المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواعظ قرأنية(10)


vip_vip
06-02-2011, 10:38 AM
مواعظ قرأنية(10)
قال العلامة الشنقيطي: في تفسيره (3/412) لقوله تعالى:
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)
[الإسراء:9].
(ومن هدي القرآن للتي هي أقوم - هديه إلى حل المشاكل العالمية (http://www.ataaalkhayer.com/) بأقوم الطرق وأعدلها.
ونحن دائماً في المناسبات نبين هدي القرآن العظيم إلى حل ثلاث مشكلات ،
هي من أعظم ما يعانيه العالم في جميع المعمورة ممن ينتمي إلى الإسلام ، -
تنبيهاً بها على غيرها:
المشكلة الأولى: هي ضعف المسلمين في أقطار الدنيا في العدد والعدة عن مقاومة الكفار .
وقد هدى القرآن العظيم إلى حل هذه المشكلة (http://www.ataaalkhayer.com/)بأقوم الطرق وأعدلها.
فبين أن علاج الضعف عن مقاومة الكفار إنما هو بصدق التوجه إلى الله تعالى،
وقوة الإيمان به والتوكل عليه. لأن الله قوي عزيز، قاهر لكل شيء.
فمن كان من حزبه على الحقيقة لا يمكن أن يغلبه الكفار ولو بلغوا من القوة ما بلغوا.
فمن الأدلة المبينة لذلك: أن الكفار لما ضربوا على المسلمين ذلك الحصار العسكري العظيم في غزوة الأحزاب المذكور في قوله تعالى
"إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار
وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً"
[الأحزاب :10-11]
كان علاج ذلك هو ما ذكرنا. فانظر شدة هذا الحصار العسكري وقوة أثره في المسلمين،
مع أن جميع أهل الأرض في ذلك الوقت قاطعوهم سياسة واقتصاداً.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أن العلاج الذي قابلوا به هذا الأمر العظيم،
وحلوا به هذه المشكلة العظمى، وهو ما بينه جلَّ وعلا (في سورة الأحزاب) بقوله:
"وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب قَالُواْ هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً"
[الأحزاب:22].
فهذا الإيمان الكامل، وهذا التسليم العظيم لله جلَّ وعلا، ثقةً به،
وتوكلاً عليه، هو سبب حل هذه المشكلة العظمَى.
وقد صرح الله تعالى بنتيجة هذا العلاج بقوله تعالى:
http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.pngوَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى الله المؤمنين القتال
وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً
وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكتاب مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب
فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً
وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً"
[الأحزاب:25-27].
وهذا الذي نصرهم الله به على عدوهم ما كانوا يظنونه،
ولا يحسبون أنهم ينصرون به وهو الملائكة والريح . قال تعالى:
"ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا"
[الأحزاب:9].
ولما علم جلَّ وعلا من أهل بيعة الرضوان الإخلاص الكامل،
ونوه عن إخلاصهم بالاسم المبهم الذي هو الموصول في قوله:
"لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ"
[الفتح:18]:
أي من الإيمان والإخلاص - كان من نتائج ذلك ما ذكره الله جلَّ وعلا في قوله
"وأخرى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً"
[الفتح:21]
فصرح جلَّ وعلا في هذه الآية بأنهم لم يقدروا عليهان وأن الله جلَّ وعلا أحاط بها فأقدرهم عليها،
وذلك من نتائج قوة إيمانهم (http://www.ataaalkhayer.com/)وشدة إخلاصهم.
فدلت الآية على أن الإخلاص لله وقوة الأيمان به،
هو السبب لقدرة الضعيف على القوي وغلبته له
"كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين" [البقرة:249]،
وقوله تعالى في هذه الآية: "لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا" فعل في سياق النفي،
والفعل في سياق النفي من صيغ العموم على التحقيق، كما تقرر في الأصول ...
فقوله: "لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا" في معنى لا قدرة لكم عليها،
وهذا يعم سلب جميع أنواع القدرة؛
لأن النكرة في سياق النفي تدل على عموم السلب وشموله لجميع الأفراد الداخلة تحت العنوان.
كما هو معروف في محله.
وبهذا تعلم أن جميع أنواع القدرة عليها مسلوب عنهم،
ولكن الله جلَّ وعلا أحاط بها فأقدرهم عليها. لما علم من الإيمان والإخلاص في قلوبهم
"وإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون" [الصافات:173].
المشكلة الثانية: هي تسليط الكفار (http://www.ataaalkhayer.com/)على المؤمنين بالقتل والجراح وأنواع الإيذاء -
مع أن المسلمين على الحق. والكفار على الباطل.
وهذه المشكلة استشكلها أصحاب النَّبي –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png-،
فأفتى الله http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/glgalalh.png فيها، وبين السبب في ذلك بفتوى سماوية تتلى في كتابه جلَّ وعلا.
وذلك أنه لما وقع ما وقع بالمسلمين يوم أحد: فقتل عم رسول الله –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png-،
وابن عمته، ومثل بهما، وقتل غيرهما من المهاجرين،
وقتل سبعون رجلاً من الأنصار، وجرح –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png-، وشُقَّت شفته،
وكسرت رباعيته، وشج –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png-.
استشكل المسلمون ذلك وقالوا: كيف يدال منا المشركون؟
ونحن على الحق وهم على الباطل؟! فأنزل الله قوله تعالى:
"أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ"
[آل عمران:165].
وقوله تعالى: (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) فيه إجمال بينه تعالى بقوله:
"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حتى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمر
وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخرة
ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ"
[آل عمران:152].
ففي هذه الفتوى السماوية بيان واضح.
لأن سبب تسليط الكفار على المسلمين هو فشل المسلمين،
وتنازعهم في الأمر، وعصيانهم أمره http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png،
وإرادة بعضهم الدنيا مقدماً لها على أمر الرسول http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png.
وقد أوضحنا هذا في سورة «آل عمران (http://www.ataaalkhayer.com/)» ومن عرف أصل الداء.
عرف الدواء . كما لا يخفى) انتهى ،وللحديث بقية.
المشكلة الثالثة: هي اختلاف القلوب الذي هو أعظم الأسباب في القضاء على كيان الأمة الإسلامية .
لاستلزامه الفشل، وذهاب القوة والدوله . كما قال تعالى:
"وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" [الأنفال:46]،
وقد أوضحنا معنى هذه الآية في سورة «الأنفال».
فترى المجتمع الإسلامي اليوم في أقطار الدنيا يضمر بعضهم لبعض العداوة والبغضاء،
وإن جامل بعضهم بعضاً فإنه لا يخفى على أحد أنها مجاملة، وأن ما تنطوي عليه الضمائر مخالف لذلك.
وقد بين تعالى في سورة «الحشر (http://www.ataaalkhayer.com/)» أن سبب هذا الداء الذي عَمت به البلوى إنما هو ضعف العقل.
قال تعالى "تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى" [الحشر:14]
ثم ذكر العلة لكون قلوبهم شتى بقوله:
"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ" [الحشر:14].
ولا شك أن داء ضعف العقل الذي يصيبه فيضعفه عن إدارك الحقائق،
وتمييز الحق من الباطل، والنافع من الضار، والحسن من القبيح،
لا دواء له إلا إنارته بنور الوحي. لأن نور الوحي يحيا به من كان ميتاً ويضيء الطريق للمتمسِّك به.
فيريه الحق حقاً والباطل باطلاً، والنافع نافعاً، والضار ضاراً. قال تعالى:
"أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي الناس كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا"
[الأنعام:122]،
وقال تعالى: "الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور"
[البقرة:257]
ومن أخرج من الظلمات إلى النور أبصر الحق، لأن ذلك النور يكشف له عن الحقائق فيريه الحق حقاً،
والباطل باطلاً، وقال تعالى:
"أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
[الملك:22]،
وقال تعالى:
"وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير وَلاَ الظلمات وَلاَ النور وَلاَ الظل وَلاَ الحرور
وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلاَ الأموات"
[فاطر:19-22]،
وقال تعالى:
"مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً"
[هود:24]
الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الإيمان يكسب الإنسان حياة بدلاً من الموت الذي كان فيه،
ونوراً بدلاً من الظلمات التي كان فيها.
وهذا النور عظيم يكشف الحقائق كشفاً عظيماً. كما قال تعالى:
"مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المصباح فِي زُجَاجَةٍ الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ
يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ
نُّورٌ على نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ"
[النور:35] -
ولما كان تتبع جميع ما تدل عليه هذه الآية الكريمة من هدي القرآن للتي هي اقوم -
يقتضي تتبع جميع القرآن وجميع السنة لأن العمل بالسنة من هدي القرآن للتي هي أقوم . لقوله تعالى:
"وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا" [الحشر:7]
وكان تتبع جميع ذلك غير ممكن في هذا الكتاب المبارك،
اقتصرنا على هذه الجمل التي ذكرنا من هدي القرآن
للتي هي اقولم تنبيهاً بها على غيرها والعلم عند الله تعالى)
انتهى كلامه. (http://www.ataaalkhayer.com/)
http://www6.0zz0.com/2011/03/09/18/472116518.gif (http://www.ataaalkhayer.com/)