتعدد بتعدد الصيد،
وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.

الأدلة:
أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ }

[المائدة: 95].

وجه الدلالة:

أن الآية تدل على أن من قتل صيداً لزمه مثله, ومن قتل أكثر
لزمه مثل ذلك.

ثانياً: أنه لو قتل أكثر معًا تعدَّد الجزاء, فمتفرقاً أولى؛ لأن حال
التفريق ليس أنقص كسائر المحظورات.

ثالثاً: أنها كفارة قتل, كقتل الآدمي, أو بدل متلف,
كبدل مال الآدمي؛ فتتعدد.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ

صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية

" إن شـاء الله "