حور العين
11-06-2016, 01:58 PM
من: الأخت / الملكة نــور
نداءات المؤمنين
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا
إن كنتم مؤمنين
( الجزء الأول - 02 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات
الإنسان بالكون يعرف الله عز وجل و بالشرع يعبده :
أيها الأخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا
آية اليوم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ البقرة : 278 ]
أيها الأخوة ، كنت أقول دائماً إنك أيها الإنسان بالكون تعرفه ، وبالشرع تعبده ،
تعرفه بالكون وتعبده بالشرع ،
لماذا الشرع ؟
في الأصل أودع الله بالإنسان الشهوات ، ومعنى أودع فيه الشهوات
أي إنه يستطيع أن يتحرك بدافع من هذه الشهوات حركة تساوي مئة وثمانين درجة ،
لكن الشرع سمح له بحيز معين ، أودع في الإنسان حبّ المرأة سمح له بالزواج ،
حرم عليه الزنا ، أودع في الإنسان حبّ المال سمح له بكسب مشروع
وحرم عليه الكسب غير المشروع ،
إذاً كيف نفهم حقيقة الشرع ؟
ضوابط ، عندك شهوات والحركة واسعة جداً ، فأنت حينما تتعرف على الله
من خلال الكون تريد أن تتقرب إليه يأتي الشرع يقول لك افعل ولا تفعل ،
هنا دخلنا في الموضوع ، الآن أحد أكبر شهوتين يتحرك بهما الإنسان
شهوة المال وشهوة الجنس ، لو أخذت مئة حكم شرعي لا على التعيين
من كتب الفقه لوجدت خمسة وأربعين حكماً متعلقاً بكسب المال
وخمسة وأربعين حكماً متعلقاً بالمرأة ، وعشرة بالمئة بقية جميع الموضوعات ،
فالآن الآية اليوم تتجه إلى موضوع المال .
أساس معرفة الله عز وجل الاستقامة على أمره :
أولاً المال قوام الحياة الإنسان لو تعين في وظيفة يفكر أن يتزوج ،
لما تزوج هيأ زواجاً لفتاة ، الفتاة تنتظر شاباً مؤمناً صادقاً يتزوجها ويرعاها ،
الآن اشترى بيتاً ، البيت روج تجارة العقارات ، اشترى أثاثاً ،
أي الحياة تبدأ من أن الحركة بدافع من هذه الشهوات.
أيها الأخوة ، لماذا ينبغي أن نستقيم على أمر الله ؟
حتى نتفرغ لمعرفته ، فإذا أنت تتحرك بحركة وفق منهج الله
لا يوجد عندك مفاجآت ، أنت في سلام ،
الله عز وجل قال :
{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]
الإنسان أحياناً يكون في سلام في بيته ، لأنه اختار امرأة صالحة ،
امرأة تعرف الله ، أمينة ، عفيفة ، طاهرة ، وفية ،
أنجب أولاداً رباهم تربية إسلامية فكانوا أبراراً ، بيته جنة ،
كسب ماله وفق الشرع لا يوجد كذب ، لا يوجد غش ، له مكانة في السوق ،
له مكانة عند أقربائه ، له مكانة في بيته :
{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]
من استقام على أمر الله هداه الله سبل السلام :
الله عز وجل من أسمائه الحسنى السلام ، ولا يوجد إنسان من بني البشر
من دون استثناء إلا ويتمنى السلام ، السلام مع نفسه ،
أحياناً إنسان يرتكب عملاً قبيحاً جداً لا يعلم به أحد
ماذا يعاني هذا الإنسان ؟
يعاني من انهيار داخلي ، يحتقر ذاته ، فالمؤمن حينما أطاع الله عز وجل
لا يحتقر ذاته ، يشعر أنه عزيز ، هو إنسان مقرب من الله عز وجل ،
ما ارتكب خطأ ، ما بنى مجده على أنقاض الآخرين ، ما بنى حياته على قتلهم ،
ما بنى أمنه على إخافتهم ، ما بنى غناه على فقرهم ،
فأت عندما تستقيم تعيش حياة نفسية عالية جداً ، مبدئياً الأقوياء حينما يفعلون الكبائر
ولا أحد يجرؤ أن يخاطبهم عندهم حالة اسمها انهيار ذاتي ، شعور بالذنب ،
شعور بالاحتقار ، فأنت حينما تطبق منهج الله في سلام مع نفسك ،
تنام قرير العين ، تنام في بيت متواضع على فراش عادي ، بيت حجمه صغير ،
كل ما في البيت لا يساوي مئة ألف وأنت أسعد الناس ،
تدخل إلى بيت يساوي مئة وثمانين مليوناً وأصحابه أشقى الناس ،
فالله عز وجل أرادنا أن نعرفه حتى نخاف منه ، حتى نطبق منهجه ،
فإذا طبقنا منهجه كنا في سلام مع أنفسنا ، وفي سلام مع أهلنا ،
وفي سلام مع أقاربنا ، ومع من حولنا ، ومع من هم فوقنا لا ننافق لهم ،
ومع من هم تحتنا ، يهديهم باستقامتهم سبل السلام .
المال قوام الحياة
وكلما ضاقت المسافة بين الأغنياء والفقراء كان المجتمع راقياً :
لأن موضوع المال يعد ثاني أكبر موضوعات الفقه لذلك أحد أكبر المعاصي
في كسب المال وفي استثمار المال موضوع الربا ،
لماذا الربا محرم ؟
أيها الأخوة الكرام الفكرة دقيقة أن الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة
جعل من المال قوام الحياة ، أنت بالمال تأكل وتشرب و تتزوج ، تشتري بيتاً ،
تربي أولادك ، تأتي بالطعام ، بالشراب ، بالكساء ، جعل من المال قوام الحياة ،
هذا المال مجموعه يساوي كتلة ، أراد الله أن تكون هذه الكتلة متداولة
بين كل عباده ، هذا الوضع الصحي ، الوضع الطبيعي الوضع الذي أراده الله
قال تعالى :
{ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ }
[ الحشر : 7 ]
أي متداولاً بين الأغنياء منكم ، حالات البضائع معروضة عرضاً مذهلاً
لكن لا أحد يملك ثمنها إلا طبقة قليلة من الأغنياء والأقوياء ،
هذه حالة مرضية كبيرة جداً ،
يعني بالمقياس العصري :
* كلما قّلت المسافة بين الأغنياء والفقراء وبين الأقوياء والضعفاء
ارتقى المجتمع ،
* وكلما طالت المسافة بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء
تخلّف المجتمع
فقد تجد في دولة متخلفة مظاهر البذخ تفوق حدّ الخيال
لكن لمن ؟
لفئة قليلة جداً جداً من الأقوياء والأغنياء ، وقد تجد في بلد آخر تكاد تنعدم المسافة
بين الفقير والغني ، كل إنسان يسكن في بيت ، عنده مركبة ،
يعالج ابنه معالجة مجانية ، الطب مؤمن ، فكلما ضاقت المسافة
بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء كان المجتمع راقياً
في المقياس المادي .
الوضع الصحي السليم الذي يريده الله
أن تكون الكتلة المالية موزعة بين كل الناس :
الآن هذه الكتلة من المال في بلد معين ، لو أننا جمعنا الكتلة المالية
مليار مليون فرضاً هذه الكتلة المالية الوضع المرضي الخطير أن تكون بأيدي قليلة ،
مليون لا يملكون واحداً وواحداً يملك مليوناً ،
الوضع الخطير أن عشرة بالمئة من سكان الأرض يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض وضع خطير ، هذا الوضع العالمي المعاصر ،
الذي يسافر يرى ألوان البذخ تفوق حدّ الخيال ، وشعوب تموت من الجوع ،
عشرة بالمئة من سكان الأرض وهم في دول الشمال يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض ، هذه الكتلة النقدية الوضع الصحي السليم الصحيح الطبيعي
الذي يريده الله أن تكون هذه الكتلة المالية موزعة بين كل الناس ،
كل إنسان بإمكانه أن يعالج ابنه ، ابنه يدرس بأرقى المدارس ،
يقتني أثاثاً معقول ، الحاجات الأساسية مؤمنة للجميع ،
إذاً هذا المجتمع بخير حينما قال الله عز وجل :
{ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ (84) }
[ هود : 84 ]
سيدنا شعيب يخاطب أمته ، فقال العلماء معنى الخير توافر المواد ورخص الأسعار ،
كان بعض الولاة الصالحين كلما التقى بأحد من ولاه في الأقاليم يسأله
كيف الأسعار عندكم ؟
الأسعار مؤشر بحبوحة أو فقر ، كلما ارتفع السعر صار في مشكلة .
الربا أحد أسباب تجمع الأموال بأيدٍ قليلة وحرمان الكثرة الكثيرة منه :
الآن الكتلة المالية في أمة ، في مجتمع ، الوضع الصحي أن تكون متداولة
والوضع المرضي الخطير الذي يورث انفجاراً أن يكون توزيعها غير متناسب ،
قلة قليلة يملكون كل شيء وكثرة كثيرة لا تملك شيئاً ،
الآن أي شيء يجمع الأموال بأيدٍ قليلة ويحرمه من الكثرة الكثيرة محرم ،
لأن المجتمع ينهار بهذا الأسلوب ، الربا أحد الأسباب التي تجمع الأموال بأيدٍ قليلة
وتحرمه الكثرة الكثيرة ، الإنسان أحياناً على الشبكية يدخل على بنك يجد بناء فخماً
مكيفاً ، موظفين أنيقين ، كومبيوترات ، استقبال ، استمارات ،
لماذا هذا محرم ؟
أنت حينما تسمح للمال أن يلد المال جمعت المال بأيدٍ قليلة وحرمته الكثرة الكثيرة ،
أما حينما تصر على أن تكون الأعمال سبب زيادة المال عندئذ الأرباح
توزع بين أكبر شريحة ، مثلاً إنسان أراد أن ينشئ مشروعاً يحتاج إلى مقر ،
اشترى محلاً ، هذا المحل انتفع منه صاحبه الذي باعه ،
يحتاج إلى كسوة هذا المحل ، مئتا مصلحة متعلقة بإكساء البيوت والمحلات ،
يحتاج إلى أثاث ، يحتاج إلى موظفين ، يحتاج إلى قرطاسية ،
إلى سيارة لنقل البضائع ، إلى مستودع ، شئت أم أبيت نصف أرباحك مصاريف ،
فكل إنسان يعمل في عمل تجاري ، صناعي ، زراعي ،
عنده مزرعة ظهرت آفة استدعى مهندساً زراعياً ، اشترى مضخة ، اشترى دواء ،
أي إنسان يكسب المال عن طريق الأعمال شاء أم أبى ، أحبّ أم كره ،
سوف توزع هذه الأرباح على أكبر شريحة وكل أخ تاجر يعرف ما أقول ،
نصف الأرباح مصاريف ، يوجد عنده موظفون ، مستودعات ، قرطاسية ،
سيارات ، السيارة تحتاج إلى إصلاح يصلحها عند إنسان العجلة دارت ،
هذا الإنسان نفسه الذي رصد عشرة ملايين لمشروع تجاري ،
وضعهم في البنك ، وجلس في البيت كسلان يستيقظ الساعة الثانية عشرة
ما قدم شيئاً للأمة إلا أخذ مالاً دون جهد ، المال وحده نما .
إلي اللقاء مع الجزء الثاني والأخير أن شاء الله تعالي
نداءات المؤمنين
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا
إن كنتم مؤمنين
( الجزء الأول - 02 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،
أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ،
ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات
الإنسان بالكون يعرف الله عز وجل و بالشرع يعبده :
أيها الأخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا
آية اليوم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ البقرة : 278 ]
أيها الأخوة ، كنت أقول دائماً إنك أيها الإنسان بالكون تعرفه ، وبالشرع تعبده ،
تعرفه بالكون وتعبده بالشرع ،
لماذا الشرع ؟
في الأصل أودع الله بالإنسان الشهوات ، ومعنى أودع فيه الشهوات
أي إنه يستطيع أن يتحرك بدافع من هذه الشهوات حركة تساوي مئة وثمانين درجة ،
لكن الشرع سمح له بحيز معين ، أودع في الإنسان حبّ المرأة سمح له بالزواج ،
حرم عليه الزنا ، أودع في الإنسان حبّ المال سمح له بكسب مشروع
وحرم عليه الكسب غير المشروع ،
إذاً كيف نفهم حقيقة الشرع ؟
ضوابط ، عندك شهوات والحركة واسعة جداً ، فأنت حينما تتعرف على الله
من خلال الكون تريد أن تتقرب إليه يأتي الشرع يقول لك افعل ولا تفعل ،
هنا دخلنا في الموضوع ، الآن أحد أكبر شهوتين يتحرك بهما الإنسان
شهوة المال وشهوة الجنس ، لو أخذت مئة حكم شرعي لا على التعيين
من كتب الفقه لوجدت خمسة وأربعين حكماً متعلقاً بكسب المال
وخمسة وأربعين حكماً متعلقاً بالمرأة ، وعشرة بالمئة بقية جميع الموضوعات ،
فالآن الآية اليوم تتجه إلى موضوع المال .
أساس معرفة الله عز وجل الاستقامة على أمره :
أولاً المال قوام الحياة الإنسان لو تعين في وظيفة يفكر أن يتزوج ،
لما تزوج هيأ زواجاً لفتاة ، الفتاة تنتظر شاباً مؤمناً صادقاً يتزوجها ويرعاها ،
الآن اشترى بيتاً ، البيت روج تجارة العقارات ، اشترى أثاثاً ،
أي الحياة تبدأ من أن الحركة بدافع من هذه الشهوات.
أيها الأخوة ، لماذا ينبغي أن نستقيم على أمر الله ؟
حتى نتفرغ لمعرفته ، فإذا أنت تتحرك بحركة وفق منهج الله
لا يوجد عندك مفاجآت ، أنت في سلام ،
الله عز وجل قال :
{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]
الإنسان أحياناً يكون في سلام في بيته ، لأنه اختار امرأة صالحة ،
امرأة تعرف الله ، أمينة ، عفيفة ، طاهرة ، وفية ،
أنجب أولاداً رباهم تربية إسلامية فكانوا أبراراً ، بيته جنة ،
كسب ماله وفق الشرع لا يوجد كذب ، لا يوجد غش ، له مكانة في السوق ،
له مكانة عند أقربائه ، له مكانة في بيته :
{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ }
[ المائدة : 16 ]
من استقام على أمر الله هداه الله سبل السلام :
الله عز وجل من أسمائه الحسنى السلام ، ولا يوجد إنسان من بني البشر
من دون استثناء إلا ويتمنى السلام ، السلام مع نفسه ،
أحياناً إنسان يرتكب عملاً قبيحاً جداً لا يعلم به أحد
ماذا يعاني هذا الإنسان ؟
يعاني من انهيار داخلي ، يحتقر ذاته ، فالمؤمن حينما أطاع الله عز وجل
لا يحتقر ذاته ، يشعر أنه عزيز ، هو إنسان مقرب من الله عز وجل ،
ما ارتكب خطأ ، ما بنى مجده على أنقاض الآخرين ، ما بنى حياته على قتلهم ،
ما بنى أمنه على إخافتهم ، ما بنى غناه على فقرهم ،
فأت عندما تستقيم تعيش حياة نفسية عالية جداً ، مبدئياً الأقوياء حينما يفعلون الكبائر
ولا أحد يجرؤ أن يخاطبهم عندهم حالة اسمها انهيار ذاتي ، شعور بالذنب ،
شعور بالاحتقار ، فأنت حينما تطبق منهج الله في سلام مع نفسك ،
تنام قرير العين ، تنام في بيت متواضع على فراش عادي ، بيت حجمه صغير ،
كل ما في البيت لا يساوي مئة ألف وأنت أسعد الناس ،
تدخل إلى بيت يساوي مئة وثمانين مليوناً وأصحابه أشقى الناس ،
فالله عز وجل أرادنا أن نعرفه حتى نخاف منه ، حتى نطبق منهجه ،
فإذا طبقنا منهجه كنا في سلام مع أنفسنا ، وفي سلام مع أهلنا ،
وفي سلام مع أقاربنا ، ومع من حولنا ، ومع من هم فوقنا لا ننافق لهم ،
ومع من هم تحتنا ، يهديهم باستقامتهم سبل السلام .
المال قوام الحياة
وكلما ضاقت المسافة بين الأغنياء والفقراء كان المجتمع راقياً :
لأن موضوع المال يعد ثاني أكبر موضوعات الفقه لذلك أحد أكبر المعاصي
في كسب المال وفي استثمار المال موضوع الربا ،
لماذا الربا محرم ؟
أيها الأخوة الكرام الفكرة دقيقة أن الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة
جعل من المال قوام الحياة ، أنت بالمال تأكل وتشرب و تتزوج ، تشتري بيتاً ،
تربي أولادك ، تأتي بالطعام ، بالشراب ، بالكساء ، جعل من المال قوام الحياة ،
هذا المال مجموعه يساوي كتلة ، أراد الله أن تكون هذه الكتلة متداولة
بين كل عباده ، هذا الوضع الصحي ، الوضع الطبيعي الوضع الذي أراده الله
قال تعالى :
{ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ }
[ الحشر : 7 ]
أي متداولاً بين الأغنياء منكم ، حالات البضائع معروضة عرضاً مذهلاً
لكن لا أحد يملك ثمنها إلا طبقة قليلة من الأغنياء والأقوياء ،
هذه حالة مرضية كبيرة جداً ،
يعني بالمقياس العصري :
* كلما قّلت المسافة بين الأغنياء والفقراء وبين الأقوياء والضعفاء
ارتقى المجتمع ،
* وكلما طالت المسافة بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء
تخلّف المجتمع
فقد تجد في دولة متخلفة مظاهر البذخ تفوق حدّ الخيال
لكن لمن ؟
لفئة قليلة جداً جداً من الأقوياء والأغنياء ، وقد تجد في بلد آخر تكاد تنعدم المسافة
بين الفقير والغني ، كل إنسان يسكن في بيت ، عنده مركبة ،
يعالج ابنه معالجة مجانية ، الطب مؤمن ، فكلما ضاقت المسافة
بين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء كان المجتمع راقياً
في المقياس المادي .
الوضع الصحي السليم الذي يريده الله
أن تكون الكتلة المالية موزعة بين كل الناس :
الآن هذه الكتلة من المال في بلد معين ، لو أننا جمعنا الكتلة المالية
مليار مليون فرضاً هذه الكتلة المالية الوضع المرضي الخطير أن تكون بأيدي قليلة ،
مليون لا يملكون واحداً وواحداً يملك مليوناً ،
الوضع الخطير أن عشرة بالمئة من سكان الأرض يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض وضع خطير ، هذا الوضع العالمي المعاصر ،
الذي يسافر يرى ألوان البذخ تفوق حدّ الخيال ، وشعوب تموت من الجوع ،
عشرة بالمئة من سكان الأرض وهم في دول الشمال يملكون تسعين بالمئة
من ثروات الأرض ، هذه الكتلة النقدية الوضع الصحي السليم الصحيح الطبيعي
الذي يريده الله أن تكون هذه الكتلة المالية موزعة بين كل الناس ،
كل إنسان بإمكانه أن يعالج ابنه ، ابنه يدرس بأرقى المدارس ،
يقتني أثاثاً معقول ، الحاجات الأساسية مؤمنة للجميع ،
إذاً هذا المجتمع بخير حينما قال الله عز وجل :
{ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ (84) }
[ هود : 84 ]
سيدنا شعيب يخاطب أمته ، فقال العلماء معنى الخير توافر المواد ورخص الأسعار ،
كان بعض الولاة الصالحين كلما التقى بأحد من ولاه في الأقاليم يسأله
كيف الأسعار عندكم ؟
الأسعار مؤشر بحبوحة أو فقر ، كلما ارتفع السعر صار في مشكلة .
الربا أحد أسباب تجمع الأموال بأيدٍ قليلة وحرمان الكثرة الكثيرة منه :
الآن الكتلة المالية في أمة ، في مجتمع ، الوضع الصحي أن تكون متداولة
والوضع المرضي الخطير الذي يورث انفجاراً أن يكون توزيعها غير متناسب ،
قلة قليلة يملكون كل شيء وكثرة كثيرة لا تملك شيئاً ،
الآن أي شيء يجمع الأموال بأيدٍ قليلة ويحرمه من الكثرة الكثيرة محرم ،
لأن المجتمع ينهار بهذا الأسلوب ، الربا أحد الأسباب التي تجمع الأموال بأيدٍ قليلة
وتحرمه الكثرة الكثيرة ، الإنسان أحياناً على الشبكية يدخل على بنك يجد بناء فخماً
مكيفاً ، موظفين أنيقين ، كومبيوترات ، استقبال ، استمارات ،
لماذا هذا محرم ؟
أنت حينما تسمح للمال أن يلد المال جمعت المال بأيدٍ قليلة وحرمته الكثرة الكثيرة ،
أما حينما تصر على أن تكون الأعمال سبب زيادة المال عندئذ الأرباح
توزع بين أكبر شريحة ، مثلاً إنسان أراد أن ينشئ مشروعاً يحتاج إلى مقر ،
اشترى محلاً ، هذا المحل انتفع منه صاحبه الذي باعه ،
يحتاج إلى كسوة هذا المحل ، مئتا مصلحة متعلقة بإكساء البيوت والمحلات ،
يحتاج إلى أثاث ، يحتاج إلى موظفين ، يحتاج إلى قرطاسية ،
إلى سيارة لنقل البضائع ، إلى مستودع ، شئت أم أبيت نصف أرباحك مصاريف ،
فكل إنسان يعمل في عمل تجاري ، صناعي ، زراعي ،
عنده مزرعة ظهرت آفة استدعى مهندساً زراعياً ، اشترى مضخة ، اشترى دواء ،
أي إنسان يكسب المال عن طريق الأعمال شاء أم أبى ، أحبّ أم كره ،
سوف توزع هذه الأرباح على أكبر شريحة وكل أخ تاجر يعرف ما أقول ،
نصف الأرباح مصاريف ، يوجد عنده موظفون ، مستودعات ، قرطاسية ،
سيارات ، السيارة تحتاج إلى إصلاح يصلحها عند إنسان العجلة دارت ،
هذا الإنسان نفسه الذي رصد عشرة ملايين لمشروع تجاري ،
وضعهم في البنك ، وجلس في البيت كسلان يستيقظ الساعة الثانية عشرة
ما قدم شيئاً للأمة إلا أخذ مالاً دون جهد ، المال وحده نما .
إلي اللقاء مع الجزء الثاني والأخير أن شاء الله تعالي