المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 07.12.1437


حور العين
09-09-2016, 03:43 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ حكْمُ السَّعيِ والتطَوُّعِ به ]

المبحث الأوَّل: حُكْمُ السَّعيِ
السَّعْيُ بين الصَّفا والمروة رُكنٌ من أركانِ الحجِّ والعُمْرةِ، وهو مَذهَبُ
الجُمْهورِ مِنَ المالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ
مِنَ السَّلَفِ .

الأدِلَّة:
أوَّلًا مِنَ الكِتابِ:
قولُه تعالى:

{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ }
[البقرة: 158].

وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تصريحَه تعالى بأنَّ الصَّفا والمروةَ مِن شعائِرِ الله؛ يدلُّ على أنَّ السَّعيَ
بينهما أمرٌ حتمٌ لا بدَّ منه؛ لأنَّه لا يمكن أن تكونَ شعيرةً، ثم لا تكون لازمةً
في النُّسُكِ؛ فإنَّ شعائرَ اللهِ عظيمةٌ، لا يجوز التَّهاونُ بها، وقد قال تعالى:

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ }
الآية [المائدة: 2]،

وقال:

{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }
الآية (5) [الحج: 32].

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّ طَوافَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الصَّفا والمروةِ؛ بيانٌ لنصٍّ
مجمَلٍ في كتابِ الله، وهو قولُه تعالى:

{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ }
[البقرة: 158]،
وقد قرَأَها عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمَّا صَعِدَ إلى الصَّفا، وقال:

( أبدأ بما بدأ اللهُ به )

وقد تقرَّرَ في الأصولِ أنَّ فِعلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذا كان لبيانِ
نصٍّ مُجمَلٍ من كتابِ الله؛ فإنَّ ذلك الفعلَ يكون لازمًا .

2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:

( لِتَأخُذُوا مناسِكَكم ) ،

وقد طاف بين الصَّفا والمروةِ سبعًا، فيَلْزَمُنا أن نأخُذَ عنه ذلك .

3- عن حبيبةَ بنتِ أبي تِجْراةَ، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال:

( اسْعَوْا؛ فإنَّ اللهَ كتب عليكم السَّعيَ ) .

4- عن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عنه قال:

( قدِمْتُ على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو مُنيخٌ بالبطحاءِ،
فقال لي: أحجَجْتَ؟ فقلْتُ: نعم، فقال: بمَ أهلَلْتَ؟ قال: قلتُ:
لبَّيْكَ بإهلالٍ كإهلالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال:
فقد أحسَنْتَ، طُفْ بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ ).

فهذا أمرٌ صريحٌ دلَّ على الوجوبِ، ولم يأتِ صارفٌ له

5- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها:

( يُجْزِئُ عنكِ طوافُكِ بين الصَّفا والمروةِ، عن حَجِّكِ وعُمْرَتِكِ ) .

وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه يُفهَم مِنَ الحديثِ أنَّها لو لم تَطُفْ بينهما لم يحصُلْ لها إجزاءٌ
عن حَجِّها وعُمْرَتِها .

ثالثًا: مِنَ الآثارِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت:

( ما أتمَّ اللهُ حَجَّ امرئٍ ولا عُمْرَتَه، لم يَطُفْ بين الصَّفا والمروةِ )

2- عن عُروةَ قال: قلتُ لعائشةَ زَوْجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

( ما أرى على أحدٍ لم يَطُفْ بين الصَّفا والمروةِ شيئًا، وما أبالي
ألَّا أطوفَ بينهما، قالت: بِئْسَ ما قلتَ، يا ابنَ أُخْتي! طاف
رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطاف المسلمونَ؛ فكانت سُنَّةً،
وإنَّما كان مَن أهلَّ لِمَناةَ الطَّاغيةِ، التي بالْمُشَلَّلِ ، لا يطوفونَ بين
الصَّفا والمروة، فلمَّا كان الإسلامُ سَأَلْنا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
عن ذلك؟ فأنزل اللهُ عزَّ وجَلَّ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ

{ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }
[البقرة: 158].

ولو كانت كما تقولُ، لكانت: فلا جُناحَ عليه أنْ لا يَطَّوَّفَ بهما ) .

وفي روايةٍ: سألتُ عائشةَ، وساق الحديثَ بنَحْوِه، وقال في الحديثِ:

( فلمَّا سألوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، فقالوا:
يا رسولَ الله، إنَّا كنَّا نتحَرَّجُ أن نَطُوفَ بالصَّفا والمروةِ؛
فأنزل اللهُ عَزَّ وجَلَّ:

{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ
أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }
[البقرة: 158]،

قالت عائشةُ: قد سنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الطَّوافَ
بينهما؛ فليس لأحدٍ أن يَتْرُكَ الطَّوافَ بهما )

رابعًا: أنَّه نُسُكٌ في الحجِّ والعُمْرة، فكان رُكنًا فيهما كالطَّوافِ بالبيت .

المبحث الثَّاني: التطوُّعُ بالسَّعْيِ بين الصَّفا والمروةِ
لا يُشْرَعُ التطَوُّعُ بالسَّعيِ بين الصَّفا والمروةِ لغيرِ الحاجِّ
والمعتَمِر.

الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قولُ اللهِ تعالى:

{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ
أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا.}

وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تقييدَ نَفْيِ الجُناحِ فيمن تطَوَّفَ بهما في الحَجِّ والعُمْرة؛ دلَّ على
أنَّه لا يُتطَوَّعُ بالسَّعيِ مُفرَدًا إلَّا مع انضمامِه لحجٍّ أو عُمْرةٍ .

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك الطَّحاويُّ (21) وابنُ بطَّالٍ (22) وشمسُ الدين
ابنُ قُدامة (23) وابنُ المُلَقِّن (24) وابنُ حَجَرٍ (25) ، والعينيُّ (26) ،
وإبراهيمُ بنُ مُفْلح

الفصل الرابع: الموالاةُ بين السَّعيِ والطَّوافِ
لا تجبُ الموالاةُ بين الطَّواف والسَّعي، وإن كانت مستحبَّةً، وهو مَذهَبُ
الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة ، والشَّافعيَّة والحَنابِلة ، وبه قالَتْ طائفةٌ
مِنَ السَّلَفِ .

وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ السَّعيَ عبادةٌ مستقلَّةٌ، فإذا فُصِل بينها
وبين غيرِها بشيءٍ فلا يضُرُّ.

ثانيًا: لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما ركنٌ، والموالاةُ بين أركانِ الحجِّ
لا تجِبُ كالوقوفِ والطَّوافِ .

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين