vip_vip
04-28-2011, 11:57 AM
خطبة الاستسقاء من المسجد الحرام
يوم الأثنين 25.04.2011 الموافق 21.05.1432
http://www.alharamain.gov.sa/attach/khutbahEmail/header5-2.png (http://www.ataaalkhayer.com/)
نبذة مختصرة عن الخطبة: (http://www.ataaalkhayer.com/)
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن محمد آل طالب / أمام و خطيب بالمسجد الحرام - حفظه الله - خطبة صلاة الإستسقاء بالمسجد الحرام بعنوان:
"الغفلة سبب شقاء العبد وتعاسته"،
والتي تحدَّث فيها عن ضرورة الرجوع إلى الله تعالى وعدم الغفلة عن امتثال أوامره واجتناب نواهيه؛
فإن من أسباب إنزال الله المصائب والكوارث بالأمم هو غفلتهم عن الله - سبحانه -،
وإظهار معصيته وعدم الرجوع إليه.
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f128046%5fAO0Nw0MAABqRTbiIng7teBwL 098&pid=3&fid=Inbox&inline=1
الحمد لله، الحمد لله الذي استوى على عرشه فوق السماوات، وأحاط بعلمه مكنون الضمائر والخفِيَّات،
له الأيام يُداوِلها، وبيده الأحوال يُقلِّبها وفي الكون آياته الظاهرات وسننه الباهرات،
وفي أحوال الأرض والأمم عِبَرٌ وعِظات، فتلك أرضٌ ترتَجُّ وتتزلزل، ويطغَى عليها البحر ويعلوها الموجُ فتُصبِحُ آيةً وخبرًا،
وتلك دولٌ تدُول تتغيَّر وجوهها وأحوالُها، والله هو المُعِزُّ وهو المُذِلُّ، وهو الحكيم في تصاريف القدر، وإن في ذلك لمُدَّكرًا،
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس: 83].
الحمد لله المحمود بكل حال، الحمد لله المُؤمَّل لكل عطاءٍ ونوال، الحمد لله حمد الشاكر في النعماء،
وحمد الصابر في البلاء، أحمده تعالى وأشكره، وأُثني عليه وأستغفره،
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عزَّ جاره وجلَّ ثناؤه وتقدَّست أسماؤه،
لا يُخلَف وعدُه، ولا يُهزَمُ جندُه، سبحانه وبحمده.
اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، لا مانع لما أعطيت،
ولا مُعطِي لما منعت، ولا هادي لمن أضلَلت، ولا مُضِلَّ لمن هديت، ولا قابضَ لما بسطتَ،
ولا باسِط لما قبضتَ، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين،
وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: (http://www.ataaalkhayer.com/)
فاتقوا الله تعالى - أيها المسلمون -، فتقواه مفتاح الأغلاق، وباب الأرزاق،
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
[الطلاق: 2، 3]،
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
[الأعراف: 96].
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن الموقف موقف وعظٍ ومُعاتبة، ودعاءٍ واستغفارٍ ومراجعةٍ ومُحاسبة،
علَّ اللهم أن يرحمنا ويغفر لنا ويُغيثنا ويرزقنا.
عباد الله: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن المُتأمِّل في حال الكون وتقلُّباته بزلازله وفيضاناته، وقحطِه وجدبِه، وانحباس الحرارة وتبِعاتها المُخيفة،
ثم في اضطراب الأحوال السياسية والاقتصادية، وطغيان الفتن واختلاط الحقائق؛ يعلم يقينًا قدرةَ الله،
وضرورة الرجوع إليه، وحاجة الخلق كلهم إليه، وأن الدنيا بكل قواها ليست في مأمن من سنن الله القاهرة، وأقداره الغالبة.
وإن من المُخيف المُحزِن: أن تغفل القلوب عن هذه الآيات والعِبر،
وألا يزداد الناسُ إلا بُعدًا عن الله وإيغالاً في العصيان والقنوط تجِد مظاهره في ترك فرائض الله وانتهاك حدوده،
والمجاهرة بالمعاصي، والرُّكون الشديد إلى الدنيا، وتغليب مصالحها على مصالح الآخرة،
وإن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقابٍ من عنده.
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن ما يقع اليوم من أحوالٍ وتغيُّراتٍ ليست إلا سننًا إلا قصَّ الله أمثالها، ونُذُرًا حذَّر القرآن مآلها،
وحكى حالَ أممٍ سادت يومًا ثم بادَت، حذَّرها فلم تحذَر، وأرسل لها النُّذُر فلم تتعِظ، فقال:
(وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)
[المؤمنون: 76]،
وقال - سبحانه -:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[النحل: 112].
لقد قال: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) ولم يقل: كفرت بالله؛
ذلك أن كفران النعم سببُ الجوع والخوف، سببُ الفتن والاضطراب في الأمن والمعايش.
وفي قصص القرآن:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ
كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ
جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ)
[سبأ: 15 - 17].
فهذه أمثال الأمم الماضية تُضربُ للأمم الحاضرة، وسنة الله جاريةٌ على الخلق، وليس بين الله وبين أحدٍ نسب،
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
[الشورى: 30].
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن الله تعالى أعطى فأجزَل، وأنعمَ فتفضَّل،
(وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)
[إبراهيم: 34]،
وقد وعد - سبحانه - وأوعد، فقال - وهو القادر القاهر -:
(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
ألا فتوبوا إلى الله واستغفروه، وحاذِروا المعاصي وكل مكروه، حافِظوا على الصلاة والزكاة،
طيِّبوا مكاسبَكم، ورُدُّوا المظالم إلى أهلها، تجنَّبوا الفواحش والآثام، مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر،
وادعوا الله مُنيبين له مُستغفرين، لرحمته راجين، وبإجابته مُوقِنين.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملِك يوم الدين، لا إله إلا الله الوليُّ الحميد،
لا إله إلا الله الوليُّ الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يُريد.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ،
وبارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيدٌ.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
[الأعراف: 23].
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
[آل عمران: 147].
اللهم لا تُؤاخِذنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين،
اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا غيثًا هنيئًا مريئًا غدَقًا طبقًا مُجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غير ضار عاجلاً غير آجِل،
اللهم تُحيِي به البلاد، وتسقِي به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد.
اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق،
اللهم اسقِ عبادك وبهائمك، وأحيِي بلدك الميت.
اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرعَ،
وأدِرَّ لنا الضرعَ، وأنزِل علينا من بركاتك، اللهم ارفع عنا الجهدَ والجوعَ والعُرْي،
واكشف عنا من البلاء ما لا يكشِفُه غيرُك.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا.
اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنا ذنوبنا فضلَك.
اللهم أنزِل علينا الغيث واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.
اللهم اسقِنا الغيث، وآمِنَّا من الخوف، ولا تجعلنا آيسِين، ولا تُهلِكنا بالسنين،
واغفر لنا أجمعين، واكشِف ما بالمسلمين من بلاءٍ يا رب العالمين.
اللهم اسقِنا سُقيا واسعة هانئةً وادِعة عامةً نافعة غير ضارة، تعُمُّ بها حاضِرَنا وبادِينا،
وتزيد بها في رزقنا وشكرنا.
اللهم اجعله رزق إيمان، وعطاء إيمان، إن عطاءك لم يكن محذورًا.
اللهم أنزِل علينا في أرضنا سكنَها، وأنبِت فيها زينتَها ومرعاها، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[البقرة: 201].
ثم اعلموا - رحمكم الله - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلَب رداءه حين استسقى تفاؤلاً بقلب حال الشدة إلى الرخاء، والجَدْب إلى الغيث، وإظهارًا للتذلُّل والتواضع لله رب العالمين،
فاقتدوا بسنة نبيكم، وادعوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة.
ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
http://www6.0zz0.com/2011/03/09/18/472116518.gif
يوم الأثنين 25.04.2011 الموافق 21.05.1432
http://www.alharamain.gov.sa/attach/khutbahEmail/header5-2.png (http://www.ataaalkhayer.com/)
نبذة مختصرة عن الخطبة: (http://www.ataaalkhayer.com/)
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن محمد آل طالب / أمام و خطيب بالمسجد الحرام - حفظه الله - خطبة صلاة الإستسقاء بالمسجد الحرام بعنوان:
"الغفلة سبب شقاء العبد وتعاسته"،
والتي تحدَّث فيها عن ضرورة الرجوع إلى الله تعالى وعدم الغفلة عن امتثال أوامره واجتناب نواهيه؛
فإن من أسباب إنزال الله المصائب والكوارث بالأمم هو غفلتهم عن الله - سبحانه -،
وإظهار معصيته وعدم الرجوع إليه.
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f128046%5fAO0Nw0MAABqRTbiIng7teBwL 098&pid=3&fid=Inbox&inline=1
الحمد لله، الحمد لله الذي استوى على عرشه فوق السماوات، وأحاط بعلمه مكنون الضمائر والخفِيَّات،
له الأيام يُداوِلها، وبيده الأحوال يُقلِّبها وفي الكون آياته الظاهرات وسننه الباهرات،
وفي أحوال الأرض والأمم عِبَرٌ وعِظات، فتلك أرضٌ ترتَجُّ وتتزلزل، ويطغَى عليها البحر ويعلوها الموجُ فتُصبِحُ آيةً وخبرًا،
وتلك دولٌ تدُول تتغيَّر وجوهها وأحوالُها، والله هو المُعِزُّ وهو المُذِلُّ، وهو الحكيم في تصاريف القدر، وإن في ذلك لمُدَّكرًا،
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس: 83].
الحمد لله المحمود بكل حال، الحمد لله المُؤمَّل لكل عطاءٍ ونوال، الحمد لله حمد الشاكر في النعماء،
وحمد الصابر في البلاء، أحمده تعالى وأشكره، وأُثني عليه وأستغفره،
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عزَّ جاره وجلَّ ثناؤه وتقدَّست أسماؤه،
لا يُخلَف وعدُه، ولا يُهزَمُ جندُه، سبحانه وبحمده.
اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، لا مانع لما أعطيت،
ولا مُعطِي لما منعت، ولا هادي لمن أضلَلت، ولا مُضِلَّ لمن هديت، ولا قابضَ لما بسطتَ،
ولا باسِط لما قبضتَ، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين،
وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: (http://www.ataaalkhayer.com/)
فاتقوا الله تعالى - أيها المسلمون -، فتقواه مفتاح الأغلاق، وباب الأرزاق،
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
[الطلاق: 2، 3]،
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
[الأعراف: 96].
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن الموقف موقف وعظٍ ومُعاتبة، ودعاءٍ واستغفارٍ ومراجعةٍ ومُحاسبة،
علَّ اللهم أن يرحمنا ويغفر لنا ويُغيثنا ويرزقنا.
عباد الله: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن المُتأمِّل في حال الكون وتقلُّباته بزلازله وفيضاناته، وقحطِه وجدبِه، وانحباس الحرارة وتبِعاتها المُخيفة،
ثم في اضطراب الأحوال السياسية والاقتصادية، وطغيان الفتن واختلاط الحقائق؛ يعلم يقينًا قدرةَ الله،
وضرورة الرجوع إليه، وحاجة الخلق كلهم إليه، وأن الدنيا بكل قواها ليست في مأمن من سنن الله القاهرة، وأقداره الغالبة.
وإن من المُخيف المُحزِن: أن تغفل القلوب عن هذه الآيات والعِبر،
وألا يزداد الناسُ إلا بُعدًا عن الله وإيغالاً في العصيان والقنوط تجِد مظاهره في ترك فرائض الله وانتهاك حدوده،
والمجاهرة بالمعاصي، والرُّكون الشديد إلى الدنيا، وتغليب مصالحها على مصالح الآخرة،
وإن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقابٍ من عنده.
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن ما يقع اليوم من أحوالٍ وتغيُّراتٍ ليست إلا سننًا إلا قصَّ الله أمثالها، ونُذُرًا حذَّر القرآن مآلها،
وحكى حالَ أممٍ سادت يومًا ثم بادَت، حذَّرها فلم تحذَر، وأرسل لها النُّذُر فلم تتعِظ، فقال:
(وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)
[المؤمنون: 76]،
وقال - سبحانه -:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[النحل: 112].
لقد قال: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) ولم يقل: كفرت بالله؛
ذلك أن كفران النعم سببُ الجوع والخوف، سببُ الفتن والاضطراب في الأمن والمعايش.
وفي قصص القرآن:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ
كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ
جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ)
[سبأ: 15 - 17].
فهذه أمثال الأمم الماضية تُضربُ للأمم الحاضرة، وسنة الله جاريةٌ على الخلق، وليس بين الله وبين أحدٍ نسب،
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
[الشورى: 30].
أيها المسلمون: (http://www.ataaalkhayer.com/)
إن الله تعالى أعطى فأجزَل، وأنعمَ فتفضَّل،
(وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)
[إبراهيم: 34]،
وقد وعد - سبحانه - وأوعد، فقال - وهو القادر القاهر -:
(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
ألا فتوبوا إلى الله واستغفروه، وحاذِروا المعاصي وكل مكروه، حافِظوا على الصلاة والزكاة،
طيِّبوا مكاسبَكم، ورُدُّوا المظالم إلى أهلها، تجنَّبوا الفواحش والآثام، مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر،
وادعوا الله مُنيبين له مُستغفرين، لرحمته راجين، وبإجابته مُوقِنين.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملِك يوم الدين، لا إله إلا الله الوليُّ الحميد،
لا إله إلا الله الوليُّ الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يُريد.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ،
وبارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيدٌ.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
[الأعراف: 23].
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
[آل عمران: 147].
اللهم لا تُؤاخِذنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا.
نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين،
اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا غيثًا هنيئًا مريئًا غدَقًا طبقًا مُجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غير ضار عاجلاً غير آجِل،
اللهم تُحيِي به البلاد، وتسقِي به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد.
اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق،
اللهم اسقِ عبادك وبهائمك، وأحيِي بلدك الميت.
اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرعَ،
وأدِرَّ لنا الضرعَ، وأنزِل علينا من بركاتك، اللهم ارفع عنا الجهدَ والجوعَ والعُرْي،
واكشف عنا من البلاء ما لا يكشِفُه غيرُك.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مِدرارًا.
اللهم إنا خلقٌ من خلقك، فلا تمنع عنا ذنوبنا فضلَك.
اللهم أنزِل علينا الغيث واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.
اللهم اسقِنا الغيث، وآمِنَّا من الخوف، ولا تجعلنا آيسِين، ولا تُهلِكنا بالسنين،
واغفر لنا أجمعين، واكشِف ما بالمسلمين من بلاءٍ يا رب العالمين.
اللهم اسقِنا سُقيا واسعة هانئةً وادِعة عامةً نافعة غير ضارة، تعُمُّ بها حاضِرَنا وبادِينا،
وتزيد بها في رزقنا وشكرنا.
اللهم اجعله رزق إيمان، وعطاء إيمان، إن عطاءك لم يكن محذورًا.
اللهم أنزِل علينا في أرضنا سكنَها، وأنبِت فيها زينتَها ومرعاها، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[البقرة: 201].
ثم اعلموا - رحمكم الله - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلَب رداءه حين استسقى تفاؤلاً بقلب حال الشدة إلى الرخاء، والجَدْب إلى الغيث، وإظهارًا للتذلُّل والتواضع لله رب العالمين،
فاقتدوا بسنة نبيكم، وادعوا الله وأنتم مُوقِنون بالإجابة.
ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
http://www6.0zz0.com/2011/03/09/18/472116518.gif