المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 3601


حور العين
11-02-2016, 02:36 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ ستر التائب ]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
الدعوة إلى الله عز وجل من أفضل الطاعات والسعي لهداية الناس
من أعظم الأعمال ويبذل إخواني الدعاة جهودًا كبيرة في تنويع الوسائل
الدعوية وعرضها بأساليب مشوقة خاصة في التجمعات العامة ومن
ضمنها أنهم يحضرون شخصا ممن منّ الله جل جلاله عليه بالتوبة
ليتحدث بنفسه عن القصص والتجارب التي عاشها في طريق الغواية
والضلال مقارنة بالحياة الطيبة التي وجدها في طريق الهداية والإنابة
فتلمس منه الكلمة الصادقة والعاطفة الجياشة والمشاعر المملوءة بالحب
والخير للغير ويرى إخواني الدعاة ممن أحبهم في الله أن هذا أدعى
في قبول النصح والإرشاد لدى العامة وبخاصة الشباب

وقد ذكر أهل العلم أن العمل المشتمل على مصلحة ومفسدة
فإن الحكم للجهة الغالبة وعند موازنة المصلحة والمفسدة
لهذا الفعل نجد أن المفسدة أعظم وذلك لأمور:
1- أن هذا يعيبه فمهما صلح حاله فسيبقى من ينظر إليه بعين النقص لأنه
صاحب سجل سيء في الماضي وربما عيره بعضهم بماضيه.

2- فيه فضح له وتشهير به وليس من المصلحة أن يتحدث بنفسه
أو يتحدث عنه غيره بأفعاله الماضية بل أمر الشرع بالستر عليه وعدم
التحدث بزلاته الماضية وكتمان عيوبه السابقة قال صلى الله عليه وسلم

( من ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة )

وقال صلى الله عليه وسلم

( من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة )؛

قال ابن حجر رحمه الله تعالى: والذي يظهر أن الستر محله في معصية
قد انقضت والانكار في معصية قد حصل التلبس بها.

3- فيه هتك لستر نفسه:
1- قال ابن عبدالبر رحمه الله تعالى:
" فإذا كان المرء يؤجر في الستر على غيره فستره
على نفسه كذلك أو أفضل".

2- وقال صلى الله عليه وسلم:

( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها،
فمن ألَمَ بشيءٍ منها فليستتر بستر الله و ليتب إلى الله
فإنه من يُبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ).

4- هذا خلاف هديه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع التائبين:
1- ففي القصة المشهورة للصحابي الجليل ماعز الأسلمي رضي الله عنه
أنه لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هزال الأسلمي هو الذي أشار
على ماعز أن يعترف ويقر أمام النبي صلى الله عليه وسلم بخطيئته دعاه
صلى الله عليه وسلم ثم قال له:

( يا هزال لو سترته بردائك كان خيرًا لك ).

5- أنه خلاف فعل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فكثيرًا من الأحاديث
تأتي لفظة جاء رجل أو جاء شاب أو قال رجل وغيرها من الألفاظ
التي يذكرون فيها القصة دون الإشارة لصاحبها وكل ذلك من أجل ستر
ما يعيب المسلم، فكيف بإحضاره أمام الملأ ليقص عليهم شيئًا من أخباره
مما ارتكبه من منكرات بحجة التحذير منها؟!

6- يدخل هذا الفعل في المجاهرة بالمعصية قال صلى الله عليه وسلم:

( كل أُمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة
أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره اللَّه،
فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه،
ويصبح يكشف ستر اللَّه عنه ).

7- أنه من الجهر بالسوء والله عز وجل لا يحب الجهر بالسوء، بل ربما
جرأ بعض سفهاء الأحلام للوقوع في المعصية؛ قال تعالى:

{ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ
وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا }
[النساء: 148].

فعلينا أن نكون عونًا للتائب ونطوي صفحات حياته الماضية، وإن كان
فيها إشكال فيستفتى العلماء في ذلك وإذا كان في قصته عبرة وعظة،
فتذكر القصة دون ذكر صاحبها وإن كان الناس سيعرفون صاحبها،
فالأَولَى عدم ذكرها والله أعلم.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من التوابين المتطهرين،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين